في تذكر غسان استحضار لحياتنا كفلسطينيين.
استحضارٌ واجبٌ لمسيرة حافلة بالعطاء وبالمزاوجة الحقيقية بين كل أشكال النضال.
في تذكر غسان تذكر لفلسطينيتنا، لكل ما يجعل منا فلسطينيين، للألم الذي يعطب قلوبنا كلما تذكرنا البلاد التي سرقها الغزاة منا وظلت لنا، للوجع الذي نحسه ونحن نعيد تركيب حياتنا بعد تيه الشتات القهري، للدمع الذي يسح على العيون ونحن نستذكر أيام الصبا حين كانت القدس حارسة السماء ويافا عروس البحر وكانت عكا بوابته التي لا تخافه وبئر السبع خوذة الصحراء التي تقيها سيوف العدا.
في تذكر غسان تذكر لماضينا ولواقعنا ولما نصبو إليه.
تمثل حياة غسان مقطعاً مهماً من حياة شعبنا. فغسان الطفل ولد في عكا في عام الإضراب الشهير 1936 وعاش في يافا أرض البرتقال الحزين وحمل معه أحلام البلاد حين هجّرت العصابات الصهيونية أهلها وسرقت حتى ماضيهم وذكرياتهم، وكتب عن حيفا رائعته التي ناقشت سؤال الهوية بشكله الأعمق. بذلك جمع غسان بين أهم ثلاث درر في الساحل الفلسطيني. بعد النكبة التحق غسان بالثورة الفلسطينية باحثاً عن استرداد أحلامه ومستقبله.
غسان حكاية فلسطينية بامتياز. حكاية الشاب الذي كرّس حياته لفلسطين، كتب لها وكتب عنها وعمم أدبها ونتاجات مبدعيها وقرأ ما يقول خصومها حتى يفهم عقليتهم العنصرية اللاإنسانية بشكل أوضح كما كتب لأطفالها.
كان غسان موسوعة تنمو مع الوقت، موسوعة تختصر حكايات الجدات وأغانيهن عن ظريف الطول والجفرا والفدائي الأسمر والحبيب الذي طال انتظاره، موسوعة تعرف فلسطين وتريدها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها