يوم الثلاثاء الموافق 15 نيسان/إبريل الحالي ضجت وسائل الإعلام الأردنية والعربية بخبر اكتشاف أجهزة الأمن الأردنية خلايا إخوانية مكونة من 16 عضوًا يهدفون إلى تهديد الأمن والسلم الأهلي والنظام السياسي، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من وضع يدها على أسلحة ومتفجرات وصواريخ ومكائن لصناعة المزيد من الأسلحة، ومخازن، وبعضها معد للتفجير في العاصمة عمان ومدينة الزرقاء. وحسب المعلومات الراشحة كانت أجهزة الأمن الأردنية أبلغت قيادة جبهة العمل الإسلامي، حزب جماعة الإخوان المسلمين بالأمر قبل الإعلان الرسمي عن اكتشاف المجموعة، التي أنكرت صلتها بها، واعتبرت ما قامت به بمثابة عمل فردي. لكنها لم تستنكر أو تدين عمل المجموعة الإرهابية، مع أن اثنين منهم أعضاء في مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي.
وفي أعقاب الإعلان الرسمي عن اكتشاف مجموعة الإخوان المسلمين ثارت ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والاعلامية الرسمية والاهلية، وطرحت وجهات نظر متباينة ومتعارضة في استنتاجاتها عما آلت، أو ستؤل إليه الأمور، منها: هل يذهب النظام إلى خيار القطيعة مع جماعة الإخوان المسلمين، أم لا؟ هل سيلجأ الملك عبد الله الثاني إلى خيار حل البرلمان، أم سيتروى؟ هل سيعتبر النظام السياسي جماعة الإخوان المسلمين جماعة خارجة على القانون، ويذهب إلى حلها رسميًا؟ وهل اللجوء لمثل الخيار الأخير سينهي دور ومكانة جماعة الإخوان المسلمين؟ وما هي انعكاسات ذلك على أكبر حزب في الشارع الأردني، الذي كان فيما سبق حزب النظام الأردني زمن الملك الراحل الحسين ابن طلال؟.

المدعي العام العسكري تعامل مع ملف القضية بمرونة، وبشكل مهني وموضوعي دون تطير، وبعد التحقيقات الأولية أصدر تهمًا عدة لستة عشر معتقلاً من الجماعة الإخوانية، ولم يضعهم في سلة تهمة واحدة، وهو ما يُشير إلى أن الحكومة الأردنية لا تريد الذهاب إلى مرحلة الصدام والقطيعة التامة مع الإخوان المسلمين. لا سيما وأن فوز حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وحصولهم على 31 مقعدًا في البرلمان كان بفضل دعم المؤسسة الأمنية، وليس بكفاءة الجماعة وشعبيتها فقط، وبالتالي النظام لا يبدو متعجلاً أمره في الذهاب لخيار الصدام والتصعيد.
لكن تأني النظام السياسي في توسيع نطاق المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين، لا يعني أنه سيغض النظر عن جريمة الجماعة، العكس صحيح، سيعمل النظام على تمرحل المواجهة مع جبهة العمل الإسلامي، وسيركز أولاً على المتورطين مباشرة بالعمل الإرهابي؛ ثانيًا سيلجأ إلى اعتقال عدد من قيادات الجبهة/الجماعة من خلال تورطهم بالعملية الإرهابية؛ ثالثًا ستقوم أجهزة الأمن باقتحام ومداهمة مكاتب ومراكز وحتى بيوت العديد من منازل قيادات جبهة العمل لتفتيشها، لعلها تجد ما يمكنها من توسيع دائرة المواجهة مع الجماعة الإخوانية؛ رابعًا يختار النظام الأردني لحظة سياسية أكثر موائمة من وجهة نظر صانع القرار السياسي لتوسيع جبهة المواجهة، وبأقل الخسائر الممكنة التي يمكن أن يتعرض لها النظام.

ومع أن العديد من أصحاب وجهات النظر الأخرى من داخل المملكة وخارج حدودها، يعتقدون أن اللحظة السياسية الراهنة مواتية الآن للجوء الملك وحكومته بقطع الحبل الصري مع الجماعة، والاندفاع نحو حل البرلمان وارفاق ذلك بخطوات ذات صلة بتضييق الخناق على جبهة العمل الإسلامي. لكن بعدما تداولت مع بعض الإخوة العارفين بتفاصيل البيت الأردني، تريثت في التساوق مع وجهة النظر آنفة الذكر، واستوحيت من شيفرة التهم الموجهة من قبل المدعي العام العسكري للمتورطين في الجريمة، أن الملك سيلجأ لخيار خطوة بخطوة مع جماعة الإخوان المسلمين، وبعد أن يمهد الأرضية الشعبية للانقضاض عليهم، وبالتالي أتوقع التريث قليلاً لانضاج الظرف الداخلي الأردني لكبح أية ردود فعل سلبية من الجماعة وحلفائها المضللين في الشارع عمومًا أو من العشائر خصوصًا. وقادم الأيام كفيل بالإجابة على أسئلة العلاقة بين الملك والحكومة والإخوان المسلمين.