لم يعد لدى دولة الاحتلال الاسرائيلي- ولم يكن لها أساسُا- من فكرة للخلاص من أزمتها الوجودية، واليوم من أزمة نظامها السياسي، الذي بات محمولاً على أقبح القيم والمفاهيم العنصرية، لم يعد لديها سوى ما كان لها، من فكرة غير فكرة الرصاصة القاتلة، فكرة العنف، والارهاب، فلا تعرف لها سياسة غير سياسة القتل والعدوان..!!  
تتوغل دولة الاحتلال في تعلقها المريض، بهذه الفكرة وسياستها، متوهمة بقدرة الرصاصة على تخليصها من أزماتها، التي بات توصيف الابارتهايد لطبيعتها من ابرز عناوينها، وتتوغل على نحو التوحش، وهي تربت على أكتاف جنودها وهم يترجمون فكرة الرصاصة، بواقعها المادي والسياسي، كل يوم تقريبًا، ويخطونها قاتلة في صدور شبان فلسطين وفتيانها..!! 
سبعون عامًا وأكثر ورصاصة دولة الاحتلال، بفكرتها، وواقعها المادي والسياسي، ظلت وستبقى طائشة في تحقيق غاياتها الوجودية، والسياسية.
حصدت هذه الرصاصة الكثير الكثير من أبنائنا، أجل، لكنها لم تحصد شيئاً من إرادة شعبنا وصموده، وثباته على مبادئه وقيمه النضالية والانسانية، ولم تنل أبداً من حضوره المتنامي في مسيرته نحو الحرية والاستقلال، تحت راية حركة تحرره الوطنية، في اطار منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي، والوحيد، وهذا ما أعاد له هويته الوطنية، وكرس قضيته بحقيقتها الواقعية، قضية حق وعدل وسلام.
ما من رصاصة بوسعها أن تقتل أهل الحياة والمدافعين عنها، نحن الذين قال شاعرنا: "صهيل الخيول على السفح: إما الصعود وإما الصعود" لا خيارات لدينا سوى هذا الصعود، بالصهيل المقاوم لخيول فرساننا.
 نبكي شهداءنا، نبكي هؤلاء الشبان والفتية، وهم فلذات أكبادنا، لكنه يظل أبدًا بكاء العزيمة، وبكاء التحدي، وبكاء القلوب المفجوعة، ما يعبر عن طبيعة، وحقيقة انسانيتنا، وتحضرنا الاخلاقي. 
لن نهاب البكاء، ولن نتوارى خلف عبارات البلاغة الاستعراضية، حتى نجعل من دمعنا ماء لنهر الحياة كما نريدها حياة الحرية والكرامة والاستقلال، وعلى ضفتيه شهداؤنا ورودًا وسنابل وذاكرة لا تقبل النسيان.
المجد والخلود لشهدائنا البررة، والحرية لأسرانا البواسل والشفاء العاجل لجرحانا الشجعان، والهزيمة حتما لرصاصة الاحتلال وفكرتها الاجرامية.


*المصدر: الحياة الجديدة*