لا يزال يوم الأرض محفور في الذاكرة الفلسطينية وفي الذكرى الـ 48 ليوم الأرض يستعيد الشعب الفلسطيني مشهد انتفاضته ضد إجراءات الاحتلال في مصادرة الأراضي وسياسة التهويد، والتي حدثت في الثلاثين من شهر مارس/ آذار عام 1976.
في ذلك اليوم عم الإضراب الشامل، وانطلقت المُظاهرات الشعبيّة في كافّة أرجاء المدن والقرى الفلسطينيّة، من البحر إلى النهر، احتجاجاً على سياسة دولة الاحتلال التعسفيّة، وضد سياسة التمييز العنصريّ، ومُصادرة نحو 22 ألف دونم من أراضي القرى العربيّة في منطقة الجليل الأوسط، وذلك في التاسع والعشرين من شهر فبراير/ شباط عام 1976، وكان من ضمنها أراضي غرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد، وغيرها؛ لأجل تحصينها وإقامة المُستعمرات (المستوطنات) وِفق نطاق تهويد الجليل.
ويصادف الاحتفال هذا العام وسط تصاعد الهجمة الاستيطانية ومصادرة أراضي الضفة الغربية والحرب الشرسة على غزة، ومنذ السابع من أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حربًا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الشهداء وعشرات آلاف المصابين جلهم أطفال ونساء، وخلفت كارثة إنسانية ودمارًا هائلاً في البني التحتية والممتلكات، وهو ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية».
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة صعّد جيش الاحتلال عمليات الدهم والاعتقالات بالضفة، ما أسفر عن مواجهات مع أبناء شعبنا خلفت 454 شهيدًا ونحو 4750 جريحًا، وفق إحصاءات وزارة الصحة وزارة الصحة الفلسطينية.
ويكتسب يوم الأرض أهمية كبيرة لدى الفلسطينيين على اعتبار، كونه أول صدام يحدث بين الجماهير الفلسطينية داخل الأراضي 48، وسلطات الاحتلال المغتصبة للأرض، واستباقًا لأي مواجهة فلسطينية، أعلنت السلطات الإسرائيلية حظر التجوال في القرى التي شهدت مصادرة للأراضي منذ الساعة الـ5 مساء من يوم 29 مارس من ذلك العام، واعتبرت أي تظاهرة ستخرج احتجاجا على المصادرة، غير قانونية.
كما هددت إسرائيل بإطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين، لمنع تنفيذ الإضراب.
وفي إطار مواجهة هذا القرار، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي، التي انبثقت عن لجان محلية فلسطينية، وأقرّت إعلان الإضراب الشامل في اليوم التالي الذي وافق 30 مارس، ولمدة يوم واحد فقط.
ومع استمرار السياسات الإسرائيلية في مصادرة الأراضي والاستحواذ عليها ، فإن شعبنا يعتبر معركة الأرض مستمرة حتّى تحريرها من قبضة الاحتلال وإزالة كافة المستوطنات المقامة عليها، ومنذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 بلغ مجموع مساحات الأراضي الفلسطينية التي أعلنت كأراضي دولة حوالي 1700 كم2 أي ما نسبته 29% من مجمل أراضي الضفة الغربية حيث تم تخصيص أجزاء منها لإقامة المستوطنات، أو وضعت تحت تصرف المستوطنين أو تركت كاحتياطي للاحتياجات المتزايدة للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي في المناطق المصنفة (ج).
وبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية 740 ألف مستوطن، يتمركزون في 184 مستوطنة، و194 بؤرة استيطانية، منها 90 بؤرة زراعية رعوية تمنع وصول المواطنين إلى أكثر من 410 ألف دونم معظمها في الأغوار والسفوح الشرقية، بما يعادل أربعة أضعاف مساحة المستوطنات القائمة.
وفي العام 2023 وحده أقيمت 18 بؤرة جديدة، وبلغ عدد المواقع الاستيطانية الخدماتية والصناعية وغيرها 52 موقعاً، إلى جانب 94 موقعاً عسكرياً و40 كلية عسكرية.
وفي ذكرى يوم الأرض تشهد الأراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين، والساحة العربية، وشوارع وميادين الدول الداعمة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني تظاهرات تعبر عن إحياء الذكرى الوطنية ليوم الأرض والتي تتزامن هذا العام مع تظاهرات واحتجاجات دولية ضد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وتسعى من خلالها للتهجير ألقسري أو الطوعي لأصحاب الأرض والمخطط سقط تحت إصرار وتمسك الفلسطيني بتراب وطنه.
وتبقى ذكرى يوم الأرض، رمزًا تاريخيًا فلسطينيُا، وشاهدًا على أن القضية الفلسطينية ما زالت تتصدر الأولوية ولن تصفى، وأن الأرض لأصحابها الشرعيين، وليس للدخلاء المهاجرين وأن الاحتفال في ذكرى يوم الأرض تأكيد على الاستمرار في النضال حتى تحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها