تحدث تلفزيون فلسطين في نشرته الإخبارية 17/11/2024 عن الطفلة ميرا أبو خوصة البالغة من العمر عشر سنوات، وهي الطفلة الوحيدة الناجية من القصف الإسرائيلي الذي استهدف عائلتها، كانت ميرا تزور جدتها عندما قصف منزل والديها في 3/ 10/ 2024، ففقدتهما وفقدت ثلاثة إخوة. عمر الأب 42 عامًا، وعمر الأم 33 عامًا، وعمر الأخ الأكبر 12 عامًا، وعمر الأخ الأصغر منها 6 أعوام، ومسك الصغرى عامان وثلاثة أشهر، وما زال الخمسة تحت الأنقاض في مخيم النصيرات. ميرا الآن مع جدتها، وعليه قس حوالي 44 ألف شهيد و104 ألف جريح، عدا عن المعدودين تحت الأنقاض.
هناك الكثير من المحطات التي تنقل أخبار المذبحة المتواصلة في قطاع غزة، ومنها من ينقل ما يحدث بمهنية عالية، ومنها من ينقل قسمًا ضئيلاً من الوجع المبثوث والصرخات الصادحة حتى عنان السماء، ومنها من ينقل ما يحدث هناك بمزاودة عالية، بحثًا عن المزيد من المشاهدات والترندات والمشاركات والتعليقات فقط لا غير.
ولكن اختياري لتلفزيون فلسطين لأنه لا يهدف لكل ما أسلفت بالحديث عنه من استغلال للمذبحة وبث الأضاليل والتسويف بالنصر المقترن بالاستراتيجية طويلة المدى وهي سمة المناضلين، وليس التكتيك قصير المدى وهو سمة المتخاذلين. اخترت تلفزيون فلسطين لأنه صاحب الألم وهو اليتيم والمفجوع والمنكوب والثاكل والأرملة وصاحب المصاب الجلل وصاحب العزاء الممتد منذ أكثر من ثلاثة عشر شهراً.
من المنطق بمكان، أن أحيي الدور الوطني لتلفزيون فلسطين في فضح جرائم الاحتلال، وتقديم الرواية الفلسطينية الحقيقية، ومتابعة كل ما يتعلق بقضايا الصراع وأخبار المواجهات، عبر شبكة مراسلين متواجدين دوما في الميدان، ويعرضون حياتهم للخطر، وحين يقدمون تقاريرهم الإخبارية تشعر وكأنهم فدائيون، ومن منا يغيب عن ذاكرته كلمات الصحفي في تلفزيون فلسطين قبل عام، سلمان البشير، بعد استشهاد زميله، محمد أبو حطب برفقة أحد عشر فردًا من عائلته بعد قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلهم في خان يونس. حينها خلع الصحفي سلمان البشير سترته وخوذته وهو يجهش بالبكاء، وقال: "لا حماية، لا حماية دولية إطلاقًا، لا حصانة من أي شيء، هذه الدروع لا تحمينا ولا تلك القبعات. هذه مجرد شعارات نرتديها، ولا تحمي أي صحفي على الإطلاق. معدات الحماية هذه لا تحمينا"، قال هذه الكلمات المؤثرة على الهواء مباشرة وسط بكاء بَيِّن من المذيعة ضحى الشّامي.
تلفزيون فلسطين يعطي الأولوية دومًا لخبر الشهيد، ويخصص حيزًا مناسبًا لقضايا الأسرى وعائلاتهم وقصص نجاحاتهم. والجدير بالذكر، أن مقرات تلفزيون فلسطين قصفها ودمرها الاحتلال أكثر من مرة.
وفي الجهة المقابلة، نرى ضعف إمكاناته المتاحة في مواكبة الأحداث الساخنة، مقارنة بفضائيات كبرى ومتخصصة، تملك ميزانيات مالية ربما تكون أكثر من ضعف ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية المالية، وضعت ثقلها تمامًا لنقل الخبر بطريقة "دس السم في الدسم".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها