بقلم: الحارث الحصني
في اليوم السابع والثلاثين بعد المئتين، من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لبس فيها القطاع المحاصر ثوب الدمار في كل مناحي الحياة اليومية.
تستخدم ديما البحيصي فرنها الطيني، التي تُخرج للمواطنين أطباقًا مختلفة من الحلويات الشهية، وتبدع في ذلك، وهي مثل غيرها، نزحت من مكان سكنها إلى مكان آخر داخل حدود مسقط رأسها دير البلح، وصنع أطباق الحلوى كان "هواية" قبل سنتين، ورغم ذلك، كانت ديما قبل بدء العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/ اكتوبر الماضي، تصنع أطباق الحلوى بشكل لائق، وكان من المقرر أن درس فنون الطهي هذا العام في الأردن. و"كان للقدر رأي آخر".
وفي الوضع الحالي، ما زالت البحيصي تصنع أطباقًا مختلفة الحلوى، لتوزيعها على المواطنين ضمن مبادرات يقوم عليه شبان وبعض الجمعيات في القطاع، وظهرت في أكثر من مقطع مصور وهي تفعل ذلك، وقصتها واحدة من آلاف القصص الغزية الماثلة رغم العدوان المدمر على القطاع، وهذا لا يخفي أن الفتاة فقدت عملها بسبب العدوان، فمنظمة العمل الدولية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أكدا أنه حتى 31 كانون الثاني/يناير الماضي، تم فقدان حوالي 201,000 وظيفة في قطاع غزة بسبب العدوان المستمرة، وهو ما يمثل حوالي ثلثي إجمالي العمالة في القطاع.
وقالت منظمة العمل الدولية: أنه في حال استمرار العدوان حتى نهاية شهر آذار/مارس 2024، فمن المتوقع أن يصل معدل البطالة السنوي لعام 2024 بأكمله إلى 42.7%، وفي حال استمرار العدوان لربع ثانٍ، أي حتى نهاية حزيران/يونيو 2024، فمن المتوقع أن يرتفع المعدل السنوي للبطالة إلى 45.5%، وفي هذه الظروف، كيف استمرت الفتاة التي لم تجنِ من عملها الآن أي ربح مادي، في صنع الحلويات؟
في اليوم السادس من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تركت بحيصي منزلها ونزحت إلى منزل أحد أقربائها المجاور لمدرسة إيواء نازحين، ومخيم للنازحين.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها برًا وبحرًا وجوًا على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 36224 ألف مواطن، أغلبيتهم من النساء والاطفال، و81777 ألف جريح، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وكانت الفتاة التي تحدثت كثيرًا عن صعوبة الحياة في غزة خلال أشهر العدوان، مازالت تعد الحلوى باستخدام الغاز الطبيعي، وهو الطريقة الأكثر تناسبًا لصنعها، وظل الأمر على ذلك حتى قبل أربعة أشهر من اليوم، عندما بدأت مقومات الحياة بالنفاذ، وأخذت أسعار الحياة بالارتفاع بشكل جنوني، وأصبح على الفتاة البحث عن طرق أخرى.
اليوم وبعد أربعة أشهر تقريبًا، تصف الفتاة نفسها أنها متمرسة في إعداد الحلوى باستخدام النار، لكن منطقيًا تبقى جودة الحلويات باستخدام الغاز أفضل، ففي غزة، المكان الذي تمارس فيه إسرائيل تجويعًا واضحًا لأهله بسبب عدوانها المستعر، وإغلاقها المعابر، أمكن للبحيصي الالتفاف قليلاً على ذلك الأمر، بصناعتها أنواعًا مختلفة من أطباق الحلوى، لكن، كم يستغرق طبقًا من الحلوى وقتًا لذلك؟
تقول ديما: بأنه "يجب أن تحمل طبق الحلوى الخام "قبل طهيه" من المنزل الذي تسكن فيه حاليًا، إلى الفرن الطيني في أرض مجاورة، تحتاج لكل طبق سبع دقائق مسافة الطريق، وهذه ليست المشكلة الوحيدة، فصنع قطعة حلوى في غزة المحاصرة، لن تجد كل المكونات الأساسية، لكن استطاعت حل تلك المشكلة أيضًا، باستبدلها بعض المكونات بأخرى غير متوفرة تفي بالغرض، عملية معقدة في هذه الظروف، ويُذكر أنها تعد أطباق الحلوى مرة كل أسبوع، لتوزيعها على المواطنين في مخيمات النزوح.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها