المتابع للسياسة الإسرائيلية منذ صناعتها على يد القوى الاستعمارية عام 1948 تتولد لديه القناعة التامة بأنها كيان طفيلي محصن يعتمد بوجوده بشكلٍ كامل على القوى الخارجية التي زرعته بقلب الوطن العربي على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية كافةً، وما الدعم اللامحدود الذي يتلقاه من أميركا ومحورها التي مدته وتمده بكل مقومات القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية طوال حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها بشكل وحشي غير مسبوق على مدار عدة عقود دون توقف وخاصة خلال الستة عشرة شهرًا الأخيرة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية دون خوف من المساءلة والعقاب على جرائمه ورفضه تنفيذ أي من القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بتحدٍّ صارخٍ للمجتمع الدولي وللشرعية الدولية إلا العامل الوحيد الذي جعل من كيانه فوق القانون ومحصن من إيقاع أي شكل من أشكال العقوبات بل وتمكينه الإفلات منها ولو كانت صادرة عن أعلى هيئة قضائية دولية كمحكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية.

- كيان فوق القانون:

من الأدلة القاطعة على أن الكيان الاستعماري الإسرائيلي فوق القانون ما يلي:

- أولاً: استخدام الفيتو المتكرر بمجلس الأمن من قبل الولايات المتحدة الأميركية منفردة أو مع أي من حلفائها لإفشال أي قرار يلزم "إسرائيل" بتنفيذ أي من القرارات الدولية أو حتى يدينها على أفعالها وجرائمها وإنتهاكاتها والأمثلة لا حصر لها.

- ثانيًا: تولي أميركا مسؤولية إدماجها بالوطن العربي دون إنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.

- ثالثًا: الإزدواجية والإنتقائية بالتعامل مع تنفيذ القرارات الدولية في حال تعلق الأمر بالكيان الإسرائيلي الإرهابي وما التعامل مع الحرب في أوكرانيا وفرض العقوبات على روسيا التي لا تقارن أفعالها مع عظم وضخامة الجرائم الإسرائيلية وإنتهاكاتها لميثاق الأمم المتحدة وللقوانين والاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية.

- رابعًا: قبول غالبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورها الشكلي عبر الإكتفاء بإصدار القرارات دون الإضطلاع بمسؤولياتها لمتابعة تنفيذها سواء مع مجلس الأمن الذي يعمل وكيلاً عنها بتنفيذ سياساتها وقرارتها أو عبر إتخاذ الإجراءات والعقوبات والتدابير المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة بحق الدولة الرافضة لتنفيذها.

- خامسًا: عدم اللجوء لتشكيل جبهة عريضة تعمل إنتصارًا لحقوقها ومهمامها على تعديل ميثاق الأمم المتحدة التي صاغته لمصالحها ونفوذها، الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن المنتصرة بالحرب العالمية الثانية بما يكفل تجسيد مبادئ العدالة والمساواة بين الدول دونما تمييز بصغر أو كبر حجمها وقوتها مما يتطلب إلغاء الفيتو وإلغاء الصلاحيات التنفيذية المناطة حاليًا بمجلس الأمن وإناطتها بالجمعية العامة بعد ثبوت فشل الميثاق الحالي بترسيخ الأمن والسلم الدوليين وإنقاذ البشرية من ويلات الحروب.

- سادسًا: تبرير أميركا ومحورها الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية واستخدامها الأسلحة المحرمة دوليًا  بممارسة حقها في الدفاع عن النفس خلافًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي كفلت للدول والشعوب المتعرضة للعدوان أو لإحتلال أجنبي حق الدفاع عن النفس.

- سابعًا: حمايتها من المساءلة على إمتلاك أسلحة نووية وتهديد قادتها باستخدامه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح في قطاع غزة.
 
- إلى متى سيبقى الكيان الإسرائيلي فوق القانون:

على ضوء ما تقدم يستمر التساؤل، إلى متى سيبقى الكيان الاستعماري الإسرائيلي محصنًا ومن المستفيد من منحه الحصانة التي أدت وتؤدي إلى زعزعة الأمن والسلم الدوليين؟.

الجواب بالتأكيد أن الجهة الوحيدة المستفيدة  تتمثل في أميركا وبريطانيا وفرنسا صانعة هذا الكيان الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي المصطنع لينوب عنها في الحفاظ على مصالحها وهيمنتها ولضمان استمرار تقسيم الوطن العربي وإدامة إخضاعه، تنفيذًا لاتفاقيات سايكس بيكو وسان ريمو وبالتالي السطو على ثرواته ومقدراته الطبيعية وغير الطبيعية، وإبقاء المحور الأميركي صاحب المصلحة الأولى بوجود الكيان الاستعماري الإسرائيلي محصنًا من المساءلة والعقاب وإخراجه من مظلة وجوب الإنصياع للشرعية الدولية بميثاقها وعهودها ومواثيقها واتفاقياتها وقراراتها بإنتهاك صارخ لمسؤولياتها كدول عظمى دائمة العضوية بمجلس الأمن.
بعد ثبوت انحياز السياسة الأميركية "لإسرائيل" ودعمها بكل وسائل القوة وتمكينها الإفلات من المساءلة والعقاب ووضعها في مكانة دولة فوق القانون أدى إلى:

▪︎ العزلة السياسية للولايات المتحدة الأميركية على الساحة العالمية وما القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤسساتها وهيئاتها القضائية إلا دليل على ذلك.

▪︎ تقويض الأمن والسلم الإقليمي الناجم عن تمكين إسرائيل من شن حرب إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني الذي بلغ ذروة وحشيته في قطاع غزة وما نجم عنه من توسع رقعة الصراع جغرافيًا ومن رفض سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، تنفيذًا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

▪︎ إلى إشراك أميركا جنبًا إلى جنب مع "إسرائيل" كمتهم بارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب ضد الإنسانية.

- سيبقى الكيان الاستعماري الإرهابي الإسرائيلي فوق القانون طالما أن:

• المجتمع الدولي بغالبيته حاني الرأس أمام التغول والغطرسة الأميركية التي تتعامل مع العالم.

• القبول بإقصاء مبدأ الحق والنوع أمام حق القوة وما حصل مع الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض أكبر مثال.

• عدم إتخاذ موقف موحد يكفل إعلاء سمو ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية عبر تعديل سريع لميثاق الأمم المتحدة تحت طائلة الإنسحاب الجمعي والعمل على بناء نظام عالمي جديد بعيدًا عن الدول ذات الإستراتيجية الاستعمارية.

• الدعم الدولي  لنضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر من نير المستعمر الإسرائيلي المدعوم أميركيًا حتى الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة المعترف بها دوليًا وعاصمتها القدس، مقرونًا بالعمل على إستصدار قرار عن الجمعية العامة بتجميد عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة وعزلها دوليًا عبر فرض العقوبات المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة يبقى العنوان والبوصلة والبداية.