جويد التميمي

خمسون عاما من النضال الدؤوب عاشها ايقونة المقاومة الشعبية في جنوب فلسطين الشيخ سليمان الهذالين (75 عاما)، قبل أن تطاله آلة البطش الإسرائيلية منهية حياته.

فاضت روح الشيخ الهذالين، في الساعات الأولى من صباح اليوم في مستشفى الميزان بالخليل، عقب اوجاع وآلام كابدها، لإثني عشر يوما، بفعل الكسور والجروح البليغة التي اصابته جراء دعسه من قبل آلية تابعة لقوات الاحتلال في الخامس من كانون الثاني الجاري، خلال تصديه لمحاولات الاستيلاء على أرضه في قرية أم الخير شرق بلدة يطا جنوب الخليل.

"كان ناشطا ومدافعا جسورا عن أرضه وأراضي المَسافر - مَسافر يطا - منذ 50 عاما لم ينقطع فيها يوما عن مقاومة الاستيطان وتغول الاحتلال في مناطق جنوب الخليل، حيث تقع عشرات القرى الصغيرة والخرب النائية وسكان الكهوف" قال ماجد الهذالين عم الشهيد الشيخ.

وأضاف "حكايته مع مستوطنتي "كرمئيل" و"ماعون" الجاثمتين على أراضي العائلة في أم الخير، حكاية طويلة ومليئة بالعذابات وممتدة منذ نشأة الوجود الاستيطاني في المنطقة بعد استيلاء غلاة المستوطنين على 200 دونم من أراضي العائلة".

كان الشيخ الشهيد الهذالين، ذو اللحية الطويلة البيضاء، متميزا بهندامه ولباسه العربي، وبمصحفه وعلم فلسطين وعكازه الذي لطالما لوح به في وجه "الغزاة".. يرتدي الكوفية والقمباز التقليديين، وأكثر من ذلك متميزا بتقدمه للصفوف الأمامية في عملية المواجهة الدائمة، وفي الفعاليات الشعبية، خاصة في مسافر يطا وجنوب الخليل التي شارك فيها وزراء وسفراء وقناصل دول عربية واجنبية وأعضاء كنيست.. وكان جريئا لا يخشى الجنود والمستوطنين المدججين بالسلاح، ولسانه يصدح بلكنته البدوية مكبرا: "يسقط الاحتلال.. يسقط الاستيطان.. اللهم حرر الأسرى والمسرى".

وبحسب عمه ماجد الهذالين، فقد كان لعملية دعسه واصابته وقعٌ كالصاعقة على كل محبيه ورفاقه في النضال وكل أبناء شعبنا الفلسطيني، لتميزه وحضوره الدائمين بالمشاركة في كافة الفعاليات الوطنية المناهضة للاحتلال والمقاومة للاستيطان، فهو حارس البيدر وأيقونة المقاومة.

يقول شقيقه إبراهيم الهذالين (53 عاما)، ولد الشيخ الشهيد سليمان الذي تمنى الشهادة ونالها في قرية ام الخير بخيمة بدويه بسيطة بدائية، على أراض اشتراها والده قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967، إذ لا يسمح الاحتلال بأي تغيير في الواقع الذي كان قائما في القرية قبل احتلالها، بل نفذ فيها أكثر من 15 عملية هدم ما زالت آثارها ماثلة للعيان حتى اليوم.

وكان الشهيد يقطن وزوجتاه وابناؤه الاثني عشر نفرا (5 اناث و7 ذكور) اكبرهم عادل (41 عاما) وأصغرهم (عمر 23 عاما) في بيت من الصفيح والخيش في قرية ام الخير جنوب الخليل.

وأضاف ابراهيم لــ"وفا" لم يتوقف الأمر عند الشهيد الراحل وعند عائلاتنا على الملاحقة والطرد والترحيل والهدم ومنع البناء، بل أخذت المأساة بعدا آخر، بالشروع عام 1982 في بناء مستوطنة "كرمئيل" التي لا يفصل بينها وبين خيمتنا سوى أسلاك شائكة ربطت بها حبال خيمتنا التي تكرر هدمها من قبل الاحتلال.

وتابع: اليوم امتدت المستوطنة المذكورة غربا وجنوبا وشمالا لتلتهم مزيدا من أرضنا، بينما نحن لا نستطيع إضافة أي بناء حيث يهدف الاحتلال من خلال قيوده، وسياساته العنصرية، لإرغامنا على الرحيل، والبحث عن مكان نستطيع البناء والعيش فيه، لكن هذا لن يكون وسنبقى متجذرين ومتشبثين بأراضينا، ولن نبرح قريتنا أم الخير مهما تصاعدت اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه.

ويقطن قرية ام الخير 30 اسرة فلسطينية جميعها من عائلة الهذالين ويبلغ تعدادها 200 نفر، وهي جزء من التجمعات البدوية الخمسة الكبرى في مسافر يطا التي يقطنها 5 آلاف مواطن وهي قرى الكعابنة، الزويديين، والنجادة، وخشم الدرج، وام الخير.