من قطاع غزة المنكوب تخرج مشاهد الإبادة الجماعية والمآسي التي يقاسيها شعبنا، وهو يعيش دوامة من الجوع والنزوح والموت. أكثر من عام ونصف على هذه الإبادة ولغاية الآن لا نهاية لهذا المشهد تلوح في الأفق. وللإحاطة بآخر الأحداث استضافت الإعلامية مريم سليمان في حلقة خاصة عبر قناة فلسطيننا عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الأخ تيسير نصرالله.
افتتح نصرالله حديثه بالتأكيد على أن تقارير المنظمات الإنسانية والمسؤولين الدوليين تجمع على أن قطاع غزة يتعرض لمجاعة حادة، وأن سكانه باتوا على حافة الموت نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي لأكثر من عام ونصف. وأشار إلى أن العدوان قد تجدد مؤخرًا خلال الشهرين الماضيين، في ظل توقف كامل للإمدادات الإنسانية التي كانت تصل إلى القطاع بفعل قرارات حكومة نتنياهو. وأكد أن الوضع الإنساني تجاوز حد الكارثة، حيث بات السكان يواجهون الموت الحقيقي، وليس المجاعة فقط. كما ندد بتصعيد الاحتلال الإسرائيلي الذي أعاد قصف المباني السكنية وتدميرها فوق رؤوس قاطنيها، مما أسفر عن سقوط أكثر من ألف شهيد خلال فترة وجيزة، بالإضافة إلى مئات العالقين تحت الأنقاض حتى اللحظة.
وقال: "إننا نعول اليوم على الشعب الفلسطيني، وصموده ورباطه فوق أرضه، رافضًا أي شكل من أشكال التهجير مهما كانت الإغراءات. وشدد على أن فلسطين هي الوطن الوحيد للفلسطينيين، وأن الواجب هو عودة اللاجئين إلى وطنهم، لا العكس. وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني يخوض هذه المعركة وحده، في ظل تخاذل المجتمع الدولي وانحياز الإدارة الأميركية الكامل للاحتلال الإسرائيلي عبر مختلف أشكال الدعم السياسي والعسكري والدبلوماسي، وحتى في قرارات مجلس الأمن. وأكد أن ابناء شعبنا لديهم إرادتهم الحرة، وأنهم، رغم التضحيات والمعاناة الهائلة، باقون وثابتون فوق أرضهم. واختتم بالتعبير عن إيمانه بأن الاحتلال إلى زوال، وأن شمس الحرية ستشرق فوق فلسطين رغمًا عن الاحتلال".
وحول إقامة الاحتلال ما يسميها بمنطقة آمنة جديدة في رفح، تمهيداً لنقل السكان إليها، علق نصرالله، أن الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في مخطط تقسيم قطاع غزة، ومحاولة فرض الحكم العسكري على سكانه، رغم تحذيرات العالم من مخاطر هذه الخطوة، وسعيه لشطب أسس عملية السلام واتفاقيات أوسلو. تسعى إسرائيل إلى إنهاء فكرة حل الدولتين وفصل القطاع عن الضفة الغربية، في تحدٍ صارخ لقرارات الشرعية الدولية. ورغم مرور أكثر من سنة ونصف من العدوان والتدمير، لم تتمكن إسرائيل من كسر صمود الفلسطينيين وإصرارهم على حقوقهم الوطنية. وأشار إلى أن إسرائيل تستعجل خطواتها خشية تعرضها لضغوط متزايدة لوقف العدوان، لافتًا إلى أن المجلس المركزي الفلسطيني أكد أن إنهاء هذا العدوان هو أولوية قصوى. وأكد أن محاولات الاحتلال لتقسيم القطاع وبناء مناطق عازلة والسيطرة على المعابر مصيرها الفشل أمام إرادة الشعب الفلسطيني الصلبة والقادرة على إحباط هذا المخطط الإسرائيلي.
وقال: "على حركة حماس أن تستجيب لإرادة الشعب الفلسطيني ولمؤسساته الرسمية الجامعة، وأن تلتزم بمقررات المجلس المركزي، عبر تمكين السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من ممارسة ولايتها الكاملة على الأرض والتحدث باسم الشعب الفلسطيني، باعتبارها الجهة المخولة بالمفاوضات. هذا المسار من شأنه أن يسحب الذرائع من الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة عدوانه. نحن كقيادة وشعب فلسطيني نقدم كل ما يلزم لإنهاء هذا العدوان، مدفوعين بفهمنا العميق لطبيعة الصراع والهزة الكبيرة التي أعقبت السابع من أكتوبر، والتي منحت إسرائيل تفويضاً لا يزال قائماً لتدمير الضفة الغربية وقطاع غزة".
وفي سياق الحديث عن الضفة الغربية، أكد نصرالله أنَّ الضفة الغربية تشهد حملة منظمة من حكومة نتنياهو وقطعان المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وضمها. مشددًا على أنَّ إسرائيل تسابق الزمن لفرض واقع جديد في الأغوار، القدس، جنين، طولكرم، وسائر أنحاء الضفة، عبر استيطان غير مسبوق وبناء وحدات استيطانية متسارعة، بالإضافة إلى نصب أكثر من 100 حاجز وبوابة حديدية وسواتر ترابية. هذا المخطط يستهدف إنهاء أي فرصة لصناعة السلام أو الدخول في مفاوضات مستقبلية، حيث يسعى الاحتلال إلى فرض سيطرة كاملة، معتقدًا أن تعميق احتلاله سيمنحه القدرة على فرض شروطه لاحقًا، خاصة إذا ما تحرك المجتمع الدولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران.
وفي الختام أكَّ نصرالله، أنَّ حكومة نتنياهو تسعى لاستباق أي حلول دولية بفرض أمر واقع يصعب تجاوزه، مستفيدة من غياب أي جهود فعلية لردعها منذ أكثر من عام ونصف، مما يجعلها ماضية في هذا المسار بسرعة غير مسبوقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها