بقلم: حسين السنوار
أصبحت الدراجات النارية ثلاثية العجلات أو ما يطلق عليها في قطاع غزة "التوك توك"، وسيلة نقل شبه أساسية، لنقل الركاب بعد توقف أغلب وسائل النقل المعروفة لانقطاع الوقود الذي يحرم الاحتلال الإسرائيلي المواطنين منه منذ عدوانه المتواصل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
يتزاحم الركاب من أجل أن يحظى أحدهم بنصيب الصعود على ظهر "التوك توك" ليصلوا إلى مشوارهم بعد عناء التنقل لازدحام الشوارع بالركاب والمارة والعربات التي تجرها الحيوانات التي حلت بقوة في قطاع النقل والمواصلات.
وانعكس العدوان الاسرائيلي المستمر منذ أربعة عشر شهرًا على قطاع غزة، بشكل سلبي على قطاع النقل والمواصلات بعد منع ادخال الوقود والزيوت المعدنية للقطاع وتدمير عشرات الآلاف من المركبات والحافلات وتسويتها بالأرض ولشح قطع الغيار ولوازم السيارات والحافلات.
قال المواطن سامي الحصري: إن "الظروف الصعبة التي حلت بالقطاع أجبرتهم على الاعتماد بشكل كبير على التوك توك"، مضيفًا: "ننتظر ساعة أحيانًا كثيرة لنجد وسيلة مواصلات لننتقل إلى المكان الذي نريد الوصول إليه وغالبًا لا نجد وسيلة سوى "التوك توك" الذي يفتقر لأدنى مستويات الأمان.
وأردف قائلاً: السائق لا يراعي في أغلب الأوقات سبل الأمن والسلامة للركاب وكل ما يهمه فقط أخذ أكبر عدد ممكن من الركاب في المشوار الواحد من أجل تحصيل ثمن الغاز الذي يعتمد مالكو هذه المركبات عليه، من خلال وضع أسطوانات الغاز عليها لتشغيلها، بعد تركيب محول خاص يعمل على حرق الغاز لتشغيل المحرك.
ويقول المواطن حسام أبو عياش: "أشعر بالمهانة عند خروجي لأي مشوار، لأنه لا توجد وسيلة سوى "التوك توك" في أغلب الأحيان الذي لا توجد به سبل السلامة، ولتكدس وتزاحم الركاب داخل القاطرة التابعة له، ما يعرض حياة جميع الركاب للخطر".
وأضاف: "عند صعودك على ظهر المركبة فإنك تصادف الرجل والمرأة والطفل وكبير السن وكل منهم يريد قضاء مشواره رغم الصعوبة في المواصلات ويأخذ على عاتقه تحمل مرارة التنقل في سبيل الوصول إلى المكان الذي يريد الذهاب إليه".
وأشار أبو عياش إلى أن الراكب على "التوك توك" قد يصادف بضائع وأنابيب غاز وأكياس دقيق وغيرها ولكنه مجبر على تحمل ذلك لأنه لا توجد وسيلة أفضل من ذلك، مبينًا أن الراكب يفضل الصعود على ظهر التوك توك على الصعود على عربة الكارو التي يجرها حيوان لأن "التوك توك" أسرع منها.
ويقول المواطن كمال سلامة: أصبحت أخشى النقل عبر استخدام "التوك توك" وأفضل قضاء مشواري عبر المشي على الأقدام في كثير من الأحيان بعد إصابتي بكسور بقدمي وتركيب البلاتين خلال ركوبي على المركبة بعد صدم أخرى قدمي الظاهرتين من جانب "التوك توك" لعدم وجود جدار حماية فيه.
وقال سائق "التوك توك" يوسف العطار: "أعمل عليه منذ سنوات لنقل البضائع وغيرها من الأشياء الثقيلة ولكن خلال فترة الحرب ولقلة نقل البضائع أجبرت على أن أحوله لوسيلة لنقل الركاب لأتمكن من توفير مصروفات عائلتي التي تزداد يومًا بعد آخر بسبب حالات النزوح المتكررة والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الأساسية والتموينية، لإغلاق المعابر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وذكر أن المركبة تفتقر لأدنى سبل السلامة للركاب لعدة أسباب منها عدم وجود كراسي لجلوسهم، وإجبارهم على الوقوف طوال الطريق، ولعدم وجود جوانب تغلقه، ويكون الراكب من دون حماية خارجية، ما يعرضه للخطر.
بينما يقول صاحب "التوك توك" وسائق آخر أحمد عويضة: إنه "قام بتحويل "التوك توك" الخاص به ليعمل على غاز الطهي بدل البنزين المقطوع من أسواق غزة منذ بداية الحرب للعمل عليه ليتمكن من توفير مصروفات الحياة المرتفعة"، لافتًا إلى أن أسعار الغاز مرتفعة جدًا ولكن يمكن توفيرها أفضل وأسرع من البنزين حيث يصل سعر الكيلو منه من 40–60 شيقلاً حسب توفره في الأسواق وتلاعب التجار في أسعاره، ومن الممكن أن يختفي لفترات طويلة ويرتفع سعره لأكثر من ذلك بكثير ليصل سعر الكيلو 100 شيقل للكيلو الواحد.
وأشار إلى أن حمولة المركبة من المفترض ألا تزيد على أربعة ركاب في القاطرة إلا أن أغلب الطلبات يكون عدد الركاب من 12-15 راكبًا، وهذا بحد ذاته أمر خطير خاصة وأن المركبة تعمل على ثلاث عجلات وتكون حركة التحكم بتوازنه صعبة لحد ما لازدياد الحمولة عن الحد المسموح بها ومن الممكن أن يهوى بالركاب ويعرض حياتهم للخطر.
ويوضح سائق السيارة محمد أبو حطب، أنه قام بتفصيل قاطرة من أجل استخدامها في نقل الركاب من خلال تركيبها خلف السيارة بسبب ارتفاع أسعار الدولار في الأسواق، كما أنه لا يباع إلا في السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جدًا يصل سعر اللتر الواحد من 70–80 شيقلاً هذا في الأوقات الذي يتوفر في السوق وفي أحيان أخرى يصبح شحيحًا ويرتفع سعره أكثر من ذلك.
وأضاف: إن ارتفاع أسعار الوقود الجنوني ينعكس بشكل سلبي على المواطن حيث أنه يجبر على دفع أجرة عالية، لافتًا إلى أن أسعار المواصلات في قطاع غزة ارتفعت لأكثر من خمسة أضعافها وكل ذلك يشكل عبئًا على عاتق المواطن المحاصر والمضطهد بسبب الحرب والعدوان.
وأشار أبو حطب إلى أنه في حالة الإخلاء الذي تفرضه قوات الاحتلال على المواطنين من حينٍ لآخر فإن أسعار النقل تتضاعف ربما لأكثر من عشرين ضعفًا في المشوار الواحد.
وأوضح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي وخلال اجتياحها البري للقطاع دمرت عشرات آلاف المركبات والحافلات وكبدت أصحابها خسارة كبيرة ما انعكس سلبًا على المواطن وعلى قطاع النقل والمواصلات بشكلٍ عام.
صاحب عربة "كارو" عبد الله الأسطل، لفت إلى أن الركاب يفضلون استخدام "التوك توك" في التنقل لأسباب عدة منها السرعة في الحركة ولتساوي أو تقارب الأجرة مع "الكارو"، مبينًا أن الراكب يستخدم عربات "الكارو" في المناطق التي يصعب أن يسير فيها "توك توك" أو المركبة كالمناطق المكتظة والمزدحمة أو الشوارع الرملية فيقوم بالاعتماد عليها كوسيلة مواصلات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها