بقلم: وصال أبو عليا

منذ السابع من أكتوبر 2023، يشهد قطاع غزة واحدة من أعنف جولات العدوان الإسرائيلي، ما انعكس بشكل كارثي على مختلف مناحي الحياة، وعلى رأسها التعليم.

دُمّرت المدارس، قُتل وأُصيب الآلاف من الطلبة، وازدادت حدة المعاناة النفسية والجسدية، لينشأ واقع جديد عنوانه الأبرز: فاقد تعليمي هائل... ومصير غامض لجيل بأكمله.

التعليم في مهبّ العدوان توقف التعليم في غزة بالكامل منذ اليوم التالي للعدوان، 8 تشرين الأول 2023.

وبحسب وكيل مساعد في وزارة التربية والتعليم العالي، أيوب عليان، فإن العام الدراسي توقف تمامًا، واستمرت حالة الشلل حتى نهاية السنة.

ورغم محاولات الوزارة لاحقًا لإنقاذ العام الدراسي 2024-2025 عبر منصة تعليمية إلكترونية، وتسجيل أكثر من 270 ألف طالب، إلا أن استمرار القصف وتوسع النزوح حال دون عودة التعليم الوجاهي في معظم المناطق.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وكالة "الأونروا"، عدنان أبو حسنة: إن الفاقد التعليمي في غزة "كبير جدًا"، نتيجة غياب التعليم الوجاهي، مضيفًا: أن هذا الفقد تراكم منذ جائحة كورونا، التي عمقت فجوة التعلم بسبب الاعتماد على التعليم عن بُعد.

وأوضح أبو حسنة أن الوكالة نجحت مؤخرًا في تعليم نحو 265 ألف طالب عن بعد، ووفرت تعليمًا وجاهيًا لنحو 50 ألف طالب في مساحات محدودة، إلا أن تصاعد موجات النزوح– والتي طالت أكثر من 400 ألف نازح– إلى جانب تدمير نحو 70% من منشآت "الأونروا" التعليمية، أعاق العملية التعليمية بشكل شبه تام.

وأضاف: أن الضغط النفسي والجوع وسوء التغذية لدى الطلبة أثّر بشكل مباشر على قدرتهم على التعلم.

وكشفت وزارة التعليم عن خطط "لليوم التالي للحرب"، تهدف إلى إنقاذ ما تبقى من العملية التعليمية، من خلال طرح الحلول، عن طريق وجود  "مدارس الليغو" أمام هذا الواقع القاتم.

ويشير أيوب عليان إلى تواصل الوزارة مع شركات تركية لتوريد مدارس "الليغو" الجاهزة، والتي تُبنى خلال 48 ساعة وتضم 18 شعبة دراسية، بسعة تصل إلى 500 طالب. وقد أبدى مستثمرون فلسطينيون استعدادهم لتغطية تكاليف هذه المبادرة.

وفي حال تعذر تنفيذ هذه الخطة، فإن الخيار الأكثر ترجيحًا يتمثل في إقامة مدارس ميدانية من الخيم أو الحاويات (الكونتينرات) لتكون حلاً مؤقتًا حتى استقرار الأوضاع.

- التعليم: مقاومة وهوية رغم الكارثة، يؤكد الفلسطينيون تمسكهم بالتعليم كوسيلة للبقاء والصمود

يقول مستشار اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، فادي أبو بكر: إن "التعليم بالنسبة للفلسطينيين ليس مجرد وسيلة لمعرفة أو تحصيل علمي، بل هو أداة مقاومة وركيزة للهوية الوطنية والثقافية".

ويضيف أبو بكر: "منذ نكبة 1948، شكّل التعليم للفلسطينيين، خاصة اللاجئين، طوق نجاة نحو حياة أكثر كرامة.

هو الحلم الجماعي والفردي، والسلاح الأهم في مواجهة التهميش والحرمان، والحفاظ على الوجود والكرامة". بين القصف والنزوح، الجوع والخوف، تتآكل أعوام من التعليم في غزة، ويكافح الطلبة والمعلمون من أجل بصيص أمل يعيدهم إلى فصولهم، ولو في خيمة أو حاوية.

ورغم الفاقد الكبير، يبقى إصرار شعبنا الفلسطيني على التعلم هو الجدار الأخير في وجه النكبات المتكررة.