في حلقة خاصة على قناة “فلسطيننا” الفضائية، ناقش الباحث في العلوم السياسية والسياسات العامة، د. يحيى قاعود، الأوضاع الميدانية في لبنان وغزة، وعمقها العربي وذلك ضمن برنامج حواري عبر الهاتف، استضافه الإعلامي يوسف زريعي.
بدأ قاعود حديثه بالملف اللبناني، قائلاً: "إن قرار وقف إطلاق النار اُتخذ بعد عملية مفاوضات جرت في فرنسا، وبين وسيط الولايات المتحدة وإسرائيل ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبات الضامن للاتفاق فرنسا وقوة وديبلوماسية الولايات المتحدة".
وحول الخسائر البشرية والمادية في لبنان، علق قاعود بأنها كانت متوقعة، لأن إسرائل بترسانتها العسكرية لم تكن وحدها، بل ساندتها الولايات المتحدة، ودول غربية عدة، وحتى اللحظة الاحتلال لم ينسحب من لبنان، ويفتعل خروقات للهدنة، وتابع قاعود قائلاً: فعليًا وقف العدوان سيؤثر سلبًا على فلسطين، لكن لبنان كسب وقف عدوان من قبل عدو لا يعرف أي مبدأ من مبادئ القانون الدولي أو اتفاقيات جنيبف.
وحول الخروقات، أشار قاعود إلى أن الجانب الإسرائيلي أو الفرنسي، لم يصرح أي طرف منهما بهذا الأمر، فقط من ينشره إعلاميًا هو الجانب اللبناني، وشدد قاعود أنه منذ تاريخ صراعنا مع الاحتلال دائمًا بعد وقف إطلاق النار يكون هناك استهداف، وخروقات وحصارًا اقتصاديًا وسياسيًا، فما يحدث في لبنان عبارة عن سياسة مبرمجة لدى حكومة الحرب الحالية وحتى السابقة، وهذه الاستراتيجية تعتمدها إسرائيل كعامل ضغط على لبنان، ليس فقط على الجانب العسكري فحسب، بل هدفها التحكم والسيطرة على الإغاثة للمنكوبين والمهدمة بيوتهم في الجنوب من خلال المؤسسات الدولية.
وتطرق قاعود لرؤيته الخاصة بما يتعلق بالهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط، وبما يتعلق بمستقبل لبنان سياسيًا، قائلاً: إنَّ لبنان اليوم أمام كارثة بسبب الدمار والخراب وكل ما يتعلق بالبنية التحتية، والعالم سوف يتحكم بإعادة الإعمار، لذلك الضامن الفرنسي لن يسمح للولايات المتحدة أو الاحتلال بعملية الضغط، أو تكون الورقة في يد الولايات المحتدة. ورجح القاعود أن جبهة لبنان ستهدأ ويعاد ترتيب ما عاث به خرابًا وتدميرًا هذا من جهة، أما من جهة أخرى الاحتلال يريد إقناع الشارع الإسرائيلي والرأي العام العالمي أنَّ ما قام به لا يتعلق بالإجرام ولا بالقانون الدولي إنما هو محاربة للإرهاب، ومن جهة أخرى أيضًا هي سياسة إلهاء الإسرائيلية أي أنَّ الاحتلال يتحدث بكل تلك التطورات في الإعلام حتى وصل بأحد زعماء المعارضة أنّ يقول إنَّ حزب الله رفع راية النصر، وإسرائيل رفعت الراية البيضاء.
وتابع القاعود: إسرائيل تقوم بكل ما سبق وقد تصل بها إلى الاغتيالات واستخدام سياسة إلهاء بهدف إشغال العالم بالملف اللبناني وملف إعادة الإعمار، في الوقت الذي ينظم فيه الاحتلال الإسرائيلي أوراقه من جديد لاستكمال الإبادة في قطاع غزة.
وحول تحقيق قرار وقف إطلاق النار في عهد بايدن قبل تسلم ترامب، أكد القاعود أنَّ من المعلوم من قاد المفاوضات وتوصل لوقف إطلاق النار، هي إدارة بايدن لكن هذا القرار مرهون بستين يومًا، وما بعد ذلك سيكون ترامب قد استلم ويمكن أن نرى ترسيمًا للحدود، وشدد قاعود أنَّ الإعلان النهائي والواضح بما يتعلق بلبنان هو مخفى ومؤجل حتى تولي ترامب منصبه.
وفيما يتعلق بفصل الساحة اللبنانية عن ساحة غزة، رجح قاعود أنَّ حزب الله اتخذ قرار عقلاني، بعد ما تعرض له من الجانب الإسرائيلي من تفجير اللاسلكي واغتيال قادته وتدمير الجنوب، كل ذلك جعله يعيد تنظيم أوراقه هذا من جانب، أما من جانب آخر رجح قاعود أن يكون حزب الله وجد نفسه وحيدًا في المعركة، لأن مهما كانت قوته العسكرية من الصعوبة مواجهة جيش منظم تسانده الولايات المتحدة.
وتابع قاعود قائلاً: إنَّ أسباب مساندة حزب الله لغزة كانت واضحة وهادفة لتخفيف الضغط من أجل وقف إطلاق النار وليس لإنهاء الاحتلال أو الدخول لفلسطين بريًا، لكن حركة حماس حينما قامت بعملية السابع من أكتوبر كان هدفها إعلان بداية عملية التحرير، وبعد كل ما وصلت إليه غزة لم تغير سياستها بسبب وجود عشرين ألف أسيرًا والاحتلال يوسع بالمستوطنات، وأكد قاعود من خلال تحليلاته السياسية أنه ضد هذا المبدأ وطالب باستخدام الوعي والاستدراك السياسي كما فعل ميقاتي في لبنان، وشدد على أن حماس تعتبر نفسها منتصرة، لكن للأسف هي تبث صورة انتصار ولا تبث صورة المحرقة والإبادة الحاصلة، وبالتالي على حماس أن تغير من هذه الاستراتيجية وعلى منظمة التحرير أن تكون في الواجهة كونها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
وفي الختام شدد قاعود على أنَّ تقديم ومساندة لبنان بالغالي والنفس لغزة لم تقوم به أي دولة، وأكد أنَّ لبنان قرر الفصل وفقًا للحسابات الإقليمية ومصالحة وأهدافه الاستراتيجية، والحل لغزة هو حل الدولتين مع وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وأشار إلى أنَّ جميع الأذرع الإيرانية سواء شعبنا والرأي العام يتفق معها أو ضدها لن تستطيع مجابهة الاحتلال المدعوم من الدول الغربية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها