عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" مسؤول ملف الاقاليــم الخـــارجية
الدكتور جمــال محيسن لمجــلة القدس:
حركــة فتـح أكبــر مـن الجميع ومن لا يريـد الالتزام بالحركـة فليذهب الى البيت، أو ليبحث لــه على تنظيم اخـــر
حوار/امل خليفة - رام الله- فلسطين
لا سلام مع الاستيطان، والبرنامج الذي يفرض نفسه هو برنامج العصيان المدني وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية تفعيل المقاومة الشعبية، وليست اسرائيل من يقرر مصير الدولة، وانما الشعب الفلسطيني الذي يقرر مستقبل القضية، بهذه الكلمات بدأ الأخ جمال محيس أبو المعتصم، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لقاءه معنا ليحدثنا عن أخر مستجدات المفاوضات مع الاحتلال وقضايا فلسطينية اخرى.
س:الأخ أبو المعتصم: اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية للمنظمة والقيادة الفلسطينية، تدعم موقف الرئيس أبو مازن في عدم الانتقال إلى التفاوض المباشر، ما لم يتم التقدم في مجال الحدود والأمن إلى أين وصلت الأمور في هذا الإطار؟
هناك موقف فلسطيني واضح ومنسجم مع الموقف العربي والدولي، بالذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة التي أطلق عليها مفاوضات التقريب للتوصل الى اتفاق مع الجانب الاسرائيلي، في موضوع الحدود والامن، اضافة الى قضايا أخرى، ولكن موضوع الحدود والامن أهمها، فالحدود يتم الحديث عن حدود الدولة الفلسطينية التي ستقوم عليها الدولة، ومساحة الاراضي التي سيتم تبادلها وبنسب بسيطة جدا، وخلال كل المفاوضات السابقة لم يتم توقف الاستيطان بشكل كامل، فالجانب الاسرائيلي ما زال يماطل، ولم يلتزم بأي اتفاق تم التوصل اليه، لذلك سنذهب الى اجتماع الجامعة العربية ولجنة المتابعة الذي سيعقد في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، وسيتم وضعهم في صورة الاوضاع وما تم في المفاوضات غير المباشرة، بالتالي فان الانتقال الى المفاوضات المباشرة بدون التقدم في مجال الحدود والامن ووقف الاستيطان لا قيمة لها،فالمفاوضات من أجل المفاوضات هي مضيعة للوقت وهذا ما لا نقبله، فالمفاوضات يجب أن تبدأ من حيث انتهت آخر مرة، ويجب أن يكون لها سقف زمني محدد، ومرجعية دولية واضحة ومتفق عليها، وهي المرجعية الدولية بحيث تكون حدود الرابع من حزيران هي حدود الدولة، مع نسب بسيطة لتبادل الاراضي، نحن الان نبحث في قضايا الوضع النهائي من الحدود والاسرى والمياه والقدس وعودة اللاجئين، وليس حول أمور انتقالية، بالتالي لابد من حسم الامور والتي تعبر من القضايا الاستراتيجية لنا.
س:الرئيس الامريكي يقول بأن هناك تقدماً في المفاوضات، وانه سيتم قريبا التوجه للمفاوضات المباشرة، وكذلك بعض الدول العربية، ما حقيقة الامر؟
نحن لم نبلغ رسميا من الادارة الامريكية بأي تقدم بخصوص المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي، وتم توجيه رسالة الى الأدارة الامريكية لتزويدنا بالموقف الامريكي، والاخ الرئيس بعث برسالة للادارة الامريكية يوضح فيها الرؤية الفلسطينية للدولة، ولكن أعتقد بأن الادارة الامريكية قد استجابت للضغط الموجه عليها من اللوبي الصهيوني في الكونغرس الامريكي، وتم التوافق مع نتنياهو في المربع الذي يقف فيه بدلا من الضغط عليه، ولو كان هناك جديد لتم ابلاغنا به أو على الاقل لتم ابلاغ الجامعة العربية به، فالامين العام للجامعة وكذلك وزير الخارجية المصري صرّحا بعدم احراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، فنحن كلجنة مركزية ندعم الاخ الرئيس في موقفه من المفاوضات المباشرة والموقف حول الامن والحدود، التي يترتب عليها أمور كثيرة، وفي نفس الوقت لا نهمل بقية قضايا الوضع النهائي المتفق عليها، ولكن كل المعطيات على الارض تشير الى عدم جدية الجانب الاسرائيلي، والى عدم رغبته في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، فهم ما زالوا يصادرون الاراضي ومستمرين في تهويد القدس وابعاد اهلها، والاستيطان ما زال مستمراً في الضفة الغربية.
فالرد هو لا سلام مع الاستيطان، وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية تفعيل المقاومة الشعبية، ووضع برنامج واضح لها حتى نصل الى مرحلة العصيان المدني، ويجب الذهاب الى مجلس الامن حتى لو هددت الولايات المتحدة باستخدام الفيتو، ليتم كشف ممارسات هذه الادارة وزيف ادّعاءاتها بدعم الديمقراطية في العالم، فقد يكون عند الرئيس الامريكي نوايا حسنة ولكن ما يهمنا هو ماذا تمارس هذه الادارة على الارض، فقيام الدولة الفلسطينية ليست مصلحة فلسطينية فحسب، وانما مصلحة امريكية واسرائيلية ولا سلام ولا استقرار في المنطقة دون قيام هذه الدولة، ولا بد من وضع خطة لانهاء الاحتلال، سواء بالتفاوض أو بالمقاومة الشعبية، واقامة تحالف عربي اسلامي ودولي لمواجهة هذا الاحتلال، الذي لن يستجيب الى مجلس الامن أو الى الامم المتحدة، ولا حتى الى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، هذا احتلال لديه عنجهية القوة ومتمرد على كل القوانين الدولية، ومغطى بالادارة الامريكية التي تكافئه بعد كل جرائمه في غزة والضفة، بتسع عشرة طائرة طراز (F35)
س: اسرائيل تحاول بين فترة وأخرى الترويج لمشاريع حل مختلفة، من الانفصال الكامل أو الضم أو الوطن البديل، الى ماذا ترمي بذلك؟
ليست اسرائيل من يقرر مصير الدولة، وانما الشعب الفلسطيني الذي يقرر مستقبل القضية، والصراع الذي بدأ قبل أكثر من ستين عاماً مستمر ما دام هذا الشعب موجوداً، واذا وصل الشعب الفلسطيني الى طريق مسدود فان كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب دون استثناء، وستدرك اسرائيل وقتها أن موازين القوى ليست ثابتة، وأن العالم لن يبقى على صمته، وهذا الارهاب الذي تمارسه اسرائيل سيحشرها في الزاوية، ومع الايام سيكون الموقف الاسرائيلي أصعب، والعزلة الدولية لها أقوى، فلم يعد العالم منعزلاً عن بعضه بل أصبح كقرية صغيرة مفتوحاً على بعضه، اسوار برلين هدت واسرائيل تبني أسواراً جديدة، الشعب الفلسطيني عليه انهاء الانقسام والمستغَلّ من قبل اسرائيل، ولا بد لقيادة حماس من أن تدرك أن المشروع الذي طرحه ليبرمان وغيره من المشاريع انما هو المشروع الاسرائيلي التاريخي في التخلص من غزة واعلان دولة فلسطينية هناك كحل للقضية الفلسطينية، على هذا الاحتلال أن يدرك أنه الى زوال.
س: رئيس الوزراء الفلسطيني ماض في خطته،لاستكمال بناء المؤسسات هل هذا يتعارض مع رؤيا فتح لبناء الدولة الفلسطينية؟ هل هناك تعارض أو تناقض مع رئيس الوزراء؟
المؤسسات الفلسطينية قديمة وكانت موجودة منذ وجدت منظمة التحرير، التي كانت من ضمن هيكلياتها دائرة للتربية ودائرة للشؤون الاجتماعية والاعلام والاسرى والمالية والخارجية والامن، وتطورت هذه الدوائر مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية لتصبح وزارات، ومنذ العام 1994 والسلطة تبني وتنمي هذه المؤسسات للتحول الى الدولة،وهذا ما كانت تقوم به الحكومات الفلسطينية المتعاقبة والحكومة التي يرأسها الـدكتور سلام فياض هي حكومة الرئيس الاخ ابو مازن وهو الذي شكلها، بالتالي هي تسير في السياق الطبيعي وضمن البرنامج المتفق عليه وهو برنامج حركة فتح، وأي حكومة في العالم يتم تعديلها أو تغييرها، ونحن في اللجنة المركزية مع حكومة تمثل الكل الفلسطيني من الفصائل الى المستقلين، ولو أن حماس ضمن الشرعية الفلسطينية لكان هناك وزراء من حماس في الحكومة، لكي تمثل هذه الحكومة طبيعة وتركيب الشعب الفلسطيني، فلا بد من التغيير الوزاري، وليس التغيير للوزير الذي لم ينجح في انجاز برنامجه فقط، وانما أيضا الوزير الناجح لا بد من أن يتغير حتى يفسح المجال لغيره، ولا يمكن أن يبقى الوزير في وزارته الى الابد، والحركة اليوم تدرس التغيير الجذري للحكومة، فهي الحزب الحاكم التي ترفع توصياتها للرئيس لكي يناقشها مع رئيس وزرائه المكلف بتشكيل الوزارة لكي يعطي رأيه في الحكومة التي سيقودها، فلا تعارض بين حركة فتح والاخ سلام فياض، فنجاح حكومته نجاح للحركة والعكس صحيح، ففي الحكومات الماضية كان هناك وزراء ضد فتح بالكامل ويتحدثون بذلك مع الامريكان والاسرائيليين، مع أن فتح هي من اتى بهم الى الحكم، فالحكومة هي حكومة الشعب الذي يرأسه الاخ أبو مازن، والذي هو رئيس لحركة فتح، فلا يجوز أن يكون هناك وزير في الحكومة يهاجم التنظيم الذي يقوده الرئيس، اللجنة المركزية لن تكون في الحكومة الجديدة، ولكن فتح ستكون ممثلة في الوزارات السيادية لهذه الحكومة سواء الداخلية أو الخارجية، مع أن معظم أحزاب السلطة في العالم يكون الاطار الاول للحزب أو الحركة مشارك في الحكومة.
س: هل ستصر اللجنة المركزية للحركة بمعاقبة كل من خرج على اجماع الحركة؟
القرار واضح والرئيس سيباشر تطبيق القرار فور عودته، تم تسليمه جزءاً من الاسماء التي خرجت عن اجماع الحركة والان هناك عمل لاستكمال القائمة لتسلم للرئيس فور عودته للوطن، والقرار نهائي بفصل كل من ترشح أو دعم قوائم للانتخابات خارج أجماع الحركة، ومن قدم استقالته سيتم الموافقة عليها، والشجر الذي يقلم يصبح أقوى، ولا نريد أن نكون كغثاء السيل أو كالطحالب الضارة التي تخرج عن الحركة في كل مرحلة من مراحل الحركة، الذين يغلبون مصالحهم بكل أنانية على مصالح الحركة، فالحركة أكبر من الجميع ومن لا يريد الالتزام بالحركة فليذهب الى البيت، أو ليبحث له عن تنظيم اخر، فلا يجوز أن يكون العضو في فتح ولا يلتزم بقرارات فتح، هذا الزمان ولَّى ولا لقاعدة عفا الله عمّا سلف في التنظيم، فالشخص الذي يلجأ لفتح حينما يريد الترقية والوظيفة وحينما تحتاجه الحركة يغلَّب مصلحته، لا حاجة لفتح لمثل هؤلاء الاشخاص، فتح أكبر من الجميع وليس في فتح الاسياد والعبيد، الكبير في فتح هو من قدّم وضحى لفلسطين ولفتح، وليس صاحب المال والجاه.
س: أين وصلت جهود المصالحة مع حركة حماس؟
اتمنى أن تنجح المصالحة ولكن قناعاتي أن حماس لا ترغب في المصالحة، وحماس منساقة مع المشروع الصهيوني في اطار تكريس الدولة في غزة على حساب القدس والضفة الغربية، وسيلعن التاريخ كل قيادة حماس ولن يرحم قيادة الاخوان المسلمين وكل نظام عربي أو اسلامي يدعم هذه الحركة الخارجة على الاجماع الفلسطيني، القدس والضفة تهوّدان وحصرت حماس القضية في الحصار وفتح معبر رفح، وحماس تبحث عن فك الحصار السياسي عن غزة وليس الحصار الاقتصادي، لأنها تريد اقامة دولة ظلامية في غزة، لذا كل الوفود التي تذهب الى غزة والى الشام لن تتعاطى معها حماس لانها لا تريد المصالحة. فما الخلاف الذي بيننا وبين حماس، نحن في فتح نريد دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران والقدس عاصمة للدولة مع عودة اللاجئين وحسب القرار 194 أما حماس سقفها السياسي نزل الى أقل من ذلك، ووافقت حماس على الدولة المؤقتة التي رفضها الاخ الرئيس ابو مازن ومن قبله الشهيد أبو عمار، وتقبل هدنة تمتد لـ 10-15 سنة، وفي موضوع المقاومة عندما كانت فتح تقاوم حماس لم تكن موجودة على الخارطة، وكانت حماس تعتبر الشهداء والمقاومين بالفطائس وليس بالشهداء، ولم يكن لحماس أو للاخوان المسلمين مقاومة في فلسطين، بل كانت المقاومة في أفغانستان عندهم أهم من المقاومة في فلسطين، وعندما بدأت فتح في المفاوضات بدأت حماس بالمقاومة، وبعكس التيار عندما شكلنا القيادة الموحدة للانتفاضة الاولى كانت حماس خارجها، وكانوا تحت حراب الاحتلال يلاحقون الطلاب في الجامعات ويرمونهم من الطابق الثاني كما كان يحدث في جامعة النجاح، وتذكروا المقاومة عندما بدأنا نحن المفاوضات، وعندما كان يقول الاخ أبو مازن بأن الصواريخ التي تطلقها حماس نحو اسرائيل صواريخ عبثية، لانها لا تقتل ولا تصيب أحداً، بل تعطي المبرر لاسرائيل لاجتياح وتدمير غزة كانت بالنسبة لهم صواريخ مباركة ومقدسة، والان حماس تقتل وتمنع وتعتقل كل من يحاول اطلاق الصواريخ على اسرائيل، ويعتبرون ذلك من المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وأن من يطلق الصواريخ فهو خائن وخارج عن الملة، حماس احتاجت الى 25 سنة لتلحق فتح في المقاومة، وتحتاج الى 25 سنة أخرى لتلحق فتح في النضج السياسي، مع أني أتمنى ان تستوعب حماس ما يدور حولنا في العالم، فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة عن العالم، لذلك فتح رحبت بقرار حماس وقف اطلاق الصواريخ، لأننا نريد مصلحة شعبنا أكثر، فعند اختيار المقاومة يجب اختيار المقاومة التي تخدم مصلحة الشعب، لا التي تجر الويلات على الشعب دون تحقيق الفوائد، وكما ردت احدى النساء في غزة على قول مشعل بأن حماس انتصرت في حرب غزة، قالت له: انتصاران من هذا النوع لن تبقى هناك غزة، فهل استشهاد 1500 فلسطيني وجرح 5000 مواطن وتدمير نصف غزة نصر، فكيف هي الهزيمة اذاً، والان تلهث حماس وراء أي أحد من أجل التفاوض وفك الحصار، لا بد لحماس من العودة الى الشرعية الفلسطينية التي اعترفت بها أغلب دول العالم، فاذا كان اختلاف حماس مع فتح فلماذا دمرت المسجد بمن فيه فوق رؤوس جماعة السلف، ولماذا تختلف حماس مع حزب التحرير والجهاد الاسلامي، هذه حركة خارجة على الاجماع الفلسطيني، وتخدم سياسة ايران ودول اخرى في المنطقة، على ايران ان توحد الاطراف الفلسطينية وهذا ينهي الانقسام، وبالمناسبة انا ضد اي عدوان امريكي على ايران، والاجدر بأمريكا منع اسرائيل من غطرستها والضغط عليها من أجل تحقيق السلام وليس ضرب ايران
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها