لم تقم صلاة الظهر داخل مسجد النصر وسط البلدة القديمة بمدينة نابلس يوم أمس الأحد؛ عقب إغلاق أبوابه لأعمال الصيانة والترميم، بعد أن أحرقه جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الجمعة الماضي.
وأكد إمام المسجد أحمد زنادة أن الليلة الماضية، أقيمت آخر صلاة للعشاء والتراويح في المسجد في شهر رمضان، وهذه المرة الأولى التي يغلق المسجد أبوابه فيها منذ تشييده، والتي قد تستمر لمدة شهر.
ورغم انقطاع التيار الكهربائي والمياه وتدمير السجاد في أرضية المسجد، إلا أن آلاف المصلين قد جاؤوا للمسجد لأداء الصلاة وللتعبير عن رفضهم لجرائم الاحتلال بحق الأماكن الدينية والمقدسات.
وعلى مدار اليومين الماضيين عمل أهالي مدينة نابلس كخلية نحل لإزالة آثار العدوان والحريق، وإخراج الأثاث المحترق وتنظيف أرضية المسجد وإزالة السجاد المحترقة، فيما تسابقت عائلات وأفراد رجال وأطفال على تبرعهم بكل ما يلزم لإعادة المسجد لسابق عهده.
ويشير زنادة إلى أنه يعمل إمامًا للمسجد منذ عام 2011، وخلال سنوات عمله تعرض المسجد لاقتحامات متكررة من جيش الاحتلال كان يجري فيها تحطيم نوافذ وأبواب وتدمير محتويات، لكن هذه المرة الأولى التي يجري فيها حرق المسجد منذ إعادة بنائه عام 1935.
ويرجع أول بناء وإقامة لمسجد النصر إلى عام 15 للهجرة، قبل أن يتحول لكنيسة عام 1099 عندما احتل الصليبيون فلسطين، ثم استعاد المسلمون المسجد بعد أن انتصروا بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين عام 1187.
ويشير زنادة إلى أن البناء القديم للمسجد دمر جراء الزلزال الذي ضرب فلسطين عام 1927، وأعيد بنائه عام 1935 بشكله الحالي.
وتحدث محافظ نابلس غسان دغلس في كلمة عقب صلاة التراويح الليلة الماضية، بأن "ما جرى من إحراق الاحتلال لمسجد النصر وتدنيسه لبقية المساجد يعد تصعيداً خطيراً وعدواناً همجياً باستهداف بيوت الله بالحرق والتخريب".
وأضاف دغلس: "سبق وأن أحرق مستعمرون متطرفون مساجد في جنوب نابلس ومواقع أخرى، لكن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها جيش الاحتلال على ذلك في الضفة الغربية المحتلة، رغم أنه لم يتوان عن قصف وتدمير مئات المساجد خلال عدوانه على قطاع غزة".
وأشار إلى أن الاحتلال أقدم على حرق مسجد النصر وهو "يدرك مكانة هذا المسجد التاريخي في قلوب أبناء نابلس، خاصة أنه يقع في قلب البلدة القديمة ويعد مزاراً لكل القادمين للمدينة، ويعرفه العالم أجمع من خلال آلاف الصور التي تلتقط لقبته الخضراء التي يمكن رؤيتها ومعاينتها من أي مكان في نابلس".
ولفت دغلس إلى أن "الاعتداء المشين تزامن مع منع قوات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين القاطنين في البلدة القديمة بنابلس من أداء صلاة الفجر بعد أن اقتحمتها من مداخلها كافة وداهمت كل المساجد الموجودة فيها".
ووفق وزارة السياحة فإن الاحتلال اقتحم خمسة مساجد وأحرق مسجد النصر، وجميعها تقع ضمن بلدة نابلس القديمة المحمية بموجب القوانين الدولية بصفتها موقعًا أثريًا مسجلاً ومعلنًا عنه في الجريدة الرسمية، كما أن بلدة نابلس القديمة من المواقع الأثرية المرشحة للإدراج في قائمة التراث العالمي.
ويعد مسجد النصر من أهم مساجد مدينة نابلس؛ نظراً إلى طرازه المعماري، وموقعه في قلب البلدة القديمة، وبروز قبته المرتفعة وسط مباني المدينة، وتبلغ مساحته الحالية 1500 متر مربع، ويتألف من طابقين، تعلو الطابق العلوي قبة مركزية تحيط بها عدد من أنصاف القباب بحسب الطراز العثماني لبناء المساجد، أما الطابق الأرضي فيتألف من عدد من القبور الخاصة بشخصيات المدينة، في حين يتوزع عدد من المحلات التجارية على محيط الطابق الأرضي.
وخصص الطابق العلوي للصلاة، ويتم الوصول إليه من خلال درج حجري واسع من الواجهة الشرقية المطلة على ساحة المنارة، أقيمت القبة على أعمدة اسمنتية تحمل أقواس ترتكز عليها قاعدة القبة، ويلاحظ أن تصميم المسجد كان يهدف إلى إبرازه بشكلٍ مرتفع جداً من خلال إضافة الطابق الأرضي وارتفاع الأقواس والقبة المركزية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها