تشهد محطة تحلية مياه البحر على شاطئ مدينة دير البلح وسط قطاع غزة اكتظاظًا غير مسبوق للنازحين الراغبين في تعبئة غالونات مياه صغيرة أو براميل كبيرة تحملها شاحنات وعربات تجرها الدواب، في حين يضطر الكثير من النازحين في دير البلح وسط القطاع أو منطقة المواصي غرب خان يونس جنوبًا إلى قطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام والانتظار لساعات أمام المحطة حتى يتمكنوا من توفير كميات محدودة من المياه، وتنقسم المواصي إلى منطقتين متصلتين جغرافيًا، تتبع إحداهما لمحافظة خان يونس، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من المحافظة، في حين تتبع الثانية محافظة رفح.

والمواصي مناطق رملية على امتداد الخط الساحلي، تمتد بشكل عام من جنوب غرب دير البلح وسط القطاع مرورًا بغرب خان يونس حتى غرب رفح جنوبًا، ويعاني أهالي القطاع، من أزمات إنسانية عديدة من بينها نقص حاد في المياه جراء قطع قوات الاحتلال إمدادات الماء والوقود، واستهداف مرافق المياه والآبار في العديد من المحافظات، ضمن عدوانها المدمر الذي بدأ في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ويقول الشاب أحمد محمود، الذي يقف أمام محطة التحلية الموجودة على شارع الرشيد الساحلي، تحت أشعة الشمس الحارقة وفي أجواء شديدة الحرارة، في محاولة للحصول على المياه عبر تعبئة غالون أصفر صغير: "منذ بداية العدوان على قطاع غزة نعيش يوميًا معاركًا عديدة من ضمنها معركة الحصول على المياه، فلا يمكن أن نستسلم أو نهزم فيها، لأن ذلك يعني تفاقم معاناتنا"، مؤكدًا أنه في كل يوم يخرج صباحًا لقضاء حاجاته هو وأسرته، من تعبئة غالونات المياه العذبة والمالحة، والعودة لإشعال النار لطهي الطعام، لكن معركة الحصول على المياه هي أصعب هذه المعارك وأشدها.

ويقول الشاب أنس قاعود، الذي نزح من حي الشيخ رضوان إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة: "نعاني من أزمة حادة في المياه منذ نزوح المواطنين من مدينة رفح، بسبب الكثافة السكانية في دير البلح، حيث لم يعد هناك متسع بعد أن نصب النازحون الخيام في كل مكان وشارع وزقاق"، موضحًا أن المياه لم تكن تكفي لسكان دير البلح والنازحين إليها، لكن نزوح سكان رفح والنازحين فيها زاد الأمر صعوبة وتعقيدًا، وأصبحنا نقف في طوابير طويلة لتعبئة غالون مياه واحد أو جردل مياه لغسل الملابس والأواني، مبينًا أن سعر غالون المياه العذبة ارتفع وأصبح 3 شواقل بدلاً من شيقل واحد "الدولار يساوي 3.69 شيقل"، وأصبحنا نقوم بالتعبئة مجانًا مرة أو مرتين في الأسبوع، بعد أن كانت مجانية، وباقي الأسبوع نقوم بشرائها. 

وتعيش المواطنة أم نبيل، النازحة من شمال قطاع غزة إلى دير البلح، معاناةً يومية للحصول على المياه الحلوة والمالحة، خاصة مع اشتداد الأزمة بعد نزوح أهالي رفح.

وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا": أن نحو مليون مواطن اضطروا إلى النزوح من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة خلال الأسابيع الـ3 الماضية، جراء عمليات الجيش الإسرائيلي تزامنًا مع القصف المكثف، مشيرة إلى أن نقص الغذاء والماء، وتكدس أكوام النفايات، والظروف المعيشية غير المناسبة، ما يجعل تقديم المساعدة شبه مستحيل يومًا بعد يوم. 

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها برًا وبحرًا وجوًا على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 36171 ألف مواطن، أغلبيتهم من النساء والاطفال، و81420 ألف جريح، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.