بقلم: ريم سويسي
"لسنا خرافًا تُجز نحن بطولات رغم المقصلة"، بهذه الكلمات بدأ الحاج أبو رائد دلول حديثه عن حالة الصمود داخل حي الزيتون شرق مدينة غزة منذ بداية الحرب وحتى اليوم.
يقول دلول: "حي الزيتون لم يخرج منه الاحتلال منذ بداية الحرب، وما يسمى محور "نتساريم" موجود في حي الزيتون من الشرق إلى الغرب، وإلى الآن لم تخرج الآليات العسكرية منه، أي أن الحرب لم تتوقف في هذا الحي".
ويضيف الحاج (97 عامًا): "يوميًا هناك مجازر تُرتكب في الحي، وبلغت نسبة الدمار فيه أكثر من 80% كما باقي قطاع غزة"، لكن المؤكد أننا لن نخرج ولن نغادر حتى وإن كلفنا الأمر أرواحنا".
ويتابع: "أهالي الحي لم ينزحوا ولم يتم إخلاء المنازل، بل على العكس فإن هذا الحي استقبل آلاف العائلات التي نزحت مؤخرًا من شمال قطاع غزة بعد العدوان والإبادة الجماعية في جباليا شمال القطاع".
وفقًا لمصادر محلية، فإن من نزح من أهالي الحي يمثلون فقط 10% من إجمالي السكان أغلبهم باتجاه مدينة غزة والباقي باتجاه الجنوب.
يقع حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وهو أحد أشهر أحياء البلدة القديمة، وأكبر أحيائها من حيث المساحة التي بلغت حوالي 9 آلاف و156 دونمًا، يحده من الشمال حي الدرج، وسوق القيسارية، ومن الجنوب حمام السمرة، ومن الشرق قصر الباشا.
ويختم الحاج حديثه بالقول: "استقبلنا نازحين من شمال القطاع، وفتحنا المدارس ومباني وزارة الأوقاف لاستيعاب النازحين من خارج الحي".
في الـ20 من شباط/فبراير الماضي، شنّ جيش الاحتلال بمشاركة لواءين عملية عسكرية على حي الزيتون، تركّز على البنى التحتية، ووقف الأهالي سدًا منيعًا أمام محاولات الاحتلال اقتحام المدينة من المنطقة الشرقية الجنوبية.
من جهته، يقول أبو محمود صيام من حي الزيتون، عن المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن بين ترقب الخوف وقرار عدم النزوح: "يوميًا هناك قصف مدفعي ومروحي، وكان آخره استهداف مدرسة الفلاح الذي أسفر عن استشهاد عشرات النازحين".
ويضيف: "لم نغادر ولن نغادر الحي رغم الدمار الكبير الذي وصل إلى 80% من مباني الحي وبنيته التحتية".
ويكمل: "أخذنا في الحي قرارًا بعدم النزوح، بل شكلنا فرقًا ميدانية تخرج لتعزيز صمود الأهالي في الحي طلبًا للبقاء وعدم الخروج مهما كلف الأمر".
وفيما يتعلق بأسباب هذا التوجه، يقول صيام: "ليس هناك بديل آمن أولاً، واقتناعًا منا بأن عدم الخروج من الحي سيُفشل أي مخططات لاجتياحه أو إخلائه من السكان كما حصل في مدن شمالي القطاع".
ويختم: "في بداية اجتياح الاحتلال لحي الزيتون، لم يكن لدينا ماء ولا طعام على مدار عشرين يومًا، كنا نعجن الخبز ونجففه، ثم نأكله دون أن يتم خبزه حيث لا خشب لدينا".
وفي 4 آذار/مارس 2024 الماضي، أعادت قوات الاحتلال انتشارها في الجانب الشرقي من الزيتون، في إشارة إلى إصرارها على البقاء في الحي الذي تراه ضمانة لسيطرتها على شمال قطاع غزة. وفي 5 أيار/مايو 2024، نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية استمرت ستة أيام، حيث تعمد حينها إحراق أكثر من 75 منزلاً بمحاذاة مستوصف الزيتون ومنطقة المصلبة وشارع مسجد علي، فضلاً عن تدمير المستوصف الذي يخدم عشرات آلاف المواطنين سواء من أهالي الحي أو المناطق المحيطة به، وكذلك تدمير آبار المياه وشبكات الكهرباء والصرف الصحي.
وفي 24 آب/ أغسطس 2024، عاد جيش الاحتلال للتوغل البري في الحي مصحوباً بعمليات قصف جوي.
ولا يختلف الحال لدى السيدة ربيعة أيوب (من سكان الحي)، إذ تقول: "نعيش حرباً عصبية، فنحن بين سنديان قرار الصمود وبين ثمن هذا الصمود، إضافة إلى معاناة مرارة غياب القدرة الحياتية، فمياه الصرف الصحي في الحي مشكلة نعانيها بسبب تدمير البنية التحتية بالكامل".
وتضيف: "الروتين اليومي لنا في الحي أصبح كالتالي: من الساعة 4 فجرًا حتى الساعة 6 صباحًا، قذائف المدفعية وطائرات الاستطلاع من نوع (الكواد كابتر) تجرد المنطقة، ومن المغرب حتى الساعة 12 ليلاً، لا حركة ولا تجول في المنطقة خوفًا من أي قصف مفاجئ".
وتختم: "رغم ذلك لن نغادر، دمروا البيت فوق رؤوسنا لن نغادر".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها