لم تعجب الناطق باسم حركة "حماس" حازم قاسم، تصريحات نائب رئيس حركته في الخارج، موسى أبو مرزوق، التي قال فيها: إنه لو كان يعلم بعواقب هجوم السابع من أكتوبر والدمار الذي سببه في غزة لما أيدت الهجوم، لم تعجب هذه التصريحات قاسم الذي سارع إلى نقدها بالقول: إن هذه التصريحات لا تمثل موقف "حماس". مضيفاً: إن "ملحمة السابع من أكتوبر" ستظل نقطة فارقة في تاريخ كل الشعوب المحتلة. والحقيقة أنها فارقة حقًا، لكن في الاتجاه المعاكس، الذي ينكره هذا الناطق، الاتجاه الذي سيضع "السابع من أكتوبر" على طاولة التاريخ كحدث أصاب الشعب الفلسطيني بنكبة ثانية.

ولأن أبو مرزوق أعلى بدرجات تنظيمية لافتة من قاسم سارعت حركة "حماس" التي لم تعجبها تصريحات الناطق باسمها إلى إصدار بيان "توضيحي" قالت فيه: إن هذه التصريحات نسبت إلى أبو مرزوق، وإنها غير صحيحة، لكنها في ذات الوقت، وبتعارض صارخ مع حجتها هذه، أكدت أن هذه التصريحات له، حين أحالتها إلى فبركة أنه "تم اجتزاؤها" من سياقها. ولهذا لم تعكس المضمون الكامل للإجابات، وتم كما قالت في النص: "إخراجها من سياقها بما لا يخدم المعنى الحقيقي للمحتوى الذي قدم المقابلة".

كأن حماس باتت تتأرجح على حبال لم تعد مشدودة تمامًا بين موقفين داخلها، موقف لا يريد رفض الناطق باسم "حماس" تصريحات أبو مرزوق، وآخر يسعى لتبرير هذه التصريحات، في بيان لا نفي فيه، ولا تأكيد، تحت ذريعة الاجتزاء، والإخراج من السياق. وهناك مضمون أراد بيان حماس من محرر المقابلة في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن يتحدث عنه، وليس ثمة مهنية في هذا الإطار، تتحدث عن المضمون، الذي يشبه المعنى الذي في بطن الشاعر.

بيان حماس هذا، هو على نحو ما موقف يعبر عن انتهازية الباب الموارب، وترك هذا الباب على هذه الحال لتؤكد استعدادها لنبذ كل عمل مسلح، طالما أن المضمون الذي تحدث عنه البيان، يظل قابلاً للتأويل والتفاوض معًا، فبيان حماس في دفاعه عن تصريحات أبو مرزوق لم يتطرق لنص هذه التصريحات، وسعى إلى تغطيتها بمطلقات شعارات المقاومة وخطابها، عن حق المقاومة للشعوب المحتلة بلادها، وبكونه حق مقدس، هذا صحيح بالطبع، ولا لبس فيه، غير أن هذا لا يعني تحريم النقد، والمراجعة، وتفحص الواقع كما هو، هذا الواقع الذي أجبر أبو مرزوق على الاعتراف بأن هجوم "السابع من أكتوبر" سبب الدمار لغزة، بعد أن شكل ذريعة لإسرائيل لتشن حرب الإبادة، لا ضد قطاع غزة فحسب، وإنما أساسًا ضد فلسطين بأسرها، شعبًا، وأرضًا، وقضية، ومستقبلاً هذا المحمول على المشروع الوطني التحرري، مشروع الحرية والاستقلال. 

يبقى أن نقول سواء رضيت حماس بتصريحات أبو مرزوق بعد تبريرها، أو رفضتها كما جاء في تصريحات الناطق باسمها، فإن "السابع من أكتوبر" بات أحد مشكلاتها العويصة.