أولويات ترامب محليًا هي إيجاد مخارج لمعضلات أميركا الداخلية بما فيها الهجرة، أما عالميًا فإنه سيعمل على وقف الحرب في أوكرانيا، أما في الشرق الأوسط كما يقول مستشاروه فهو يسعى لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، ويجب أن لا يرتبط بأي شروط ولا علاقة له باليوم التالي ولا حتى بمستقبل غزة ولربما يعيد النظر حتى بصفقة القرن أما النظر بخصوص الدولة الفلسطينية فقد أشار المستشار مسعد بولس إلى أن المناقشات حول "خريطة الطريق المؤدية إلى الدولة الفلسطينية" ستكون جزءاً أساسياً من المناقشات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ولم يأتي على ذكر المناقشات مع الفلسطينيين أو حتى استشارتهم.

يقول ترامب أن الأطراف في الشرق الأوسط بما فيها السعودية لم تطالب حتى الآن بإقامة دولة فلسطينية علمًا أنه "ابتداءً من 20 كانون الثاني/يناير، ستكون هناك سياسة واضحة للغاية ومحددة حول هذا الموضوع، ويجب احترامها. كما أشار بولس إلى أن الأولوية ستكون لاستئناف العمل على دول أهمها السعودية لتعميم اتفاقيات إبراهام وهو يطمح لأن تصبح إسرائيل في قيادة دول الشرق الأوسط الجديد.

أما بخصوص الدعم الأميركي لإسرائيل أعلن ترامب من وقتٍ طويل أن دعمه لإسرائيل لا يخضع للنقاش، وهنا نستذكر وعود قطعها ترامب على نفسه للسيدة مريم أديلسون تقضى بموافقة ضمنية على ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها وقد صرح بأنه سيفي بوعده تمامًا كما وفى في المرة السابقة حيث نقل السفارة الأميركية إلى القدس وأقر بملكية إسرائيل لمرتفعات الجولان السوري المحتل.

ينسجم هذا الوعد مع ما يردده صبح مساء أقطاب الحكومة الإسرائيلية خاصة بن غفير وسموترتش اللذان يطالبان بضم الضفة الغربية وتهجير السكان إلى الأردن وليس هذا فحسب بل يطالبان بإعادة الاستيطان إلى غزة مما سيقوض حتى صفقة القرن التي طرحها ترامب في فترة رئاسته الأولى. وقد أشارت صحيفة نيويورك تايمز يوم الأحد الماضي أن الجيش الإسرائيلي أقام أكثر من 19 موقع عسكري كبير ومحصن على أنقاض 600 بناية هدمها لهذا الغرض وتقدر مساحتها بـ"18كم مربع" ورغم تصريحات الساسة في أميركا برفض إعادة احتلال قطاع غزة ومع ذلك لا إجراءات تمنع بل على العكس يزداد تدفق السلاح الأميركي.

من هم شركاء ترامب في إسرائيل؟ هل هم أمثال بيني غانتس وموشي يعالون الذي دون وجل ومن على منبر إذاعة ريشت بيت الإسرائيلية صرح يوم الثاني من ديسمبر بأن الجيش الإسرائيلي يمارس التطهير العرقي والإبادة الجماعية في قطاع غزة، أم مع نتنياهو وسموترتش وبن غفير هذان الأخيرين لا يتورعان عن المطالبة عبر أبواق المستوطنين بإسرائيل الكبرى والتي حسب خرائطهم ستشمل كل فلسطين وأجزاء من دول عربية عدة بما فيها السعودية.

كيف سيتعامل ترامب مع المتغيرات في سوريا؟ وهل سيقبل بتقسيم سوريا بين الجماعات المصنفة إرهابية والتي تخدم مصالح أميركا نفسها لا بل إن الكثير من هذه المنظمات أنشأتها أميركا وتحظى بحلفاء إقليميين ودوليين خاصة تركيا التي لها أطماع بتوسيع إمبراطورتيها المبتغاة على حساب شمال سوريا. هل سيقبل ترامب بأن تضم تركيا جزء من سوريا كخطوة لتبرير أن تضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية وربما من بعض الدول العربية.

كل هذه المتغيرات تحتاج إلى وقفة جادة من قيادة الشعب الفلسطيني بحيث تسعى إلى تجنيد كل الطاقات من أجل أن يضطلع المجتمع الدولي ومؤسساته بدورهم في لجم هذا الغول الصهيوني بما يضع حدًا للعدوان يتبعه خطة وبسقف زمني محدد تنهي الاحتلال الإسرائيلي وتمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة كافة حقوقه وفي المقدمة حق تقرير المصير.

على قيادة الشعب الفلسطيني تجنيد دعم عربي وإسلامي ينسجم مع مقررات كل من جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي يسهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الضغط الدولي لإنهاء العدوان.

مطلوب من قيادة الشعب الفلسطيني تصليب البرنامج الوطني القاضي بتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة العدوان، إضافة إلى العمل على توفير مقومات الصمود لإفشال كل المخططات القاضية بتهجير شعبنا قسراً أم طوعاً.