بقلم: وسام الشويكي
تلك فصول المأساة التي تتجدد يوميًا لشعبنا المكلوم مع استمرار أطول احتلال في العالم في العصر الحديث، الذي يمارس شتى صنوف المعاناة والقسوة على مختلف المستويات؛ ليست الحرب النفسية وظن إضعاف المعنويات إلا في أولى الجرائم التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسر الفلسطينية، لا سيما أسر الأسرى القابعين في سجون الاحتلال.
ومهما تصاعدت أشكال الانتهاكات التي يحيكها الاحتلال، وتنوعت، لا يمكن أن تزعزع من مقدار حبه لوطنه وأرضه وبلده إلا نحو ارتفاع مؤشر الصمود والتشبث والصبر، وإبراز قوة الإرادة في مجابهة المخرز الاحتلالي الذي ينهش كل الجسد الفلسطيني، وما إقدام سلطات الاحتلال على تفجير منزل الأسير زيد الجنيدي في الخليل، دون سابق إنذار وبشكل مفاجئ ومباغت بما حواه من أثاث، إلا شكل من هذا العذاب الذي يحاول أن يذيقه للأسير نفسه عندما أتى به مكبلاً إلى منزله وجعله شاهدًا حيًا على تفجير واحد من "شرايين حياته".
تصف زوجة الأسير، شفاء الجعبة، المشهد بأنه قاسٍ وصعب على النفْس وهي تشاهد تفجير بيتها، ولا يقل قساوة عن مظهر زوجها الأسير زيد الذي بدا في "حالة صعبة"، كما تصف، حيث الضعف يأكل جسده، والشعر الكثيف يغزو رأسه وذقنه، وظهر في حالة غير المعتادة قبل اعتقاله نحو سنة ونصف السنة، لكن ذلك لم يفت من معنوياتها ولا معنوياته كما تؤكد؛ بل على العكس زادها يقينا أن الاحتلال الظالم لا يعرف للحياة أي قانون أو طريق سوى فرض المعاناة على شعبنا مالك القضية والأرض، ولا يحتاج لأي تبرير لممارسة ساديته المقيتة.
تفاجأت الجعبة من إحضار قوات الاحتلال لزوجها إلى المنزل قبل تفجيره، حيث قالت: إن الهدف من إحضاره هو "هز معنوياتنا"، وتسرد المشهد باستطراد: "كنا نتجهز عند وقت المغرب للإفطار من صيام أيام شهر شوال الستة، وسمعت صوتًا غريبًا في المنزل، وإذ بها (طائرة درون)، أعقبها مباشرة اقتحام جنود الاحتلال المنزل بشكل مفاجئ، وطلب ضابط احتلالي مني عدم إصدار أي صوت أو صراخ وأخبرني أنهم أحضروا زوجي معهم من داخل الأسر، وهي المرة الأولى التي ألتقي فيها بزوجي منذ اعتقاله في أكتوبر العام قبل الماضي (10/2023)، وكانت ملامحه اختلفت جراء ظروف السجن وقهره، وبدأ الفزع والرعب يدب في نفوس أطفالي بفعل همجية الاقتحام، وحاولت حمايتهم، ثم قاموا بتفتيش المنزل والعبث بمحتوياتها، أعقب ذلك وبدون سابق إنذار أو إخطار تفجير المنزل على ما فيه من أثاث ومحتويات، ظانين أنهم يمارسون حربًا نفسية لإضعاف معنوياتنا وهز نفسياتنا وإحباطنا لكنها منحة من الله أن نصبر ونحتسب".
التفجير الذي أتى على مختلف غرف المنزل في منطقة رأس الجورة شمالي مدينة الخليل، بعد اقتحام المنطقة ومحاصرة المنزل وفرض طوق أمني في محيطه، وزراعة متفجرات داخله، خلف دمارًا وفسادًا يكسوه القهر، وذلك بحضور الأسير نفسه.
وتعتقل سطات الاحتلال الأسير الجنيدي منذ أكتوبر 2023، كما تعتقل نجله الطالب الجامعي أسامة (19 عامًا) منذ نحو ستة أشهر.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها