المقدمة: تستعرض هذه الورقة قراءة تحليلية لفلسفة دونالد ترامب التفاوضية، المستمدة من خلفيته في عالم الأعمال، وكيف تم تطبيقها في السياسة الدولية، وتأثير تصريحاته على القضية الفلسطينية والاستقرار الإقليمي. تلك التي تتعارض مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وأثارت جدلاً واسعاً على المستويين الإقليمي والدولي، حيث اقترح تحويل قطاع غزة إلى ما أسماه "ريفييرا الشرق الأوسط" وتهجير سكانه إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن.
وفي هذا السياق، يُشير الكاتب رشيد الخالدي إلى أن المجتمع الدولي كان دائماً طرفاً فاعلاً في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وهو ما يعكس الرفض العالمي الواسع لتصريحات ترامب التي تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
تعتمد فلسفة ترامب التفاوضية، كما وردت في كتابه "فن الصفقة"، على مبادئ مثل التفكير الكبير وخلق خيارات متعددة والتحكم في السرد الإعلامي. ومع أن هذه الاستراتيجيات قد تنجح في مجال الأعمال، إلا أن تطبيقها في السياسة الدولية يواجه تحديات كبيرة. فمنذ توليه منصبه أثار خلافات واسعة عبر سلسلة من الأوامر التنفيذية والتصريحات المثيرة للجدل.
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل استراتيجيات ترامب التفاوضية وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي والعملية السياسية، من خلال فحص تصريحاته في ضوء فلسفته التفاوضية، وردود الفعل الإقليمية والدولية، والتداعيات المحتملة على القضية الفلسطينية. كما تسلط الضوء على كيفية صناعة الفوضى عبر هذه الاستراتيجيات، وتثير تساؤلات حول مدى جدية ترامب في تنفيذ أفكاره وتأثيرها على الاستقرار في المنطقة.
1. تطبيقات استراتيجية ترامب في السياسية الدولية: في هذا المحور، سنناقش كيف نقل ترامب استراتيجياته التفاوضية من عالم الأعمال إلى السياسة الدولية، وتسليط الضوء على فلسفته القائمة على الرؤى الصادمة والتفكير الكبير وكيف استخدمها في قضية التهجير؟.
- تحليل فلسفة "الرؤى الصادمة": يقدم دونالد ترامب في كتابه الشهير" فن الصفقة"، رؤية مفصلة حول فلسفته في التفاوض وإدارة الأعمال، والتي تعتمد على ثلاثة مبادئ أساسية التي هي ليست مجرد نظريات، بل تمثل منهجية عمل انعكست بشكل واضح في تصريحاته الأخيرة حول غزة، والتي اقترح فيها تحويل القطاع إلى منطقة سياحية فاخرة وتهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن. هذا الاقتراح، الذي وُصف "بالصادم" والمثير للجدل، حيث أثار العديد من التساؤلات حول مدى ارتباطه باستراتيجيات ترامب التفاوضية وتأثيره على المشهد السياسي الدولي. الإضافة إلى الرؤى الصادمة، يعتمد أيضًا هو على مبدأ التفكير الكبير لتحقيق أهدافه الطموحة.
- تطبيق فلسفة "التفكير الكبير": يعتمد ترامب في مناقشاته السياسية والاقتصادية على مبدأ "التفكير الكبير" كأداة لتحقيق أهدافه، فهو يؤمن بأن الأفكار الصغيرة لا تُحدث تغييراً جذرياً كما يشير في كتابه إلى أن المشاريع الضخمة هي التي تخلق تأثيراً واسعاً وتجذب الانتباه وهو ما يمكن قراءته من خلال اقتراحه بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، فهو يقدم رؤية طموحة تتجاهل التعقيدات السياسية والإنسانية للمنطقة ويركز على الجانب الاقتصادي والاستثماري، متجاهلاً السياقات التاريخية والاجتماعية لفلسطين والمنطقة، فعلى الصعيد النظري يمكن اعتبار اقتراحه محاولة لإعادة تصور مستقبل غزة من منظور اقتصادي بحت، دون مراعاة الحقوق السياسية والاجتماعية للسكان، هذا النهج يعكس سمة رئيسية في أسلوبه وهو التركيز على النتائج المادية المباشرة دون الاهتمام بالتداعيات بعيدة الأجل. إلى جانب التفكير الكبير، يستخدم  ترامب استراتيجيات الضغط لفرض أجندته.
- فلسفة الضغط وخلق الخيارات: يُعرف ترامب باستخدامه لاستراتيجيات الضغط في التفاوض، إذ أنه يطرح أفكاراً صادمة لخلق خيارات جديدة وإجبار الأطراف الأخرى على التفاعل معها. فمن خلال فلسفته تلك حيث أسقط اقتراحه بتهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة وهو ما يمكن تفسيره كجزء استراتيجي تكتيكي للتفاوض بهدف إعادة تشكيل النقاش حول مستقبل القطاع ودفع الدول العربية إلى اتخاذ مواقف صريحه بهذا الخصوص. في هذا السياق فقد استخدم ترامب هذا الأسلوب "التفاوض تحت الضغط " في العديد من صفقاته العقارية لإثارة الجدل وفتح "مسارات جديدة للنقاش" الذي اعتبره محللون محاولة لخلق واقع جديد على طاولة المفاوضات وإعادة تعريف القضايا الأساسية المتعلقة بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
- فلسفة استغلال الإعلام لتعزيز أجندته: اعتمد ترامب استراتيجية "الضجة الإعلامية"، التي طالما استخدمها في مجال الأعمال، كأداة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، لا سيما في تصريحاته المثيرة حول قطاع غزة. لم تكن هذه التصريحات عشوائية، بل جاءت ضمن خطة مدروسة تهدف إلى جذب الانتباه وإثارة النقاش، بغض النظر عن طبيعة ردود الفعل. من خلال هذه الاستراتيجية، يسعى ترامب إلى تعزيز موقعه التفاوضي وخلق واقع جديد على طاولة المفاوضات، حيث يصبح محور الحديث الإعلامي.
كما يبرز في كتابه "فن الصفقة"، فإن استراتيجيات ترامب التفاوضية تعتمد على إجبار الأطراف الأخرى على التفاعل مع أجندته، وهو ما يفسر ردود الفعل الإقليمية والدولية القوية التي أثارتها تصريحاته حول تهجير الفلسطينيين. يعكس هذا النهج فهماً عميقاً لدور الإعلام في تشكيل الرأي العام وصناعة القرار السياسي، حيث يتمكن ترامب من خلال التحكم في السردية الإعلامية من إعادة توجيه النقاش نحو قضايا تخدم مصالحه، مما يضع الأطراف الأخرى في موقف دفاعي ويعزز قوته التفاوضية.
- المخاطرة وعدم الإكتراث للتداعيات: يعتبر ترامب نفسه يحقق نجاحًا من خلال طرحه تحويل غزة إلى منطقة سياحية فاخرة ما هو إلا تقديم فكرة جريئة دون الإكتراث بالتداعيات السياسية والإنسانية ويعتبر هذا النهج المعروف بحبه للمخاطرة والتي يعتبرها جزءاً أساسياً في التعامل مع صفقاته التجارية والتي لا تتلاءم في السياقات السياسية الحساسة والمعقدة مثل قضية فلسطين والصراع القائم منذ ما يزيد عن سبعة قرون.
وفقاً لما يذكره ترامب في كتابه، فإنه يعتقد أن النتائج الملموسة الفورية هي الأكثر أهمية، حتى وإن كانت تأتي على حساب عواقب طويلة الأمد. وهذا ما يفسر عدم اكتراثه بالتداعيات السياسية والإنسانية لاقتراحه بترحيل الفلسطينيين من غزة. وكيف أثرت فلسفته على المشهد السياسي الدولي وما تداعياتها خاصة على المواقف الإقليمية وهذا ما يدعونا بعد تحليل استراتيجيات ترامب إلى الانتقال للمحور التالي، تأثير هذه الاستراتيجيات على المواقف الإقليمية.
2. تداعيات تصريحات ترامب على المواقف الاقليمية والدولية: في هذا المحور، سنستعرض ردود الفعل الإقليمية والدولية على تصريحات ترامب، مع التركيز على موقف دولة فلسطين، مصر، الأردن إلى جانب ردود الفعل الإسرائيلية.
- المواقف الإقليمية: تأتي ردود الفعل العربية والإقليمية كأحد العوامل الرئيسية التي شكلت تحديات لسياسات ترامب. هنا سنلقي الضوء على مواقف الدول العربية والإقليمية، وكيف أثرت هذه المواقف على ديناميكيات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
- الموقف الفلسطيني من سياسية التهجير: يشير رشيد الخالدي في كتابه إلى أن مقاومة التهجير كانت دائماً محوراً أساسياً في النضال الفلسطيني، وهو ما يفسر الرفض القاطع من الفلسطينيين والعرب لتصريحات ترامب الأخيرة. في هذا السياق، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، واصفاً إياها بـ"نكبة جديدة" تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان. من جهتها، أدانت منظمة التحرير الفلسطينية هذه التصريحات ووصفتها بـ"المؤامرة الصهيونية"، مؤكدةً أن حق اللاجئين في العودة غير قابل للمساومة وفقاً للقرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة. كما شددت على أن الحل الوحيد للصراع يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. من ناحية أخرى، يحذر فوزي جرغس من أن الحلول الأحادية الجانب، مثل تلك التي طرحها ترامب، لن تؤدي إلا إلى تصعيد التوترات في المنطقة. وقد أكد الرئيس عباس خلال كلمته أمام الاتحاد الإفريقي أن دعوات التهجير تهدف إلى تشتيت الانتباه عن الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة، مثل الاستيطان وسرقة الأراضي، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لمواجهة هذه الممارسات واعتبرت أن أي تحرك يهدف إلى تهجير أهل غزة يشكل عقبة مباشرة أمام تحقيق هذا الحل.
- موقف مصر والأردن: الحفاظ على الاستقرار والأمن القومي: تتبنى مصر موقفاً رافضاً لخطط تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، ويعود ذلك لأسباب أمنية وسياسية. تواجه البلاد تحديات أمنية معقدة، خصوصاً في سيناء ومع حدود قطاع غزة، وتعتبر قبول اللاجئين الفلسطينيين قد يعقد هذه التحديات. كما أن هناك ضغوط شعبية تعكس أهمية القضية الفلسطينية في الهوية المصرية. الرئيس السيسي أكد أن أي خطة لتهجير الفلسطينيين لن تكون على حساب الأمن القومي المصري. يتضح أن الموقف المصري ناتج عن اعتبارات متعددة، تشمل الأمن والسياسة والالتزام بالمبادئ القومية والدينية.
- الحفاظ على الديمغرافية والهوية: تأثرت استراتيجية ترامب التفاوضية في مصر والأردن بشكل كبير، حيث واجهت ردود فعل قوية من دول إقليمية كثيرة، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الشعوب. الأردن، الذي يرفض تهجير سكان غزة والضفة، يتأثر من عدة عوامل، أبرزها التركيبة السكانية والالتزام بحل الدولتين. كما أن التحديات الاقتصادية في الأردن تجعل استقبال مزيد من اللاجئين يشكل عبئاً على الاقتصاد والأمن القومي.
- ردود الفعل الإسرائيلية: لاقت رؤية ترامب إعجاب ودعم القادة الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء نتنياهو، الذي دعى فيها لتهجير سكان غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". أما وزير الدفاع كاتس فقد دعا الجيش لإعداد خطة تفصيلية لتنفيذ الاقتراح. إلى جانب ذلك فقد نالت الفكرة دعماً قوياً من أحزاب اليمين المتطرف، حيث وصف حزب "شاس" ترامب بـ"المبعوث الإلهي"، بينما أبدى زعماء آخرون تأييدهم. بينما أعربت شخصيات وسط المعارضة عن تحفّظات حول تفاصيل التنفيذ. بالإضافة إلى تأييدهم الشديد مثل سموتريتش وبن غفير للفكرة، معتبرين أنها تجسد حلم "الترانسفير" الذي يساندونه، بينما أظهر بعض المعارضين، مثل غانتس ولبيد، انفتاحهم على الفكرة مع تحفظات حول تفاصيلها العملية. من جهة أخرى، أثار الاقتراح جدلاً واسعاً في الإعلام الإسرائيلي، حيث اعتبره البعض إنجازاً تاريخياً، بينما أعرب آخرون عن مخاوف قانونية وأخلاقية. فقد أظهرت استطلاعات الرأي تأييداً كبيراً لفكرة نقل سكان غزة، رغم وجود معارضة ضدها. لم تقتصر ردود الفعل على المستوى الإقليمي، بل امتدت إلى المستوى الدولي، حيث أبدت دول كبرى مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي مواقف واضحة تجاه تصريحات ترامب. لفهم طبيعة تصريحات ترامب يتوجب الانتقال إلى تحليل المواقف الدولية وبيان أثرها على القضية الفلسطينية، حيث نناقش ردود فعل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
- المواقف الدولية: سنستعرض في هذا الجزء بعض هذه المواقف الدولية وتحليل تأثيرها على المشهد السياسي.
- موقف روسيا والصين من سياسية التهجير: أكدت روسيا رفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرةً أن ذلك يتعارض مع القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة. وشددت على أن الحل الوحيد للصراع يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967. كما انتقدت سياسات ترامب "الأحادية الجانب" التي تدعم مصالح إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية، محذرةً من تفاقم التوترات الإقليمية. ودعت روسيا إلى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل شامل، مؤكدة أن الحلول الأحادية لن تحقق السلام.
من جهتها، عبرت الصين عن رفضها القاطع لأي نقل قسري للفلسطينيين من غزة، ووصفت اقتراح ترامب بأنه "قانون غاب" يتعارض مع حقوق الشعب الفلسطيني. وأكدت دعمها لحل الدولتين كحل وحيد للصراع، معتبرةً أن أي محاولات تهجير تزيد من حدة التوترات وتعيق جهود السلام. كما انتقدت السياسات الأحادية التي تخدم مصالح إسرائيل، ودعت إلى حوار شامل تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكدة أن الحلول العسكرية أو الأحادية لن تحقق الاستقرار.
- الموقف الاوروبي "انتقاد رؤية ترامب أحادية الجانب": أبدى الاتحاد الأوروبي اعتراضه الشديد على أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرًا هذه الخطوة تتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة وشدد الاتحاد الأوروبي على أهمية تحقيق حل الدولتين كحل وحيد للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وصفه بأنه يهدد مسار السلام. كما انتقد توجهات ترامب التي تُعتبر "أحادية الجانب" وتخدم مصالح إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية. وأكد أن مثل هذه التصريحات تؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية وتعرقل جهود السلام على الرغم من محاولات ترامب فرض رؤيته الأحادية، إلا أن تصريحاته قوبلت برفض قاطع من قبل العديد من الدول والمؤسسات الدولية.
3. ردود فعل الهياكل والمنظمات من تصريحات ترامب: في هذا المحور سيتم تحليل مواقف لأهم الهياكل والمؤسسات الدولية والإقليمية من تصريحات ترامب حول تهجير الشعب الفلسطيني وهذا ما نعتبره كأحد العوامل الرئيسية التي شكلت تحديات لسياسات ترامب. ففي هذا المحور، سنلقي الضوء على مواقف جامعة الدول، الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة و منظمة التعاون الإسلامي وكيف كان لها الأثر في اسناد الموقف الفلسطيني أمام الرأي العام الدولي.
- موقف جامعة الدول العربية: يتناول فوزي جرغس في كتابه الدور المحوري للجامعة العربية في تنسيق المواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أهميتها كمنصة موحدة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. وقد تجلى هذا التنسيق في البيان الصادر عن الجامعة، الذي رفض بوضوح تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين، مما يعكس موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية. كما انتقدت الجامعة سياسات إدارة ترامب، واصفةً إياها بالمنحازة لدعم إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية، مما يزيد التوترات الإقليمية ويعرقل جهود السلام. إلى جانب ذلك، أكدت الجامعة العربية دعمها الكامل للموقف الفلسطيني، مشددة على ضرورة تبني حل الدولتين كإطار شامل لإنهاء الصراع، ورفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرةً أن هذه الخطوات تتعارض مع القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة وتشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.
- الاتحاد الأفريقي: اتسم موقف الاتحاد الأفريقي بالوضوح تجاه القضية الفلسطينية، حيث أبدى رفضه القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبراً أن هذه الخطوة تتعارض مع القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة وتُمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان. وأكد الاتحاد أن الحل الوحيد للصراع يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، محذراً من أن أي محاولات تهجير قد تعرقل تحقيق هذا الحل. كما انتقد السياسات "الأحادية الجانب" لترامب التي تعزز مصالح إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية، مشيراً إلى أن مثل هذه التصريحات تزيد من حدة التوترات الإقليمية وتُضعف جهود السلام.
- الأمم المتحدة: أكدت الأمم المتحدة رفضها التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرةً أن هذه الخطوة تتعارض مع القانون الدولي ومبادئها الأساسية وتُمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان. إلى جانب ذلك، أظهرت دول عربية بارزة مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن وقطر تضامناً عربياً ودولياً واسعاً مع حقوق الشعب الفلسطيني، حيث رفضت بشكل قاطع فكرة التهجير وأكدت على ضرورة تحقيق حل الدولتين كمدخل أساسي للسلام. وقد ظهر هذا الموقف جلياً خلال مؤتمر لوزراء خارجية هذه الدول في الأول من فبراير، حيث أكد البيان الصادر على رفض أي أفكار مرتبطة بالتهجير، مشدداً على أن الحل الوحيد يكمن في إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967. هذا الموقف المشترك يُرسل رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن الحلول الأحادية الجانب لن تحظى بقبول وتهدد السلم والأمن الدولي.
- منظمة التعاون الإسلامي: رفضت منظمة التعاون الإسلامي أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك يتعارض مع القانون الدولي. كما أعربت عن أن أي تهجير يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان. تأثرت دول عديدة بتصريحات الرئيس الأميركي السابق حول إمكانية تهجير الفلسطينيين في ظل تصاعد التوترات بعد هجوم السابع من أكتوبر .
في النهاية، نصل إلى تداعيات ودلالات سياسة ترامب تجاه القضية الفلسطينية، في هذا المحور سوف نناقش التحديات الكامنة من رؤية ترامب للتهجير، خاصة في ظل الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية وحقوق الإنسان. وسوف نقوم ببيان تحليل كيف تتعارض هذه الرؤية مع الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وتاريخه النضالي.
4. تداعيات ودلالات رؤية ترامب السياسية على القضية الفلسطينية: في هذا المحور سنستعرض تأثير سياسية ترامب على القضية من جوانب مختلفة منها عملية السلام والتحديات الإنسانية والسياسية للرؤية الصهيونية للتهجير، وانعكاس تلك السياسية على مكانة ومصداقية الولايات المتحدة وأثرها على الحفاظ على الهوية.
- تحديات سياسية وإنسانية بين الرؤية والهوية الفلسطينية: يتناول رشيد الخالدي في كتابه أهمية فهم السياق التاريخي للصراع العربي الفلسطيني-الإسرائيلي، محذراً من أن إجبار الفلسطينيين على التهجير قد يزيد من تعقيد الأزمة ويزيد التوترات الإقليمية. يُشير إلى أن تصريحات ترامب تمنح دلالات تهجير قسري تهدد حقوق الفلسطينيين إضافة إلى أن تفاصيل الرؤية غير واقعية لأراضيهم، مما يعزز المخاوف من تصعيد العنف وانتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار.
من جهته يشير فوزي جرغس في مؤلفه "صناعة العالم العربي"، إلى أن القضية الفلسطينية تظل محوراً رئيسياً لصراعات الشرق الأوسط السياسية والفكرية. وهذا يفسر الرفض القاطع لدى الدول العربية كما ذكرنا سابقًا لتصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين. وهو ما يعكس حقيقة الوضع الإقليمي المتوتر بشكل مستمر، حيث أدت تصريحات ترامب المثيرة للجدل حول تهجير الفلسطينيين إلى حالة من عدم اليقين والاضطراب ومؤكدين على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وعلى الصعيد الدولي، قوبلت رؤية الرئيس الأميركي برفض واسع يعكس دعم حقوق الشعب الفلسطيني، مما يؤكد أن الحلول الأحادية الجانب لن تحظى بقبول دولي وقد تؤدي إلى تفاقم التوترات.
- دلالة الاستخدام بين الطرح الدبلوماسي والنوايا الضمنية: إن الاستخدام "الدبلوماسي لكلمة نقل" من قبل ترامب يُفهم في الواقع على أنه تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ويبدو أن ترامب يراها عقار تجاري من خلال وصفه بأنها منطقة تتمتع بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط، مما يتيح له رسم صورة مثالية لها تشبه الريفييرا الفرنسية. قوبلت تصريحاته ودلالاتها الضمنية من الدول العربية التي تعارض فكرة التهجير لأسباب كثيرة، منها رفض الفلسطينيون أنفسهم مغادرة أراضيهم التي يعتبرونها فقدان لهويتهم. وفي الوقت نفسه، تطرح أسئلة حول كيفية قدرة الولايات المتحدة على التحكم في الوضع وإعادة إعمار الأراضي الفلسطينية بغياب الدعم العربي. تشير هذه التساؤلات إلى تعقيدات كبيرة تكمن في السياسات الأميركية وتأثيرها على المصالح الدولية والإقليمية وهنا تكمن المشكلة في مستقبل هذه المقترحات التي حتما ستؤدي إلى إنهاء القضية الفلسطينية.
- أثر رؤية ترامب السياسية على الدور الأميركي في عملية السلام: يرى العديد من المحللين أن الرفض الإقليمي والدولي لتصريحات ترامب حول التهجير يضر بمصداقية الولايات المتحدة كوسيط في عملية السلام. وقد أثرت هذه المواقف سلباً على قدرة أميركا في القيام بدور فعال في هذه العملية، مما يتيح للفلسطينيين تعزيز موقفهم أمام المجتمع الدولي، فمن جهة أخرى ساهم دعم ترامب للإيديولوجيات اليمينية في إسرائيل في تسهيل التوسع وضم الضفة الغربية، مما يتعارض مع دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه. كما أن سياسات ترامب تتناقض مع المبادئ التي تروج لها الولايات المتحدة حول مكافحة الإرهاب وتعزيز الديمقراطية، مما يطرح تساؤلات حول أهداف سياستها ومدى اتساقها مع قيمها المعلنة. هذه التناقضات تُظهر تآكلاً في مصداقية الولايات المتحدة كقائدة للعالم، وتُبرز التحديات التي تواجهها في الحفاظ على دورها كوسيط فاعل في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. كما أنه أثر على جهود السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث أكدت المملكة على أهمية الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة قبل أي علاقات مع إسرائيل.
- الخلاصة: تناولت القراءة فلسفة دونالد ترامب التفاوضية حول قضية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة من جوانب عدة، حيث تم تحليل تصريحاته المثيرة للجدل والتي اقترح فيها تحويل غزة إلى منطقة سياحية فاخرة وتهجير سكانها إلى دول مجاورة. اعتمد ترامب في طرحه على استراتيجيات مستمدة من كتابه "فن الصفقة"، مثل "الرؤى الصادمة"، و"التفكير الكبير"، و"الضغط وخلق الخيارات"، و"الضجة الإعلامية"، و"المخاطرة وعدم الاكتراث للتداعيات". ومع أن هذه الاستراتيجيات قد تنجح في عالم الأعمال، إلا أنها واجهت رفضاً واسعاً على المستويين الإقليمي والدولي بسبب تعارضها مع القانون الدولي وحقوق الإنسان.
- الاستنتاجات: واجهت تصريحات ترامب رفضاً قاطعاً من الدول العربية والمجتمع الدولي، حيث اعتبرت انتهاكاً للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة. كما أثارت مخاوف من تفاقم التوترات الإقليمية وتقويض عملية السلام. كما أثرت سياسات ترامب سلباً على مصداقية الولايات المتحدة كوسيط نزيه في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، خاصة مع دعمه الواضح لإسرائيل وتجاهله للحقوق الفلسطينية.الى جانب تجاهل ترامب التعقيدات السياسية والإنسانية للقضية الفلسطينية، حيث ركز على الجانب الاقتصادي دون مراعاة السياقات التاريخية والاجتماعية. إضافة إلى أن استخدام ترامب الإعلام كأداة لخلق ضجة إعلامية وإجبار الأطراف الأخرى على التفاعل مع أجندته، مما عزز موقفه التفاوضي على حساب الاستقرار الإقليمي.
- التوصيات: توصي وجوب المجتمع الدولي دعم حلول متوازنة تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على حدود 1967، وترى أنه على الولايات المتحدة العمل على إعادة بناء ثقتها كوسيط نزيه في عملية السلام، من خلال تبني سياسات أكثر توازناً واحتراماً للقانون الدولي. إضافة لتعزيز الحوار بين الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق حل شامل ودائم للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وضرورة أن تأخذ أي مفاوضات مستقبلية في الاعتبار الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، بما في ذلك حق العودة وحق تقرير المصير ودعم دور المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة في تحقيق السلام والعدل للمنطقة ككل.
- المصادر والمراجع:

- الكتب:
1. Khalidi, R. (2020). The Hundred Years' War on Palestine: A History of Settler Colonialism and Resistance, 1917–2017. Metropolitan Books.
2. Gerges, F. A. (2018). Making the Arab World: Nasser, Qutb, and the Clash That Shaped the Middle East. Princeton University Press.
3. Trump, D. J., & Schwartz, T. (1987). The Art of the Deal. Random House.
- مقالات منشورة:
1. الهزايمة، هاني.الرأي (27.1.2025). تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين: قراءة في التداعيات والمسؤوليات.. تم الاسترداد من https://short-link.me/SWnP
2. بي بي سي عربي. (10.2.2025). ترامب: الفلسطينيون لن يكون لهم حق العودة إلى غزة. تم الاسترداد من https://short-link.me/SWpd
3. بي بي سي عربي. (9.10.2024). رحلة دونالد ترامب من قطاع العقارات إلى عالم السياسة. تم الاسترداد من https://short-link.me/T2lp
4. سكاي نيوز عربية. (27.1.2025). تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين..مناورة سياسية أم تهديد؟ تم الاسترداد من https://short-link.me/T2lA 
5. سكاي نيوز عربية. (6.2.2025). الشاطئ السبب..هكذا وصل ترامب إلى فكرة الاستيلاء. تم الاسترداد من https://short-link.me/T2m2
6. سكاي نيوز عربية. (6.2.2025). ترامب: إسرائيل ستسلم غزة إلى أمريكا بعد الحرب. تم الاسترداد من https://short-link.me/SVlQ
7. سكاي نيوز عربية. (5.2.2025). لقاء ترامب ونتنياهو.. ملاحظات رئيسية من "صدمة غزة". تم الاسترداد من https://short-link.me/SVmP

- مقالات:
1. علام، مها. (20.1.2025). من الانعزالية إلى الإمبريالية: كيف يمكن تفسير خطاب ترامب التوسعي؟ المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. تم الاسترداد من https://short-link.me/SWsi
2. روكيت، بولين. (7.2.2025). مخطط دونالد ترامب لتهجير سكان قطاع غزة بين الواقع والخيال. فرانس24. تم الاسترداد من https://short-link.me/SVgC
3. محمود، حمدي. (بدون تاريخ). خطة ترامب لتهجير أهل غزة: نكبة جديدة أم مؤامرة فاشلة؟ المركز الديمقراطي العربي. تم الاسترداد من https://short-link.me/SWt7
4. سعدون، ح. (بدون تاريخ). معركة الصمود مستمرة لإسقاط "مخطط ترامب".. التهجير لن يمرّ. الأيام نيوز. تم الاسترداد من https://short-link.me/SWwg
5. سلامة، سمر. (7.1.2025). تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين تشعل غضب المجتمع الدولي. اليوم السابع. تم الاسترداد من https://short-link.me/SVh9
6. السيد، س. (6.2.2025). ما ردود الفعل الدولية على تصريحات ترامب بشأن تهجير أهل غزة؟ القاهرة الإخبارية. تم الاسترداد من https://short-link.me/QngC

- تقارير:
1. مونتي كارلو الدولية. (8.2.2025). ترامب يواصل قراراته المثيرة للجدل. تم الاسترداد من https://short-link.me/Qn98
2. يوسف، خالد. (10.2.2025). وزير إسرائيلي: إدارة ترامب تمثل فرصة تاريخية لضم الضفة الغربية. الأناضول. تم الاسترداد من https://short-link.me/SWUq
3. سكاي نيوز عربية. (15.2.2025). تنديد أفريقي بدعوة ترحيل الفلسطينيين. تم الاسترداد من https://short-link.me/T2o4 
4. الشرق الأوسط. (21.2.2025). الرئيس الفلسطيني: واهم من يعتقد أنه بإمكانه فرض "صفقة قرن جديدة" أو تهجير شعبنا. تم الاسترداد من  https://short-link.me/T2zG
- مقالات الانجليزية:
1. Magdy, Samy. (12.2025.). Arab nations reject Trump’s suggestion to relocate Palestinians from Gaza to Egypt and Jordan. https://short-link.me/Qnjb