الحديث يطول ويتجدد عن صفقات ومقترحات، ولكن يبقى مشهد الإجرام الإسرائيلي واحد في غزة والضفة وكل أماكن الوجود الفلسطيني، مشهد اعتاده المجتمع الدولي الذي يصمت أمام هول هذه المآسي، وللبحث في آخر المستجدات، استضافت الإعلامية مريم سليمان أستاذة العلوم السياسية الدكتورة أريج جبر.
بدايةً أكدت جبر، أنَّ الاحتلال يتعمد استهداف المدنيين وخيام النازحين بشكل مباشر، وهناك الكثير من الأطفال فارقوا الحياة بسبب سوء التغذية، وهذا هو السلوك الجرمي المعتاد، وشددت على أنَّ الاحتلال يحاول إعادة تدوير وخلق هولوكوست جديد داخل قطاع غزة.
وتابعت جبر، أنَّ الاحتلال يقوم بالتضييق على المنظمات الدولية والأممية، بدءاً من الأونروا، لمنعها القيام بدورها ومحاولة اقتلاعها من جذورها من فلسطين ككل، وذلك للتضييق على القضية الفلسطينية، ولتقليص حقوق شعبنا ومكونات والقضايا الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
وفي سياق متصل أشارت جبر، أنَّ الاحتلال بدأ مرحلة جديدة في قطاع غزة، وهي مرحلة فناء الأطفال والنساء ضمن مخطط التهجير وتغيير الواقع في القطاع والقضية بشكل عام، هذه المجازر كلها موثقة، وشددت على أنَّ عدد من الجنود اعترفوا بما ارتكبوه في قطاع غزة، وكل هذه الأدلة، من الممكن استخدامها في المحاكم الدولية، لكن محكمة العدل الدولية والجنائية لا تملكان القدرة على تنفيذ قرارات ضد الاحتلال، بسبب الفيتو الأميركي في مجلس الأمن. ودعت إلى تفعيل "قرار الاتحاد من أجل السلام" في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفعيل قرارات ملزمة. وأشارت إلى أنَّ غياب الفعل الدولي ساهم في تعزيز غطرسة الاحتلال وتوسيع حروبه على فلسطين.
وفي سياق متصل، أوضحت أنَّ الفلسطينيين يعانون منذ سبعة وسبعين عامًا من الاحتلال، ويجب أن يكون هناك تحرك عربي حقيقي لحل القضية الفلسطينية، لأن العرب يملكون القوة السياسية والاقتصادية اللازمة لمواجهة الاحتلال.
كما سلطت الضوء على أنَّ الاحتلال الإسرائيلي يطبق خططًا لتغيير الواقع الديموغرافي في قطاع غزة، ومنها "خطة الجنرالات" التي تعتمد على خطط سابقة تهدف إلى تهويد الأرض وتقسيم غزة. وأكدت أنَّ غزة تمثل ثروة اقتصادية ضخمة، تشمل النفط والغاز والممرات البحرية، مما يجعلها هدفًا استراتيجيًا للاحتلال الذي يعتبر انسحابه منها في عام 2005 خطأً كبيرًا.
وأضافت، أنَّ مصر وقطر تقدمًا خطة لوقف إطلاق النار، لكن الاحتلال لا يبدي استعدادًا حقيقيًا لإنهاء الحرب أو التوصل إلى تسوية. وأكدت أن إسرائيل تسعى لتثبيت سيطرة أكبر على غزة وتحقيق "إسرائيل الكبرى"، مما يعكس تعنت الاحتلال ورغبته في الحفاظ على التفوق السياسي.
وشددت حداد أنَّ التطرف الفكري اليميني ضد الوجود الفلسطيني، كما يعبر عنه سموتريتش وبنغفير ونتنياهو، يسعى لإجبار نتنياهو على الاستمرار في الحرب من خلال تفكيك الائتلاف الحكومي، وأشارت إلى أن تصريحات اليمين المتطرف تؤكد أن الحرب ستستمر حتى نهاية عام 2025، مع محاولات لزيادة الحصار والتضييق على قطاع غزة، والهدف من ذلك إرغام شعبنا في غزة والضفة الغربية على الاستسلام، رغم أنهم لن يستسلموا وسيدافعون عن حقوقهم بكل ما لديهم.
وفيما يتعلق بالتهجير، أكدت حداد أن هناك محاولات لتشجيع الهجرة الجماعية من غزة تحت عناوين مختلفة، وهذا جزء من مخطط إسرائيل لتفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها. لتحقيق صمود أكبر، يجب على الفصائل الفلسطينية العمل معًا في إطار وحدة وطنية، والابتعاد عن الفصائلية والمصالح الذاتية. تحكيم العقل والتعاون على الصعيدين الدبلوماسي والديمقراطي أمر ضروري لضمان حقوق الفلسطينيين في أرضهم.
وتابعت حداد، أنَّ الاحتلال لا يرحم ولا يفرق، هو يستهدف كل ما من شأنه تعزيز فكره دولة فلسطينية، ويريد القضاء على فكره حل الدولتين.
وفيما يتعلق بالموقف الأخير للرئيس الفرنسي بإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لاسيما أنَّ الموقف جاء من دولة كانت تؤيد بما تسميه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، علقت حداد، أنَّ ما أقدم عليه الرئيس الفرنسي خطوة تعتبر مهمة في سياق التغيرات السياسية العالمية، وأشارت إلى أنَّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتطلب تصويب المسار التاريخي، بخاصة بعد الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، التي كشفت عن معاناة شعبنا وحجم العنف الذي يتعرض له.
ولفتت إلى أنَّ الاعتراف بفلسطين هو الطريق لإنهاء الوجود الإسرائيلي الذي يحاول السيطرة على الأرض الفلسطينية، مما يسمح للشعب الفلسطيني بحق تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة. كما أشارت حداد إلى أنَّ الرئيس الفرنسي يحاول من خلال تصريحاته الضغط على الجانبين الإسرائيلي والأميركي، حيث يعكس هذا الموقف رغبة في الخروج عن الموقف التقليدي الغربي الذي يتماشى مع سياسة الولايات المتحدة، ويسعى لتغيير لغة الغرب تجاه القضية الفلسطينية.
وتابعت بالقول إن هذا التغيير في الموقف الدولي يعكس الجهود الفلسطينية الحثيثة في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تحركات القوى العربية التي أثمرت في تعزيز الاعتراف الدولي بالمكون الفلسطيني. وأضافت أن ما يزعج الاحتلال الإسرائيلي هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفع رايتها على الساحة الدولية.
ختامًا، أكدت جبر على ضرورة تعزيز الجهود التي تهدف إلى تحقيق الاعتراف الكامل بفلسطين كدولة ذات سيادة في الأمم المتحدة، مما يساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها