ثانيا أكد الرئيس الجديد لحماس على ان المقاومة في الضفة، وأنه واركان قيادته يتابعون الأوضاع فيها لإعلاء شأنها. وهنا تبرز أكثر من نقطة ذات صلة بالمهمة والدور الحمساوي، منها: 1- اسقاط خيار المقاومة من غزة؛ 2-  الإدعاء بعدم وجود مقاومة في الضفة، وهذا يتنافى مع معطيات الواقع، فالمقاومة لم تتوقف يوما في الضفة الفلسطينية وبكل الاشكال وعلى رأسها المقاومة الشعبية والسياسية والديبلوماسية والثقافية والإقتصادية والتربوية؛ 3- التحريض مجددا على القيادة الشرعية، وكأنها قيادة "متساوقة" مع دولة الإستعمار الإسرائيلي؛ 4-  التمهيد لمخطط يعد له مع قوى أخرى على رأسها إسرائيل ل"لطعن" في مكانة وشرعية الرئيس ابو مازن والسلطة عموما، وما التكامل في عمليات التحريض الجارية على قدم وساق من مختلف القوى الداخلية والإسرائيلية وبعض العربية والإسلامية إلآ إنعكاس لما يجري الترتيب له؛ ثالثا التوقف امام المخيمات الفلسطينية في لبنان وما يجري فيها، والتأكيد على حق العودة، والتمسك بالوطن الفلسطيني، والمرء يسأل السيد هنية ما هي معايير حماية المخيمات الفلسطينية في الشتات وخاصة لبنان وسوريا؟ أليست الوحدة الوطنية، التي توقفت امامها وأكدت عليها أكثر من مرة في خطابك، هي الركيزة الأولى؟ كيف تستقيم العودة والتمسك بالوطن الفلسطيني في ظل التمزيق، الذي تمارسه حركتك في المخيمات وفي الوطن الفلسطيني؟ وكيف تستطيع حماية اللاجىء الفلسطيني، وحركتكم تنقل البندقية من كتف لكتف في الساحات العربية تنفيذا لمخطط جماعة الإخوان المسلمين، وتوريط ابناء الشعب في سوريا ولبنان بمعارك ليست لها علاقة بمصالح الشعب الفلسطيني، ودفع الألآف من الشباب على الهجرة إلى دول الإغتراب والموت في أعالي البحار؟ أليس هذا جزءا من الخطة الأشمل والأوسع لتصفية القضية الفلسطينية؟ وأليس هذا يتناقض مع شعار "عدم التدخل في الشؤون العربية"؟ كل سؤال يحمل في طياته جواب على تناقض ما دعوت إليه مع سياسات حركتك على الأرض، وهو ما يكشف عن إدعاء لفظي، وبهتان أصفر لخطاب رمادي لا ينسجم مع المصالح الفلسطينية؛ رابعا إبداء الإستعداد لحل اللجنة الإدارية، ولكن المشكلة وفق منطق ابو العبد في "حكومة التوافق الوطني"، التي "ترفض" تسلم مهامها، وفي ذات الوقت اعلن الإستعداد مجددا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والمشاركة في الإنتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني. ان كان كل هذه الإستعدادات متوفرة عند حركة حماس، لماذا تعمل الآن على توسيع دائرة القوى المشاركة فيها ( حكومة الظل) وخاصة فريق دحلان؟ وهل تستقيم الوحدة مع اللعب على التناقضات الداخلية في فتح والساحة الفلسطينية؟ ولماذا لا تزيل حماس من حيث المبدأ اللجنة الإدارية؟ ولماذا لا تفتح الأبواب امام حكومة التوافق لتسلم مهامها؟ ولماذا ترفض ما طرحه الرئيس عباس على الملأ للذهاب لتشكيل حكومة وحدة وطنية والذهاب للانتخابات المذكورة؟ ألم يرسل لكم رئيس منظمة التحرير أكثر من موفد من حركة فتح ومن القوى العربية والدولية لتطبيق ما تقدم؟ لماذا رفضتم؟ الإنكم لا تثقوا بوعود الرئيس ابو مازن؟ وكيف تبنى الثقة إن لم تعلنوا صراحة عن طي صفحة الإنقلاب والإنفصال؟ وهل يحاكم الرئيس على النوايا ام بإختباره على الأرض، ومن خلال الإلتزام باستحقاقات المصالحة وتنفيذ الإتفاقات والإعلانات المبرمة بينكم وبين فتح؟ وأليس هذا تسويف ومرواغة وتضليل للذات وللشعب؟ وهل عقد صفقة التفاهمات مع تكتل عضو المجلس التشريعي، دحلان ينسجم مع الإدعاء بالحرص على الوحدة الوطنية؟ .. إلخ من الأسئلة ذات الصلة، التي تفضح إدعاء حركة حماس بالحرص على الوحدة، وجميعها تؤكد أن فرع الجماعة في فلسطين ليس بوارد الوحدة والمصالحة، بقدر اندافاعه نحو تعميق خيار الإنفصال، واللعب بمتاهة التسويف والمماطلة لعل وعسى تتغير معطيات الواقع، وتنقلب المعادلة في العالم العربي لصالح جماعة الإخوان المسلمين، والحل الإقليمي، الذي يعوم الحركة مجدا في الحل السياسي القائم على بناء الدويلة القزمية في قطاع غزة؛ خامسا إعلان هنية الثناء الكبير على لعديد من الدول، التي دعمت حماس وبدأها بقطر ثم تركيا وإيران وصولا لمصر، وشكر عرضا كل من السعودية والأردن لذر الرماد في العيون. وكان واضحا التركيز على الدور القطري والتركي والإيراني مع اولوية الدولتين الحاضنتين لجماعة الإخوان وحركة حماس. والأسئلة المثارة هنا، هل تستقيم العلاقة مع المتناقضات القائمة في لوحة التحالفات مع تشهده الساحة العربية من تناقضات وصراعات محتدمة بين مكونات التحالفات؟ وهل التدخل في الشؤون العربية والإنحياز لقطر على حساب الكل العربي يستقيم وشعار "عدم التدخل في الشؤون العربية"؟ وإلى اي زمن يمكن ان تنجح سياسة الإلتفاف والمناورة مع مصر والإمارات عبر دحلان؟ ولماذا لا تذهب حماس مباشرة لخيار المصالحة والوحدة، إن كانت جادة بإخراج القطاع من الحصار الظالم، لماذا تتهم ابو مازن والسلطة بذلك؟ وهل من يدافع عن حياض الأهداف الوطنية في كل المنابر لفضح وتعرية إسرائيل الإستعمارية، يمكن ان يكون محاصرا لشعبه؟  وإذا كانت معنية بالشراكة السياسية مع فتح وباقي القوى وبناء علاقات فلسطينية عربية راسخة، لماذا يتم التحريض على الرئيس عباس والسلطة وحكومة التوافق الوطني؟ أليست منظمة التحرير والقيادة الشرعية، هي البوابة الأنسب والأهم فلسطينيا؟

كثيرة الأسئلة، التي يمكن طرحها حول الخطاب الرمادي لرئيس حركة حماس. ولكن النتيجة المؤكدة، التي يمكن إستنتاجها، تقول ان حماس ليست معنية بالمصالحة والوحدة، بل هي ماضية قدما في مشروعها الإنقلابي، وبناء الإمارة على حساب الوحدة الوطنية ومصالح الشعب العربي الفلسطيني العليا. وهو ما يستدعي من القيادة العمل على إستخلاص العبر والدروس، والعمل فورا على وضع خطة لإنهاء الإنقسام والإنقلاب من خلال تجديد الشرعيات في منظمة التحرير، وتطوير اشكال النضال الشعبي المتلازم مع اشكال النضال الأخرى السياسية والديبلوماسية وتوسيع دائرة المقاطعة لإسرائيل في كل الدول والمجالات لوأد تبديد وتصفية القضية الفلسطينية.