حوار/ امل خليفة- رام الله - فلسطين
الدكتور صائب عريقات لمجلة القدس:
لو كنا نريد السلام بأي ثمن لما استشهد الرئيس ابو عمار محاصراً ومظلوماً
ونحن نسعى للسلام وفق أسس وركائز القانون الدولي والشرعية الدولية
"إذا كان هناك نسبة 1% للوصول إلى السلام سنسعى إليه وعن قناعة، لأننا نريد أن نصل إلى سلام مع جيراننا، لذلك نذهب إلى المفاوضات المباشرة، وكلنا أمل بالوصول إلى السلام العادل والشامل". هذا ما قاله الأخ الرئيس أبو مازن في تعليقه على الذهاب للتفاوض، وما أكده لنا الأخ صائب عريقات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و مسؤول دائرة المفاوضات في المنظمة في حديثه لنا عن آخر المستجدات في قضية التفاوض والعقبات التي قد تواجه القيادة الفلسطينية في المرحلة القادمة، حول هذه الأمور وقضايا أخرى كان لنا هذا اللقاء.
س: د. صائب عريقات إلى أين وصلت خطوات التفاوض مع الجانب الإسرائيلي ؟
نحن الآن بصدد التحضير للذهاب إلى واشطن في الثاني من أيلول القادم لبدء التفاوض المباشر مع الجانب الإسرائيلي، ونأمل أن يتم تبني ما أصدرته الرباعية في بيانها الأخير الصادر في 20اب / أغسطس كمرجعية للمفاوضات من قبل جميع الأطراف، وأن تقوم الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان في كامل الأراضي الفلسطينية بما يشمل القدس ووقف كل الخطوات الأحادية الجانب، هذا ما نأمله وما نفعله الآن لتحقيقه وتكريسه قبل الذهاب للتفاوض، والرئيس أبو مازن أكد في الرسائل التي بعثها لقادة العالم أن رفض الحكومة الإسرائيلية وقف الأنشطة الاستيطانية سيعني انسحاب القيادة الفلسطينية من المفاوضات المباشرة المقرر أن تبدأ في الثاني من الشهر المقبل، وإننا سنذهب إلى واشنطن من أجل البدء في المفاوضات المباشرة برعاية الولايات المتحدة، وبحضور ممثل عن اللجنة الرباعية، بإرادتنا وحسنا الوطني لأننا نريد سلاما عادلا وشاملا.
س: الإدارة الأمريكية انتقلت في خطابها تجاه السلطة الفلسطينية من الضمانات إلى التطمينات، هل هذا كافٍ لبدء التفاوض؟
بالطبع هذا غير كافٍ لنا كفلسطينيين، ما يكفينا ونتطلع له هو ما يمارس على الأرض من فعل وليست الأقوال والخطابات، صحيح أن ما يرسل لنل مطمئن، ولكن الأهم ما نراه على الأرض، فإذا استمر الجانب الإسرائيلي في الاستيطان فهذا يعني تدمير كل شيء، وبالتالي الخطوة المطلوبة الآن من الإدارة الأمريكية ومن أعضاء اللجنة الرباعية تتمثل في إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف كل النشاطات الاستيطانية بما فيها النمو الطبيعي للمستوطنات، حتى يصار إلى إعطاء عملية السلام الفرصة التي تستحق، وباعتقادي أن الحكومة الإسرائيلية إذا ما قررت أن تستمر في النشاط الاستيطاني وأن ترفض المرجعيات المحددة والمتفق عليها دوليا وكما جاء في بيانات اللجنة الرباعية السابقة وخطة خارطة الطريق، فهي حكمت على المفاوضات بالفشل والإغلاق قبل أن تبدأ، ووقف الاستيطان وعدم شرعيته ورد في معظم الاتفاقيات الثنائية بيننا وبين الجانب الإسرائيلي، وكذلك في معظم الاتفاقيات الدولية، ومنذ اتفاق أوسلو اتفقنا على ألا يقوم أحد بإجراء أحادي يجحف بمفاوضات الوضع النهائي، بمعنى ألا يقوم الجانب الإسرائيلي بتغيير معالم الأرض، ونحن بدورنا ألا نقوم بإعلان الدولة من طرف واحد، وقلت أكثر من مرة أن مفتاح حل وإنجاح المفاوضات هو بيد نتنياهو، وفي اللحظة التي يوافق فيها نتنياهو على المرجعية الدولية المتعلقة بعملية السلام في الشرق الأوسط وعلى وقف الاستيطان عندها سوف يكون هناك مفاوضات جادة، اما استمرار نتنياهو في هذه السياسة من الغموض وعدم الوضوح ومحاولة كسب الوقت ورفض المرجعيات وفرض الحقائق على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالقدس من هدم البيوت وتهجير السكان ومصادرة الهويات من المقدسيين هذا يعني عبثية المفاوضات والحكم المسبق عليها بعدم النجاح.
س: ما طبيعة الدور الأردني في المستقبل في حال تم التوصل إلى حل قضايا الوضع النهائي مثل الحدود والأمن والقدس؟
للأردن ومصر وسوريا ولبنان مصالح حيوية في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فالحدود هي حدودهم والمياه هي مياههم واللاجئون الفلسطينيون قضيتهم وتهمهم والقدس قدسهم والأمن أمنهم، لذا نحن نعمل بكل جهد ممكن مع الأشقاء العرب في مصر والأردن وسوريا ولبنان وبقية الدول العربية الأخرى، لأننا نسعى إلى تحقيق السلام الشامل والعادل وليس اتفاق سلام منفصل، فالأراضي العربية السورية المحتلة من قبل إسرائيل عام 1967 والمتمثلة في هضبة الجولان، وما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة والمصالح الأردنية والمصالح المصرية على حدودهما هذه لا تقل أهمية عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، فبين فترة وأخرى يضع الأخ الرئيس الأشقاء العرب في صورة الأوضاع لاطلاعهم على آخر المستجدات للتشاور والنصح، لأننا نعيش ضمن المنطقة ومصالحنا مشتركة مع الجميع.
س: هل من الممكن أن يتكرر سيناريو( كامب ديفيد 2 ) مع الرئيس أبو مازن، وكما تم مع الرئيس الراحل أبو عمار؟
آمل أن لا يتكرر ولكن هذا يعتمد على أمور كثيرة، وباعتقادي أن الأخ الرئيس أبو مازن لم يولد ليكون رئيساً، وإنما الرئيس أبو مازن ولد و موجود لإعادة فلسطين إلى الخارطة الجغرافية في العالم، وهو يعمل من أجل هذا الهدف مثل من سبقوه ونأمل أن يستطيع تحقيق ذلك، ومن يعتقد أن الأخ أبو مازن ولد ليكون رئيساً وأن تكون وظيفته مقتصرة على الرئاسة الشكلية فقط، فهو مخطئ، نحن كلنا نعمل ونقوم بجهودنا ليس بدافع الوظيفة وإنما نحن نخوض نضالاً لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة، ومن يراهن على بقاء الأوضاع على ما هي عليه وأن هذه الأوضاع ستعمل على تكريس الاحتلال فهو أيضا مخطىء، الأخ الرئيس أبو مازن أعلن في أكثر من مناسبة أنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة، فعلى كل العالم أن يفهم مغزى هذه الرسالة التي يقصدها الرئيس من ذلك الإعلان، وإسرائيل تمارس الضغوط بكل أنواعها علينا وعلى الرئيس، فالاحتلال هو أعلى أنواع الإرهاب، وإسرائيل تمارس ضغوطاتها علينا يوميا من اعتقال واقتحام واغتيال واستيطان وبناء الجدران وطرد السكان وهدم البيوت ومصادرة الأراضي والحواجز والإغلاق، وتمارس في غزة العقوبات الجماعية من منع المواد الغذائية والدواء والوقود كل هذه الإجراءات، سيوف مسلطة على رقاب أبناء شعبنا، ونحن ندرك تماما ما تمارسه إسرائيل ضد شعبنا من إرهاب وضغوط، و لا ترتبط مواقفنا السياسية بأي شكل من الاشكال بما يمارس علينا من ضغوط وإرهاب إسرائيلي، وعلى إسرائيل أن تدرك بأن سعينا إلى السلام لا يعني بأننا نريد السلام أو أننا نقبل بالسلام بأي ثمن، ولو كنا نقبل السلام بأي ثمن لما استشهد الأخ الرئيس الراحل أبو عمار محاصرا ومظلوما في المقاطعة في رام الله، ولما رفض الأخ أبو مازن ما عرضه عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اولمرت في العام 2008، ولما رفضنا العروض السابقة من الاسرائيليين في التسعينيات من القرن الماضي من الإدارات المدنية والذاتية وغيرها من العروض، لذا أوصي الشعب الفلسطيني أينما تواجد في المنافي أو في الداخل، لكم 37 كيلو متر على شط البحر الميت ولكم حقوق مائية في نهر الأردن ولكم القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين ولكم حق العودة كلاجئين وحسب القرار 194 ولكم ممر آمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة ولكم 12 ميلاً إقليمياً على شواطىء البحر الأبيض المتوسط في غزة، ولنا 46 كيلو متر في المنطقة الحرام في القدس، ويجب أن لا يقايض حق بحق، نحن نسعى للسلام وفق أسس وركائز القانون الدولي والشرعية الدولية وإسرائيل حاولت في التسع عشرة سنة الماضية الضغط علينا وأن تخفض سقف توقعاتنا و أن تمارس الضغوطات المختلفة بسياساتها التعسفية الظالمة لا لشيء إلا لخفض سقف المطالب الفلسطينية، وهذا لن يحدث أبدا فسلامنا هو ما خطه الرئيس الراحل عرفات بدمه وسلامنا هو خطه الرئيس أبو مازن وما زال متمسك به، وما خطته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، ولن يكون هناك سلام إلا بانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل إلى خطوط الرابع من حزيران للعام 1967 وإقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
س: إلى أية درجة تصل جدية الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال فشلت المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بالتوصل إلى حل؟
نحن نسعى مع دول الاتحاد الأوروبي بكل جهد ممكن، ونسعى مع كل دول العالم للتصويت في مجلس الأمن لمشروع قرار يدعو الدول الأعضاء في مجلس الأمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، وحقيقة هناك تفاوت في المواقف الأوروبية وليست هناك سياسة خارجية واحدة لدول الاتحاد الأوروبي بل هناك 37 سياسة خارجية، ولكن باعتقادي هناك أمل كبير لنا من المجتمع الدولي في تحقيق ذلك الهدف قريبا، لذا نعمل من الآن ومع الجميع لتحقيق ذلك، وهناك الكثير من دول التحاد وعدت بدعمنا لان تتفهم وضعنا وتؤمن بحقنا في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كمفتاح للاستقرار في المنطقة، وهذا يتطلب استمرار الجهد والعمل للوصول الى ذلك الهدف.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها