إيهاب الريماوي
رغم أنه في الثمانين من عمره، إلا أن لديه أحلام اليافعين، وكانت أسمى أمنياته الحصول على هوية تمكنه من السفر والتنقل بحرية.
قتله الاحتلال الإسرائيلي، وقتل حلمه الذي ينتظره منذ سنوات بزيارة أبنائه في الولايات المتحدة الأميركية، حيث حرم من الحصول على الهوية التي كان يسعى خلفها منذ نحو 10 سنوات.
لم يرد اسم الشهيد عمر أسعد (80 عاما) وزوجته نظمية من قرية جلجليا شمال رام الله في الكشوفات التي أعلن عنها ظهر اليوم الأربعاء للحاصلين على هويات لم الشمل.
يقول ابن عمه عبد الإله أسعد: "منذ أسابيع وهو ينتظر اليوم حتى يحصل على الهوية، كان سعيدا بأنه سيتمكن من زيارة أبنائه السبعة، فلديه ابنان اثنان وخمس بنات وجميعهم متزوجون، لكن الاحتلال أطفأ كل هذه الأمنيات".
اعتاد المسن أبو أسعد السهر عند أبناء عمومته، وفي الليلة الماضية وبعد منتصف الليل وبحدود الثانية فجراً غادر منزل ابن عمه، وتفاجأ بقوة راجلة من جنود الاحتلال بحارة السكة بالقرية، أوقفوه وأرغموه على الترجل من مركبته، ثم قيدوه وعصبوا عينيه.
"سحبوه من مركبته، وألقوه على الأرض، وجروه مسافة لا تقل عن مئتي متر باتجاه منزل قيد الإنشاء، ثم ألقوه على بطنه في باحة المنزل الخارجي مقيدا ومعصوب العينين، وتركوه عدة ساعات على هذه الوضيعة".
بعدها بحوالي الساعتين، أوقف جنود الاحتلال مواطنين اثنين من قرية عارورة المجاورة، بينما كانا في طريقهما إلى سوق الخضار في بلدة بيتا جنوب نابلس، واحتجزوهما في ذات المنزل الموجود فيه الشهيد أسعد.
ممدوح عبود أحد المواطنين الذين احتجزهم الاحتلال في باحة المنزل يقول:" لما أجبرونا على الجلوس على الأرض لاحظت وجود يد الشهيد، كان ساكن الحركة وجسده مغطى بمعطف، لم أتعرف عليه، كانت الساعة بحدود الثالثة والنصف فجرا، والظلام دامس".
ويضيف: "تقدم نحوه جندي، ووضع يديه على رقبته، وبعد أن تأكد من استشهاده، قام بفك قيده، وأبقى العصبة على عينيه، ثم غادر الجنود المكان، وتوجهت فوراً إلى الشهيد، وحينها تعرفت عليه، ونقلناه أنا وصديقي إلى العيادة الطبية القريبة، حاول الطبيب إنعاشه لكنه لم يتمكن من ذلك".
كان واضحاً أن الشهيد تعرض للتعذيب خلال احتجازه حيث أن ملابسه التي كان يرتديها مليئة بالأتربة بفعل جره على الأرض لمسافة طويلة، حسب ما يقول عبود.
يشير ابن عمه عبد الإله أسعد الذي كان معه ليلتها، أن الشهيد أجرى عملية قلب مفتوح قبل ثلاث سنوات، ويرجح أن يعود سبب استشهاده إلى المعاملة القاسية التي ارتكبها جنود الاحتلال بحقه، وإلقائه على الأرض في ظل البرد القارس لعدة ساعات، ما سبب تدهور وضعه الصحي ومفارقته الحياة.
عام 2012 عاد الشهيد عمر أسعد إلى قريته جلجليا بعد أن غادرها بحثا عن عمل في أميركا بسبعينات القرن الماضي، وأسس مشاريع تجارية ناجحة هناك، ولما بلغ السبعين قرر العودة إلى قريته والاستقرار فيها بين أقاربه وأصدقائه.
ويبلغ عدد سكان جلجليا نحو أربعة آلاف نسمة، فيما أن ثلاثة آلاف منهم مستقرين في الولايات المتحدة والبرازيل، ويسكن فيها نحو ألف مواطن.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها