بقلم: طارق الأسطل
يتسلل الرعب والذعر حين يحل الليل على النازحين في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، إذ تتلذ آلة الحرب الإسرائيلية في قتل وحرق المواطنين وهم نيام في خيامهم.
وتتعمد قوات الاحتلال تركيز قصفها وإطلاق نيرانها وقذائفها في ساعات المساء والليل بهدف إرهاب المواطنين، وإيقاع أكبر عدد منهم من الشهداء والمصابين، في ظل عدم تمكن الطواقم الطبية والطواقم المختصة من الوصول إليهم بسبب الظلام الدامس وشح الإمكانيات، ما يبقي العديد منهم تحت الركام وفي الطرقات ينزفون إلى أن يرتقوا شهداء.
استهدف جيش الاحتلال أول أمس خيام النازحين في شارع أصداء في مواصي خان يونس، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات المدنيين أغلبيتهم من الأطفال والنساء، فيما كانت أغلب الجثث متفحمة جراء احتراقها بفعل قصف الاحتلال، كما انفجرت طائرة مسيرة في ساعة متأخرة من الليل في خيمة في منطقة البشير بمواصي خان يونس تعود لعائلة الطهراوي أدت الى استشهاد وإصابة أكثر من 15 مواطناً كانوا بداخلها.
يقول المواطن محمد الأسطل (33 عامًا): "أصبحت حياتنا في المواصي لا تطاق، كل يوم نسمع عن استهداف جديد من قبل طائرات الاحتلال لخيم النازحين الذي ينتج عنه شهداء وإصابات، والمواصي أصبحت مناطق استهداف وحرب بغرار ما يدعيه الاحتلال بأنها مناطق إنسانية".
وأضاف الأسطل: "قبل يومين استيقظت من النوم على صوت انفجار ضخم، ومن ثم سمع صراخ النساء والأطفال في كل مكان، وأصوات تنادي بأعلى صوتها اتصلوا على الإسعاف بسرعة، فخرجت من خيمتي مسرعًا إلى مكان القصف الذي يبعد عني قرابة ثلاثون متراً، لأجد جثث مقطعة وشبه محترقة ملقاة على الأرض".
وتابع: "كان المشهد مؤلمًا بمعنى الكلمة، نساء وأطفال مصابون يفترشون الأرض وينتظرون بألم شديد وصول الإسعاف لتنقلهم إلى المستشفى للعلاج، ولحظات بدأت زوجتي بالصراخ، فتوجهت مسرعًا إلى خيمتي لأجد إبني الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات مصاب بشظية في قدمه والدماء تنزف بغزارة، فحملته مسرعًا إلى مكان المتواجد به المصابين انتظر وصول الإسعاف لنقل إبني إلى المستشفى".
أما المواطن محمد خليفة ( 45 عامًا) قال: أول أمس كانت ليلة دامية بمعنى الكلمة، سمعت صوت انفجار كبير ونهضت من مكاني بسرعة لأجد والدتي مصابة وأخواتي مصابات بشظايا نتيجة استهداف الخيمة المجاورة لي وحالتهم صعبة للغاية، ثم توجهت إلى خيمة أخي القريبة مني فوجدته مصاب بشظية في رأسه والدماء تملأ المكان وحالته خطيرة جدًا".
وأضاف: قمت بالاستنجاد بالجيران لحمل أخي ووالدتي وأخواتي إلى الإسعاف لنقلهم إلى المستشفى، وما أن وصلنا المستشفى حتى فارق أخي الحياة نتيجة لتدهور حالته الصحية.
وتابع خليفة: "الوضع في منطقة المواصي أصبح أكثر استهدافًا، والخوف ينتشر بين صفوف النازحين لا سيما النساء والأطفال، بخلاف ما يدعيه الاحتلال بأن المواصي منطقة آمنة، فيما أن الاحتلال يتعمد القصف ليلاً، الأمر الذي يستدعي الخوف والرعب عند النازحين، ويبقيهم في حالة توتر شديدة ودائمة".
وتقول المواطنة روان الحمايدة ( 25 عامًا): "استيقظنا من نومنا فزعين عندما سمع دوي صوت انفجار هز المكان، كان الأمر مرعبًا ومخيفًا، خيمتي تبعد عن مكان القصف أمتار قليلة، والأطفال والنساء كانوا يصرخون بأعلى صوتهم طلبًا للنجدة".
وتضيف الحمايدة: "عم زوجي استشهد نتيجة إصابته بشظية في صدره، وأصيبت زوجته وبناته بجروح خطرة، علمًا أن خيمتهم تبعد عن مكان الخيمة المستهدفة أكثر من 50 مترًا".
وتابعت: "لقد نزحنا من رفح إلى مواصي خان يونس هربًا من القصف والموت، لنجد الاحتلال يلاحقنا حتى في المناطق الذي يدعي أنها امنة، والخوف والقلق يتسلل إلى قولبنا عند حلول الليل".
من جانبه قال المواطن على الآغا (40 عامًا): إن الاستهدافات الليلية لخيم النازحين في المواصي تحدث حالة من الخوف والإرباك خاصة عند الأطفال والنساء منهم، مشيرًا إلى أن أصوات الانفجارات في الليل يكون صداها قويًا جدًا تجعل النازحين ينهضون من نومهم فزعين.
وتابع الآغا: قبل أيام تم استهداف خيمة في منتصف الليل تبعد عني عشرات الأمتار بصاروخ طائرة استطلاع، شعرت خلالها وكأن المنطقة اشتعلت بالنيران، حيث استشهد خمسة مواطنين بينهم طفل وأصيب خمسة عشرة آخرين بجروح متفاوتة جلهم من النساء والأطفال.
وأوضح الآغا، أن شدة قوة انفجار الصاروخ في الليل أثار حالة من الخوف والفزع في صفوف النازحين كما ألحق أضرارًا بعشرات الخيام المجاورة التي أصبحت غير صالحة للسكن، مؤكداً أن منطقة المواصي أصبحت عرضة لاستهداف الاحتلال بشكل يومي كباقي مناطق غزة، مؤكدًا أن كل ما يدعيه الاحتلال بشأن المواصي أنها منطقة إنسانية هو كذب وافتراء.
واستأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، في الثامن عشر من آذار الماضي، ما أدى إلى استشهاد 1,691 مواطنًا، وإصابة 4,464 آخرين، فيما تشير الإحصائية الأخيرة لأعداد الشهداء في القطاع منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى أنه بلغ قرابة 51,065 شهيد، إضافة لأكثر من 116000 جريح، إضافة لآلاف المفقودين ومن هم تحت الركام وآلاف الأسرى والمعتقلين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها