بقلم: طارق الاسطل
ما زال مئات المواطنين في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، محاصرين لليوم السابع على التوالي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، دون أي وسيلة من الخروج والنجاة بأنفسهم.
يقول المواطن سمير نوفل (51 عامًا) من سكان تل السلطان: "نجوت وعائلتي بأعجوبة من موت محقق، لقد كتبت لنا حياة جديدة"، مبينًا أنه عاش ساعات من الخوف والرعب من أصعب ساعات الحرب المستمرة على غزة.
وأضاف نوفل والذي يعيل أسرة مكونة من سبعة افراد: "عندما غادرنا رأينا الموت بأعيننا من خلال القصف المستمر طوال الليل من الطائرات الحربية والمدفعية باتجاه تل السلطان بأكمله".
وتابع: "مساء يوم الأحد الماضي الساعة العاشرة ليلاً بدأ القصف بشكل مكثف، تخلله أحزمة نارية من الطيران الحربي إضافة إلى قصف مدفعي باتجاه الحي السعودي وتل السلطان بالكامل، واستمر حتى الساعة السابعة صباحًا".
واستطرد نوفل: كان هناك صراخ كبير طيلة الليل من النساء والأطفال يستغيثون بالاتصال على الإسعاف لنقل الشهداء والمصابين، وفور وصول الإسعاف صباحًا لنقل المصابين والشهداء قام الاحتلال بمنعهم وتم اعتقال الطواقم الطبية ونقلهم إلى جهة غير معلومة.
"في تمام الساعة السابعة والنصف صباحًا قام الاحتلال بإلقاء مناشير تطالب سكان تل السلطان بالانتقال مشيًا على الأقدام دون حمل أي شيء من مقتنيات إلى مناطق غوش قطيف في مواصي رفح غرب تل السلطان، وبدأ آلاف المواطنين الخروج من منازلهم المدمرة وخيمهم التي نصبوها باتجاه مواصي رفح غربًا، ليتفاجؤوا أن الاحتلال يطلب منهم عبر مكبرات الصوت بالتوجه إلى شارع دار الفضيلة شمالاً".
وتابع: "غيرنا اتجاهنا نحو شارع الفضيلة كما طلب منا، وأثناء سيرنا على الأقدام فتح الجيش النار باتجاهنا بشكل عشوائي وسقط العشرات من شهداء وجرحى، بدأنا بالرجوع والهرب من الرصاص وسط صراخ النساء والأطفال ولم نستطع أن نسحب أي جريح من شدة إطلاق النار".
ويضيف نوفل: "لحظات عشناها من الموت والخوف، الأمر كان صعبا للغاية خاصة عندما تفر من المكان وتترك وراءك أبًا أو أمًا أو أخًا أو صديقًا ملقى على الأرض يطلب النجدة ولا تستطيع أن تفعل شيئًا، لأنك إذا وقفت لتحاول سحبه سيطلقون عليك النار لتسقط شهيدًا أو مصابًا بجواره".
وأكمل: قمنا بالاتصال على الإسعاف لكن الاحتلال منعهم وقام بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر، ثم قمنا بالاتصال على الصليب الأحمر الموجود في مواصي رفح القريب من المكان لنقل الجرحى وقالو لنا بالحرف الواحد لا نستطيع فعل أي شيء لكم.
وقال نوفل "عاد الناس إلى منازلهم المدمرة وخيمهم المنصوبة خوفًا من الرصاص الذي يلاحقهم من كل اتجاه والاحتماء بداخلها، وما هي إلا دقائق حتى طلب الجيش منا عبر مكبرات الصوت للمرة الثانية الخروج والاتجاه إلى المواصي غرب تل السلطان، لنتفاجأ مرة أخرى بوجود كمين مجهز حاجز عسكري، عبارة عن حفرتين كبيرتين، كان الجنود ينادوا بالاسم على الأشخاص ويطلبون منه دخول الحفرة ثم يطلقون النار عليه بشكل مباشرة وإعدامه أمام الجميع. كان الأمر مرعبًا".
وأضاف: أجبرنا الجيش على ارتداء ملابس باللون الأبيض والأزرق ومرقمة بالأرقام، لقد أعدم أمامنا العشرات واعتقل المئات منهم مصابين وقد تم نقلهم إلى أماكن غير معلومة.
وأكد نوفل أنه لا زال هناك مواطنين محاصرين في تل السلطان منذ أكثر من سبعة أيام، لا يستطيعون الخروج وحياتهم معرضة للخطر، وتم الاتصال بالصليب الأحمر والهلال الأحمر من أجل التدخل وإنقاذ الموجودين لكن للأسف لا أحد يتحرك.
من جهته، يروي المصاب محمد العمواسي (28 عامًا)، "في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحًا كنت أهم بالمغادرة من مكان عملي في البركسات التابعة لوكالة الأونروا غرب تل السلطان، فوجئت بطائرة مسيرة من نوع "كواد كابتر" تطلق النار نحوي بشكل مكثف فرجعت إلى البركس فلاحقتني بإطلاق النار من جديد وأصابتني بعيار ناري في الرقبة فوقعت على الأرض".
وتابع العمواسي: زملائي في العمل شاهدوني وأنا ملقى على الأرض والدماء تنزف مني، لكن لم يستطيعوا الوصول إلي وسحبي إلى مكان آمن بسبب كثافة الرصاص.
وأضاف: قام زملائي بالاتصال على الدفاع المدني وابلاغهم بأن هناك مصاب، وبالفعل تم ارسال مركبتي اسعاف إلى المكان، لكن لم يصلوا، وأعادوا الاتصال بهم مرة أخرى للاستفسار عن التأخر فأكدوا أنه بالفعل تم إرسال مركبتين وانقطع الاتصال بمن فيهما، ليتضح الأمر فبما بعد بأن الجيش قام باستهداف أربعة مركبات اسعاف ودفاع مدني بشكل مباشر وما زال الطاقم مفقودًا.
وتابع العمواسي: "بقيت أنزف لأكثر من أربع ساعات داخل البركس حتى قام زملائي بالمخاطرة بحياتهم من أجلي"، علمًا أن الدبابات كانت قريبة من المكان وكل من يتحرك يتم استهدافه، وقاموا بإخراجي من الناحية الغربية للبركس الموجودين فيه وحملوني لمسافة أكثر من 2 كيلو متر وسط إطلاق نار كثيف حتى وصلنا إلى مكان يتواجد فيه عدد كبير من الناس، وتم نقلي إلى المستشفى الأوربي.
وأكد أنه حتى اللحظة هناك مواطنون ما زالوا محاصرين ويناشدون إخراجهم من تل السلطان، والعديد من الشهداء ملقون على الأرض ولا يستطيع أحد الوصول إليهم نتيجة لخطورة الوضع، وهناك العديد من كبار السن والمعاقين والمرضى بحاجة إلى مركبات تنقلهم إلى بر الأمان.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها