بقلم: ريم سويسي
في خيمته المطلة على بحر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يفترش أكرم العروقي أرضية رطبة، وهو يلتحف ببطانية لا تكاد تقيه برودة الجو، وأسياخ "البلاتين" تمتد داخل عظام ساقه.
العروقي (34 عامًا) كان قد أصيب في قصف منزل جيرانه في مدينة رفح جنوب القطاع، الأمر الذي أدى إلى كسور في قدميه وفخذه، ويعاني وضعًا صحيًا صعبًا، كون البلاتين يؤدي إلى تيبّس في عضلات القدم، تفاقم مع برودة الطقس.
ويقول: "مصاب بكسور تم تثبيتها بالبلاتين، وفي هذه الأجواء الباردة، أشعر بماس كهربائي يشل جسدي، لا سيما أطرافي، وينخر عظامي".
ولا تقل أوجاع الطفلة ديما ربيع البالغة من العمر (12 عامًا)، التي تعاني هي الأخرى من البلاتين في يدها اليسرى، نتيجة وجود ثلاثة كسور، والبرودة القاتلة التي تشعر بها كل دقيقة، فضلاً عن الأوجاع المستمرة.
المصابون في قطاع غزة الذين يقدر عددهم بنحو 107803، يعانون إصابات مختلفة، وصلت إلى حد بتر أطرافهم، إذ سُجلت أكثر من 12 ألف إعاقة منذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتخترق مسامير البلاتين العظم واللحم، وتؤدي إلى تهيّج الجسم وإصابته بالتقرّحات، وتسهّل وصول الميكروبات إلى العظم والتهابه، فضلاً عن المعاناة اليومية التي تسببها، فيما يتعلق بالنظافة الشخصية والملابس والنوم.
ويقول المصاب خالد العزايزة يعاني هو الآخر: "أُصبت في هذه الحرب أكثر من مرة، وتم تثبيت أسياخ البلاتين في أكثر من مكان في قدمي، وتنخر جسدي، فيما يفاقم عدم توفر الأدوية الضرورية والعلاج تدهور حالتي الصحية".
ويضيف: "أعاني هذه الأيام أوجاعًا غير محتملة، فقد تم تثبيت ثلاثة مسامير أسفل الساق، وأسياخ بلاتين في الفخذ والظهر، بالإضافة إلى شظايا في جسدي، لم يتم استخراجها حتى الآن".
ويصمت برهة، ثم يقول: "أشعر ليلاً ومع البرد كأن أحداً يطلق علي رصاصًا، ومع رطوبة الأرض يزداد الأمر سوءًا وكأن شيئاً ما يقرص العظم".
وحول هذه المعاناة، يفسر الدكتور هاني بسيسو (أخصائي جراحة العظام والمفاصل في غزة وشمالها حاليا) الأمر بقوله: "هؤلاء المصابون بسبب ظروف الحرب لم يتلقوا الخدمة الطبية كما يجب، لنقص الكادر الطبي، والمواد المساعدة".
ويضيف: "معظم الكسور تكون متهتكة في العظام، وأطراف الأعصاب، والأنسجة الرخوية المحيطة بها، والعصب هنا يكون بحاجة إلى فترة من الزمن كي يتم ترميمه بعد إجراء العملية، لكن المصابين لدينا لم يتم إجراء عمليات لهم".
ويتابع: "نُثبّت الكسور بجهاز مثبت خارجي ويكون جزء منه خارج الجسد، ومع البرودة يشعر بألم شديد ونوع من النمنمة، ناهيك عن الجروح الخارجية التي تحتاج إلى مضادات حيوية قوية وهي غير متوفرة".
يشار إلى أن جبيرة الجبس يتم استخدامها في الكسور المغلقة بينما البلاتين للجروح المفتوحة إذا كانت هناك إزاحة في العظم.
وفيما يتعلق بالحل، يجيب الدكتور بسيسو بالقول: "نعاني جدًا في موضوع الحل لأن المسكنات غير متوفرة حتى الأكامول والتروفين، ونخشى أن يصل المريض أو المصاب إلى درجة الإدمان".
ويختم حديثه بالقول: "نتمنى أن تنتهي الحرب لنتمكن من إدخال الأدوية اللازمة لهم، لأن كسورًا من هذا النوع تحتاج إلى دواء منّشط للعصب وهو غير متوفر للأسف في ظل تهالك المنظومة الطبية الصحية".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها