"إن الكرامة والحرية هي أغلى ما يملكه الإنسان".. هذا المبدأ خطه القائد الأسير كريم يونس عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في رسالة لرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية سيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، هو ابن أم فلسطينية رمز، شهيدة وشاهدة على الاستعباد الصهيوني الاسرائيلي الاحتلالي العنصري ابن الحاجة أم كريم يونس (صبحية وهبة يونس)- لروحها السلام– التي ظلت تنتظر حرية أغلى ما لديها في الدنيا كريم وأخوه الأسير ماهر، لكنها رغم قهرها حاجز الصبر، إلا أن السماء رأت تحرير روحها من عذاب انتظار حرية فلذة كبدها كريم وأخيه ماهر، فالحاجة صبحية الفلسطينية الحرة الكريمة العزيزة، تحملت آلام الصبر لأكثر من نصف عمرها الذي عاشته بين حب وحياة على أرضها وبين قلق على مصير ابنها البطل وشقيقه الذي كان قاب قوسين أو أدنى من ارتقاء روحه بأي لحظة، فهي أم المناضل الفدائي الذي أدى واجبه ببطولة قبل وقوعه في قبضة الغزاة المحتلين، وأم أسير قد تنتقم منه منظومة الاحتلال الاسرائيلي بسفك دمه تحت عناوين المحاكم والحكام القضائية اللاشرعية واللاقانونية أصلاً.. حتى عندما رفعت المنظومة الظالمة عنه حكم الاعدام وأنزلته إلى المؤبد ثم إلى الأربعين عامًا، فإن اليوم عند الحاجة صبحية أم كريم كما قرأته على وجهها بأربعين يوما مما يعد الناس!


فعلاً يتمنى المرء لو أنه كان ابنا لهذه الأم الفاضلة الكريمة بصبرها وعطائها (أم الكريم) ببطولته وفلسفته النضالية والكفاحية، وبحبه لوطنه، فأنا ما زلت أذكر قولها لي بعد تقبيل رأسها أثناء حضرتها على أرض الاعتصام في الخان الأحمر بوابة القدس: "أنتم جميعًا أبنائي" فأدركت حينها سر الصبر العظيم والأمل الأعظم الذي يجعل أمهاتنا المناضلات رموزًا للصبر بين نساء العالم أجمعين.
نقرأ تكريم سيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" لأم كريم يونس- لروحها السلام- والدة نيلسون مانديلا فلسطين ككتاب تكريم للأم الفلسطينية، الشبيهة بالأرض التاريخية والطبيعية، التي تمنح أبناءها الحب وتعلمهم القيم، وتثبت في عقولهم وقلوبهم معاني الكرامة والعزة والإباء المتوجة بالحرية، فكريم ابن الحاجة صبحية وأخوه ماهر لمن لا يعرف قد هزما المنظومة الصهيونية وخططها القصيرة والطويلة الأجل في تذويب الشخصية الوطنية الفلسطينية، وصهرهها وصبها في قوالب جديدة خالية من الانتماء، عندما فاجأ ابن بلدة (عارة)- شمال فلسطين التاريخية والطبيعية- بعمله البطولي- قتل جندي اسرائيلي محتل- كيان منظومة الاحتلال حتى صار رمزاً فلسطينيًا وطنيًا كفاحياً سياسيًا، واسمًا بارزًا في سجل الفداء والشرف الوطني.
كتبنا في مقال سابق قبل سنتين تقريبًا وفي هذه الزاوية تحت عنوان "لا تبك يا أمي.. كريم يونس عين الحرية أنت" حول القائد الأسير كريم يونس الذي كتب لسيادة الرئيس أبو مازن: "نحن لا نتطلع إلى خلاصنا الشخصي وإنما إلى خلاص شعبنا من الاحتلال، فحريتنا مرتبطة بحرية شعبنا ونيله حقوقه المشروعة والثابتة.. فنحن نقف معك في جهودك وإصرارك على إنهاء أطول احتلال في التاريخ المعاصر، وإطلاق حرية الأسرى كجزء من الحل السياسي وليس على هامش هذا الحل، نحن نرفض المقايضة الإسرائيلية ووسائل التلاعب وسياسة التمييز العنصري الإسرائيلي، لأننا جزء لا يتجزأ من شعبنا العربي الفلسطيني ومصيرنا مرتبط بمصير هذا الشعب، نرفض المحاولات الإسرائيلية العنصرية باستخدامنا ورقة مساومة للضغط على سيادة الرئيس والقيادة الفلسطينية على حساب حقوق شعبنا العادلة، فنحن ناضلنا وضحينا من أجل حرية فلسطين وكرامة شعبنا البطل".
أتمنى أن أحضنه وأقبله.. أشتاق لاحتضان كريم ولو لمرة واحدة على الأقل.. لقد وضعوا بيننا فاصلاً زجاجيًا وكنت أكلمه من خلال الهاتف خلال الزيارات، وقال لي عندما رآني أبكي: "هنا يا أمي 11 ألف أسير وأنا واحد منهم.. ولهؤلاء الأسرى الشباب أهل وزوجات؟ أنا واحد من هؤلاء الشباب.. فلا تبك يا أمي فأنا معتقل بسبب عمل مشرف".
 كانت أم كريم واثقة بقوة وقدرة كريم على الصمود والتحدي، فقد قالت يومًا: "هو مثقف، يقرأ كثيرًا في سجنه، وهو قائد وكريم بالنسبة لي كأم فخر كبير".
انتظرت الحاجة صبحية يونس (أم كريم) اشعاع حرية كريم عند كل صفقة، فمرت الصفقات، لكن كريم الذي سيعانق الحرية مطلع العام القادم لن يحظى بعناق والدته التي ارتقت روحها إلى بارئها وهي تتمنى عناق فلذة كبدها ولو لمرة واحدة، فلروحك السلام يا أمنا.. ولك الحرية يا فخرنا.

 

المصدر: الحياة الجديدة