غدًا الأربعاء يلتئم المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الثانية والثلاثين وبجدول أعمال لا شك أنه سينطوي على أكثر البنود وضوحًا وأهمية بشأن البحث عن أفضل السبل الكفيلة بالاستجابة الخلاقة والحكيمة للتحديات الراهنة التي تواجه القضية الفلسطينية، ومشروعها التحرري، في هذه المرحلة التي غابت محاورها التقليدية وتغيرت فيها خرائط سياسية عديدة، وتوحشت جراءها حرب الإبادة التي تواصلها إسرائيل اليمين العنصري المتطرف ضد فلسطين بأسرها. 

الاستجابة الخلاقة والحكيمة للتحديات الراهنة تفرض ضرورة التخلي عن لغة البيانات، والشعارات، والإطلاقات الاستعراضية الشعبوية، كما تفرض ضرورة الحث على تمكين الوحدة الوطنية من أصولها وقيمها الإنتاجية الإيجابية، بعيدًا عن خلافات التنظير السياسي والعقائدي وملابساته، التي أثبتت التجربة أنها كانت خلافات وملابسات حزبية، وورقية إن صح التعبير، ليس إلا، غذتها تمويلات إقليمية مغرضة، حتى جعلتها عوامل فرقة وانقسام بغيض، مكن الاحتلال الإسرائيلي في المحصلة من التوغل في حربه العدوانية الرامية لتدمير القضية الفلسطينية تدميرًا شاملاً.

كما أن هذه الاستجابة تفرض النظر بعناية فائقة لضرورة تمكين برنامج الإصلاحات المطلوبة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي المحصلة للنظام السياسي الفلسطيني، ونحو تعزيزه بأفضل مؤسسات العمل السياسي، والوطني، والاجتماعي، والاقتصادي المنتج، بالنزاهة والشفافية البليغة، وعلى قاعدة الإدراك المسؤول لحقيقة أن فلسطين بسلطتها الوطنية، ونظامها السياسي، جزء لا يتجزأ من العالم العربي، ونظامه السياسي، ما يعني ضرورة تعزيز علاقاتها العربية بالعمل المشترك، بل وبالتحالف المصيري، بما يخدم قضيتها، وقضية الأمن القومي، بل ومجمل قضايا الأمن والاستقرار، والازدهار في المحيط العربي، وبحكم أنها دولة وإن كانت تحت الاحتلال، فهذا ما يفرض عليها ضرورة العمل بقيم الدولة، وسلوكها، ومسؤولياتها، بما يعزز علاقاتها بمجتمعها الدولي، واحترام هذه العلاقات، بما يكرسها علاقات مثمرة، عبر التفاهمات الصديقة، لمجمل طروحات المجتمع الدولي، خاصة بما يتعلق بسبل تعزيز السلطة الوطنية، وتقويتها على مختلف الأصعدة، وبما يمكن في النتيجة، من تخليق الفرصة الواقعية للسلام العادل أن يتحقق بتجسيد دولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.

المجلس المركزي غدًا، مجلس الأسئلة، والأجوبة معًا، وكل غدٍّ لناظره قريب.