اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا لا يعني بالضرورة انه سيمنع قعقعة السلاح طالما انه استثنى اكبر وأشد فصيلين معارضين وهما تنظيم الدولة وجبهة النصرة، وهما فصيلان متشابهان فكريا خرجا من بطن القاعدة. وهذا الاتفاق هو دليل فشل القطبين اي روسيا والولايات المتحدة في وضع حل للأزمة سياسيا او حسمها عسكريا، فالاتفاق جاء في أوج تقدم النظام وحلفائه على الارض فيما يدعم الطرفان القوات الكردية بشقيها الديمقراطي او المرتبط بحزب العمال التركي التي باتت ترهب تركيا؛ لأنها تنتشر على حدودها الجنوبية. وحتى الآن يبدو ان الدب الروسي هو الرابح؛ لأنه فرض نفسه كطرف مقاتل قوي، بينما فشلت واشنطن في ان تتدخل او تسمح لحلفائها الاتراك والعرب كقطر والسعودية من التدخل بريا؛ لأن واشنطن تعلم ان ذلك قد يورطها مباشرة في القتال وهو ما لا تريده ولا تستطيع تلك الدول ان تتدخل وحدها دون حماية اميركية، لأن السياسة الاميركية كما يبدو سلمت لروسيا وايران دورا فاعلا في المنطقة ولا تريد مواجهته طالما ان الرئيس اوباما لا يريد التورط مباشرة في الحرب ولا يريد مثلا دعم المعارضة السورية بأسلحة متطورة كمضادات للطائرات والدروع لأنه سيكون طرفا في مواجهة روسيا. فالتدخل الروسي في سوريا جاء تحت شعار محاربة داعش لكنه شمل اغلب قوى المعارضة وبدد شملها ودمر انجازاتها وهذا استوعبته واشنطن على مضض لكنها تريد الظهور بمظهر رجل المطافئ وليس الكاوبوي لاعتبارات داخلية اميركية ولأنها تواصل سياسة خذلان الحلفاء العرب.

تستطيع روسيا الآن أن تحتفل بولادة محورها الممتد من طهران الى لبنان مرورا بسوريا والعراق حيث يشهد لبنان ايضا محاولة للانقلاب على اتفاق الطائف، وقد يسعى حزب الله بعد تعكر العلاقات بين بيروت والرياض الى عقد مؤتمر تأسيسي جديد يعيد صياغة النظام السياسي اللبناني ليخرج حزب الله هو الأقوى بسبب الفراغ السياسي على مستوى رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة. ولا يبدو ان واشنطن ستدعم المحور السني وحتى اوهام الدعم الاسرائيلي لهذا المحور فهي مجرد سراب سياسي لأن اسرائيل لا تدعم سوى اسرائيل.