من حيث الشكل قرارات القمة العربية ال (24) في الدوحة تعتبر نجاحا للقمة وللقيادة الفلسطينية والدولة المضيفة. ولكن السؤال المباشر والفوري، هل هي القرارات العربية الاولى في تاريخ القمم الجيدة؟ وهل نفذت قرارات القمم السابقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية؟ ألم تتخذ قمة طرابلس ومن ثم قمة بغداد قرارات بتشكيل صندق بقيمة (500) خمسمائة مليون دولار لدعم القدس؟ وهل سددت الدول العربية المبلغ المذكور كله؟ وهل التزمت الدول العربية بتأمين شبكة الامان المالية لموازنة دولة فلسطين ومقدارها مئة مليون دولار اميركي؟ وبشأن تشكيل اللجنة المقرر ان تزور الدول دائمة العضوية في مجلس الامن والعديد من الاقطاب الدولية، هل هي اللجنة الاولى التي يشكلها العرب لمثل هذا التحرك؟ وهل المشكلة في تشكيل اللجان ام في الاداء العربي؟ وهل لدى القادة العرب الرغبة بالحد الادنى الممكن لاستخدام اوراق القوة العربية لدعم القضية واهداف الشعب الفلسطيني؟ وما هي معايير ذلك؟ ما الذي يجعل المرء يصدق الرغبة العربية الرسمية في إحداث تحول جدي نحو الاهداف الوطنية؟ وهل الـتأكيد على ان القيادة الفلسطينية شريك اساسي في عملية السلام مؤشر على ذلك ؟ وهل كان الفلسطينيون بحاجة لهذا التأكيد؟ أليس الفلسطينيون هم اصحاب القضية، وهم الذين القى العرب في حجرهم تحمل اعباء قضيتهم بعد مؤتمر مدريد 1991 وقبل ذلك منذ وقع السادات اتفاقية كامب ديفيد الاولى، وحاولوا النأي بأنفسهم عن أية تبعات عن حل المسألة الفلسطينية؟ ام ان الادارة الاميركية اعطت الضوء الاخضر لبعض العرب ليتحركوا باتجاه تحريك المياه الراكدة في التسوية وخاصة على المسار الفلسطيني ? الاسرائيلي ارتباطا بتحركاتها لترتيب شؤون الاقليم؟ وبالنسبة للقمة المصغرة في القاهرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية ، ما الذي جرى ليبادر امير قطر لعقد القمة؟ ولماذا لم يتمكن من إلزام شركائه حركة حماس والاخوان المسلمين عموما بما تم الاتفاق عليه في إعلان الدوحة؟ ولماذا انتظر كل هذا الوقت؟ وما هو الهدف الحقيقي من وراء هذه الدعوة؟
قرارات جيدة ومرحب بها جميعها. وهي تستحق الثناء. غير ان المشكلة ليست في صدور القرارات عن القمة العربية، إنما في الارادة العربية القادرة بتطبيق وتنفيذ القرارات، التي تتخذها. والشروع في وضع آليات حقيقية كي ترى النور على الصعد المختلفة. القيادة برئاسة محمود عباس والقوى الوطنية جميعها تبارك القرارات وصفقت لها، ولكن لا يوجد يقين لدى اي فلسطيني بأن القرارات سترى النور. لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والفلسطينيون لدغوا الف مرة بقرارات عربية لمعت حين صدورها عن القمم السابقة كالذهب في عيونهم، ولكنها تلاشت مع تقادم الزمن، وضاعت تحت ركام الاتربة في خزائن وادراج الجامعة العربية.
الفلسطينيون لا يريدون من احد بيعهم كلاما معسولا، وقرارات براقة. بل يريدون مواقف وقرارات واقعية تستطيع الدول العربية تطبيقها لدعم التوجهات الوطنية.
ومع ذلك على الفلسطينيين ان لا ييأسوا من رحمة القمم العربية، والتطورات العربية والاقليمية والمصالح الاميركية والاسرائيلية، التي يمكن ان تحيي عظام القرارات وهي رميم. وبالتالي عليهم (الفلسطينيين) تجاوز لحظة الاحباط والقنوط وفقدان الامل بمؤسسة القمة العربية، لعل وعسى حدوث ما هو خارج الحساب.
لكن ستبقى الاسئلة الواردة اعلاه، ناظماً لكل فلسطيني، وهو يراقب التطورات لتنفيذ القرارات العربية, وعلى المراقبين، الانتباه لما يجري في الساحة الوطنية والعالم العربي والاقليم والساحتين الاسرائيلية والاميركية تحديدا لقراءة إمكانية التنفيذ او عدمه للقرارات العربية بشأن فلسطين. وقادم الايام كفيل باعطاء الجواب.