بسم الله الرحمن الرحيم

يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في الوطن والشتات،

نقفُ اليوم على أعتاب الذكرى الستين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي غيّرت معادلات الصراع وفتحت أبواب الأمل أمام شعبنا لاستعادة حقوقه المغتصبة، وشكّلت علامةً فارقةً في تاريخ شعبنا ومسيرته النضالية المستمرة. ستةُ عقود مضت على ميلاد الطلقة الأولى في الفاتح من يناير عام 1965، يوم تحوّل الألمُ إلى فعل نضالي كفاحي، والنكبةُ إلى شرارة ثورة، والخيامُ إلى مواقع للكرامة والعزّة. 

 

"ستون عامًا صمود - ثبات"، شعارٌ يجسّد إرث حركة "فتح" ومسيرة شعبنا النضالية، حيث لا زلنا نقف بصلابةٍ وصمود في وجه كل المؤامرات التي تستهدف تصفية قضيتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة. من نفق عيلبون إلى صمود بيروت، ومن انتفاضات شعبنا إلى معركة الدفاع عن القدس وإنجاز الدولة، خطّت "فتح" صفحات مشرّفة من الكفاح والنضال، ورسّخت الهوية الوطنية الفلسطينية في وجه مشاريع الاحتلال ومحاولات التهجير والاقتلاع، وهي في كل ذلك ثابتة على الثوابت لم تبدّل تبديلا.

 

أبناء شعبنا الصامد المرابط الثابت على الثوابت، 

تحلّ الذكرى الستين لانطلاقة المارد الفتحاوي هذا العام في ظل ظروف استثنائية، إذ يواصل الاحتلال منذ السابع من أكتوبر ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة العزّة والتصعيد من عدوانه الوحشي على كل ما هو حي، ممّا أدى لارتقاء وإصابة وفقدان مئات الآلاف من أبناء شعبنا،  علاوةً على تدميره الممنهج لكل مقومات الحياة في غزة. وبالتوازي مع ذلك لا ينفك الاحتلال عن الإمعان في تصعيد جرائمه بحق أهلنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة، عامدًا إلى ارتكاب الإعدامات الميدانية وتنفيذ حملات الاعتقال الجائرة، وتهويد مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وتوسيع المستوطنات الاستعمارية وفرض وقائع ميدانية تهدف إلى اقتلاع شعبنا الفلسطيني من أرضه. وأمام هذا العدوان المسعور، نشدد في ذكرى الانطلاقة المجيدة أنّ هذه الجرائم المتواصلة تؤكد أن المعركة مع الاحتلال لم تنتهِ، بل تتطلب منا مزيدًا من الوحدة والتكاتف، والاستمرار في الدفاع عن حقوقنا وثوابتنا الوطنية.

  

وإذ نحيي هذه الذكرى الوطنية، فإنّنا في إعلام حركة "فتح" في لبنان نغتنمها فرصةً لنجدّد التأكيد على أن "فتح"، التي قادت النضال الوطني وما زالت، تحمل في هذه الذكرى العهدَ لشهدائنا وأسرانا وجرحانا بأننا باقون على الثوابت التي أرسى دعائمها قادتُنا الشهداء وفي مقدّمهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، متمسكون بحقوقنا الوطنية خلف حامل الأمانة سيادة الرئيس محمود عباس، مُصرّون على الوقوف في وجه كل المشاريع التصفوية التي تستهدف وجود شعبنا وقضيتنا، حتى دحر الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فشعار حملتنا، "ستون عامًا صمود - ثبات"، ليس مجرد عبارة؛ إنما هو تأكيد على استمرارية النضال بصمود وثبات رغم كل المؤامرات والتحديات.

 

وفي هذه المناسبة نتوجّه بالتحية إلى أبناء شعبنا البواسل في كل مكان، ونثمّن دور جماهيرنا في الوطن والشتات، الذين يواصلون التصدي لمخططات التهجير والتصفية، ويؤكدون تمسكهم بحق العودة. كما نحيي كلّ الأحرار حول العالم الذين يقفون إلى جانب قضيتنا العادلة، مطالبين المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والضغط على الاحتلال لوقف عدوانه المتواصل، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها.

 وإزاء التحديات المحيقة بقضيتنا، نجدد دعوتنا للكل الوطني الفلسطيني لترسيخ وحدتنا الوطنية الفلسطينية قولاً وعملاً تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.

 

يا أبناء الفتح، يا حرّاس الحلم الفلسطيني،  

إنّ "فتح" التي بدأت مشوارها بطلقةٍ تحوّلت إلى ثورةٍ وقرار، ستبقى كما عهدتُموها درعًا للوطن، وحاميةً للمشروع الوطني الفلسطيني المستقل، وفجرًا يتجدّد في سماء فلسطين. وإذ نستذكر معًا ستة عقودٍ من الكفاح، نؤكّد أن هذه الحركة العملاقة التي تعمّدت بدماء الشهداء ستواصل مسيرتها، صامدةً وثابتةً وباقيةً على العهد، حتى تحقيق النصر والتحرير والعودة.  

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، 

والحرية لأسرانا البواسل،

 والشفاء لجرحانا الميامين،

وإنها لثورة حتى النصر

إعلام حركة "فتح" لبنان