وسط سيل من التوقعات بقرب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، كشف تقرير لصحيفة "هآرتس"، اليوم الاربعاء 2024/12/18، أن الطرفين لم يتوصلا لأي اتفاق، معتبرًا أن التفاؤل بشأن ذلك سابق لأوانه.
وسلط المحلل العسكري الأبرز في الصحيفة عاموس هرئيل الضوء على حقيقة ما يجرى في المحادثات، وقال: "كالعادة، يوصى بالتعامل مع التقارير المتفائلة بشأن التقدم غير المسبوق في المفاوضات بشأن صفقة الأسرى بقدر كبير من الحذر، ولقد حدثت بالفعل تطورات إيجابية في الآونة الأخيرة، ولكن على حد علمنا، لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بعد".
كما نقل هرئيل عن مصادر أمنية إسرائيلية نفيها ما تردد عن أن الفصائل الفلسطينية سلمت عبر وسطاء، قوائم بأسماء الأسرى لديها، مع تفاصيل كاملة عن حالتهم، مشيرًا إلى أنه لا يُعرف ما إذا كانت الفصائل ستتمكن من تحديد مكان جميع المختطفين حتى الآن.
ويلفت المحلل العسكري لهآرتس إلى أن أجواء التفاؤل بالتوصل لاتفاق التي يشيعها مسؤولون كبار في إسرائيل، وفي دول الوساطة وفي الولايات المتحدة تكمن في متغيرين رئيسيين:
المتغير الأول، هو تأثير الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي كرر بداية الأسبوع مطلبه بإتمام الصفقة بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وإلا "فسيكون الأمر سيئاً ومريرًا"، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن جميع الأطراف تأخذ هذا على محمل الجد.
والمتغير الثاني، حسب زعمه، هو أن "حماس أصبحت وحيدة، بعد أن أخرجت الجبهة الشمالية نفسها من اللعبة، من خلال وقف إطلاق النار الذي اضطرت إلى الموافقة عليه مع إسرائيل في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فيما لا تزال إيران تتعامل مع الأضرار الناجمة عن سقوط النظام في سوريا".
لكن عاموس هرئيل يشير في نفس الوقت إلى العقبة الرئيسية التي تقف دون التوصل للاتفاق، وهي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا يريد استكمال المرحلة الثانية من الاتفاق ووقف الحرب، وقال: "من الواضح لجميع الأطراف أن نتنياهو يريد العودة للقتال، ولا ينوي فعليًا استكمال المرحلة الثانية والانسحاب الكامل من القطاع".
ويؤكد في هذا السياق أن الوسطاء يؤكدون للعدو أنه بمجرد موافقة إسرائيل على المضي قدمًا في الصفقة، فإنه سيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية الانسحاب من تنفيذ المرحلة الثانية، بسبب ضغوط الولايات المتحدة والضغوط الداخلية من عائلات الأسرى.
ويتطرق هرئيل للضغوط التي يتعرض لها نتنياهو من شركائه في اليمين المتطرف، وعلى الأخص وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يحذر من إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بشكل عام، ويستمر في طموحاته بإطلاق مشروع استيطاني في قطاع غزة، فضلاً عن تهديداته بتخريب إقرار الميزانية (في إطار مطالبته بإقالة المستشارة القانونية للحكومة المحامية غالي بهاراف ميارا).
ثم ينتقل محلل "هآرتس"، للحديث عن تعقيدات عملية تبادل الأسرى، ويقول: "إحدى العقبات الرئيسية تتعلق بتوضيح حقيقة بسيطة، وهي، كم عدد الاسرى الأحياء الذين تحتجزهم الفصائل الفسلطينية؟، وبحسب تقديرات الأجهزة الأمنية، فإن عددهم أقل من نصف عدد المختطفين المائة الذين ما زالوا في القطاع".
وأضاف: "ومن أجل المضي قدمًا، سيكون لزامًا على الفصائل تسليم قائمة منظمة بأسماء الاسرى، ولكن هنا تظهر مشكلتان فرعيتان أولاهما أن هناك أسرى تحتجزهم منظمات فلسطينية أصغر حجمًا أو عائلات إجرامية محلية، والثاني أن من المحتمل أن يكون هناك اسرى سيتم تعريفهم على أنهم مفقودون، وهم الذين ماتوا أثناء هجوم 7 أكتوبر أو بعده بفترة قصيرة، وليس من الواضح أين دفنوا".
ثم يطرح الكاتب تساؤلًا يتعلق بمطالب الفصائل الفلسطينية في المفاوضات، ويقول: "ما المفتاح الذي بموجبه تكون الفصائل مستعدة لإطلاق سراح الأسرى؟ وكم عدد السجناء الفلسطينيين الذين تطالب بإطلاق سراحهم، وكم منهم ممن يعتبرون من ذوي الأحكام العالية مقابل تسليمها كل أسير تعيده؟".
ويختم هرئيل، بالتأكيد أن مخطط المراحل لصفقة وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى تمت مناقشته مرارًا، ويقوم على أساس صفقة على مراحل تتضمن أولًا صفقة إنسانية (نساء وشيوخ وجرحى ومرضى وضعهم أصعب من غيرهم)، يتبعها إطلاق سراح المدنيين والجنود، وهو ما يتطلب من إسرائيل أن تكون مرنة في المرحلة الأولى وأن تقلل من وجودها في محور "فيلادلفيا" على الحدود المصرية، وربما أيضًا في محور "نتساريم"، دون انسحاب كامل في المرحلة الأولى.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها