هذهِ الأرضُ تُشبهُني ...
في ندبةِ الصباحِ ..
المصلوبِ على جبينِ غزَّة، ..
في تنهيدةِ الزيتونِ ..
العائدِ من مجازرِ الطائراتِ الورقية ..
في دمعةِ السماءِ حينَ يُقصَفُ حضنُها ..
بطفلٍ يشبهُ القمرَ ...
ولا تُشبِهكْ ...
***
أنتَ دخيلٌ على التاريخِ، ..
خارجٌ عن النصِّ، ..
كُتبتَ بالحبرِ المسروقِ من عروقِ الضحايا ..
ونُقِشتَ على جدارِ الخوفِ ..
كأنك عارٌ ..
يتسللُ من شقوقِ الأساطيرِ المحنَّطةِ بالدمِ والتزييف ..
***
هذه الأرضُ تُناديني ...
بصوتِ شهيدٍ ما زالَ حيّاً في كفنِه ..
بأغنيةِ عائدٍ خبّأ المفتاحَ في صدرِه ..
بدمعِ أمٍ تنامُ على أسماءِ أولادِها ..
في قائمةِ الشهداءِ ...
وتلفظُكْ ...
***
أنتَ لستَ من طينتِها، ..
ولا من مائها، ..
ولا تفهمُ لغةَ الريحِ حينَ تهدرُ:
"أنا فلسطينية ...!"
أنتَ دخيلٌ ...
كالموتِ حينَ يمرُّ على بابِ المدرسة، ...
ويقولُ: "أنا الأمنُ...!"
***
هل تعلمْ...؟
أنكَ زائرٌ ثقيلُ الظلِّ كالكارثة ...
أنكَ لا تُجيدُ الوقوفَ على ترابٍ ..
يئنُّ من خطواتِك، ..
أنكَ لا ترى سوى خرافةِ ملكوتٍ تُشيِّدهُ على أنقاضِ الحياة...
***
تُشوّهُ وجهَها الجميل، ..
تجعلُ من النهرِ سيفاً، ..
ومن الشجرِ مشنقة، ..
ومن الطفولةِ هدفاً ...
***
تسرقُ منها الحلمَ والموّالْ، ..
تُخيفُ القمرَ، ..
تعتقلُ القصيدةَ، ..
وتمنعُ الزهرَ من النّموِّ ...
دونَ إذنٍ من الحاكمِ العسكري ...!
***
لكنها لا تُشبهُكْ ...
لا تنصاعُ لِرغبتِك، ..
لا تُسايرُ كذبَك، ..
ولا تبايعُ احتلالَكَ ..
بثمنِ الخبزِ المغمسِ بالقهر ...!
***
هيَ أنا ...
أنا نخلةُ الدير ..
أنا السنابلُ في جبلِ النار ..
أنا الدمعُ الطالعُ من عيونِ الغزيين ..
وهم يُشيِّعونَ عروساً تحتَ الردمِ ..
أنا الحلمُ الذي لم يُصادره الحصار ..
أنا الوجهُ الآخرُ للشمسِ ..
حينَ تنحني على الخيامِ ...
وتبكي ...!
***
خُذْ أشلاءَك وارحلْ ...
احملْ توراتَك الملفّقة ..
وأوهامكَ المحروقةَ بنارِ الضحية ..
ارحلْ ...
فلا سلامَ لكَ هنا ..
ولا ظلَّ ...
ولا جذور ...
***
هذه الأرضُ لي ...
كما القصيدةُ لي ...
كما الولادةُ لي ...
كما الرصاصةُ التي خرجتْ من صدرِ الحجرِ ...
لي .....!
***
هذه الأرضُ تعرِفُني باسمي ...
وتكتبني بدماءِ مَن صلّوا في الأقصى ...
ومَن ماتوا في كنيسةِ المهدِ ...
ومَن لم يجدوا قبراً سوى حضنِ الترابِ ...
***
أما أنت ...
فلا وجهَ لكْ ...
ولا ظلَّ لكْ ...
ولا ملامحْ ...
***
أنتَ وهمٌ موسميّ ...
كغيمةٍ بلا مطر ...
كزكامٍ في فصلِ الصيفِ ...
***
هذه الأرضُ لا زالت تُعلنُ حقيقتَها ...
تكشفُ هويّتَها ...
تحملُ وجهي ...
وترفضُ وجهكَ ...
فلا شبيهَ لكْ ...
ولا شبيهَ للأرضِ سواي ...!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها