استضافت الإعلامية ريم مشيرفي في حلقة خاصة عبر قناة فلسطيننا، مع رئيس الجالية الفلسطينية في اليونان محمد السيد، للحديث حول تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكيف تؤثر الإبادة الجماعية على الجاليات الفلسطينية في أوروبا، وغيرها من القضايا.
بدايةً أكَّد السيد، بأنَّ حرب الإبادة اندلعت على غزة وسط حملة إعلامية غربية شرسة شوّهت صورتنا وأضعفت موقفنا، لكننا لم نتراجع، بل خرجنا إلى الشارع لنوضح للشعب اليوناني أنَّ الفلسطينيين أصحاب حق ويناضلون من أجل حريتهم. فالقضية الفلسطينية لم تبدأ في 7 أكتوبر، بل هي نتيجة لستة وسبعين عامًا من الاحتلال والظلم والمقاومة متواصلة حتى تحرير فلسطين.
وتابع، رغم صعوبة تقبّل الشارع اليوناني للرواية الفلسطينية في البداية بسبب الإعلام المضلل، واصلت الجالية الفلسطينية توضيح الحقيقة ومواجهة الأكاذيب حول المجازر وقتل الأطفال. ومع الوقت، بدأ الوعي يتغير، واليوم يقف الشارع اليوناني إلى جانب الشعب الفلسطيني ويدعم قضيته العادلة.
وأوضح، يمكن القول إنَّ الموقف اليوناني تجاه القضية الفلسطينية يتسم بالتردد. فمن جهة، يحظى الفلسطينيون بدعم واسع من الشارع اليوناني، والنقابات، والأحزاب اليسارية، والمجتمع المدني، ومن جهة أخرى، تتمسك الحكومة اليونانية بمواقف جيوسياسية تجعلها تتخذ موقفًا مغايرًا، إذ إنها الحكومة الوحيدة من بين الحكومات اليونانية المتعاقبة التي تبنت تحالفًا مباشرًا مع حكومة نتنياهو.
وأشار إلى أنَّ هذا التحالف مبني على قناعة لديهم بأن إسرائيل قد تمثل حليفًا عسكريًا استراتيجيًا يقيهم من أخطار مستقبلية، وهو ما تم رفضه بشدة. ولذلك تواصل الجالية عملها عبر أدوات المجتمع المدني والأحزاب التقدمية للضغط على الحكومة اليونانية لتعديل موقفها، والتأكيد على أنَّ دعم فلسطين ليس فقط موقفًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي، خاصة وأن الشعب اليوناني مر بتجارب مماثلة من الاحتلال والإبادة.
وشددا، على أنَّ السلطة الوطنية الفلسطينية بدورها تعمل على إيصال حقيقة ما يجري، ليس فقط في غزة، بل في الضفة الغربية حيث يجري تطهير عرقي متواصل، إلا أنَّ هذه الجهود تصطدم بتعتيم إعلامي واسع على الموقف الفلسطيني الرسمي.
ورغم ذلك، فإننا نواصل العمل والضغط على الحكومة اليونانية من خلال الحراك الشعبي والأحزاب، على أمل أن يصبح موقفها أكثر توازنًا وعدلًا تجاه ما يجري في منطقتنا
وأوضح، أنَّ موقف الاتحاد الأوروبي شهد تحولًا ملموسًا منذ السابع من أكتوبر إلى الآن، فبينما كان في السابق منحازًا تمامًا للرواية الإسرائيلية، بدأت جرائم الاحتلال المتواصلة تدفع دول الاتحاد نحو مراجعة مواقفها، انطلاقًا من التزاماتهم الأخلاقية والتاريخية.
وهذا التغير تجلّى في تحركات عدة دول أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطين، وهو ما كان مستبعدًا في السابق، خاصة من دول كفرنسا التي أصبح رئيسها يتحدث علنًا عن هذا الاعتراف، إلى جانب دول مثل البرتغال وغيرها ممن اتخذت خطوات فعلية.
وكل هذا التحول بموقف الاتحاد الأوروبي، نتيجةً لصمود الشعب الفلسطيني، والموقف السياسي الواضح الذي تتبناه السلطة الوطنية الفلسطينية، إلى جانب حجم المجازر والانتهاكات الإسرائيلية. ومن هنا، نأمل أن تحذو الحكومة اليونانية حذو هذه الدول، خصوصًا في ظل وجود قرار سابق من البرلمان اليوناني عام 2015 يدعو للاعتراف بدولة فلسطين.
وحول الخطوات العملية التي يجب أن تتخذها الدول الأوروبية لضمان الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، علق السيد، من الضروري أن يتبنى الاتحاد الأوروبي موقفًا موحدًا وواضحًا تجاه القضية الفلسطينية، يقوم أولًا على مطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، ووقف المجازر والاعتداءات المتواصلة في غزة والضفة الغربية.
وأضاف، يجب أن يضغط الاتحاد على الحكومة الإسرائيلية للالتزام برسم الحدود المعترف بها دوليًا، والتوقف عن سياسة التنصل منها. مشددًا على أنَّ المطلوب اليوم موقف حازم يدعم بشكل صريح حقوق الشعب الفلسطيني، ويؤكد على ضرورة إنهاء معاناته وتمكينه من إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، على أرضه، وعاصمتها القدس.
بدون هذا الموقف، ستستمر الأزمة، وستطول المعاناة، وسيبقى من حق الشعب الفلسطيني أن يناضل من أجل استعادة أرضه وحقوقه المشروعة.
وأكَّد، أنَّ منذ بداية العدوان، سارعت حركة فتح وأبناؤها إلى التحرك ميدانيًا في الساحة اليونانية، حيث كثفوا تواصلهم مع الأحزاب اليسارية، والنقابات العمالية، والمؤسسات الحكومية، بهدف مواجهة الرواية الإسرائيلية التي يروّج لها الإعلام الغربي المنحاز، والمدعوم بميزانيات ضخمة من قبل إسرائيل، مما جعل المعركة الإعلامية والسياسية غير متكافئة.
ورغم صعوبة المواجهة، واصل كوادر حركة فتح جهودهم دون توقف، ونجحوا في فتح قنوات اتصال مع الحزب الحاكم في اليونان، حيث التقوا بعدد من المسؤولين وأوضحوا لهم موقف السلطة الوطنية الفلسطينية، وحركة فتح، والشعب الفلسطيني الرافض للعدوان وللمواقف الرسمية المنحازة لإسرائيل.
وشددا، لم تتخلَّ حركة فتح في اليونان عن مسؤولياتها، بل كانت في طليعة العمل السياسي والشعبي، ساعية لإيصال الحقيقة إلى الرأي العام اليوناني، الذي بات يملك وعيًا أوضح بالقضية، وإن بقيت الحكومة مترددة في الاعتراف بذلك.
وقال: "أوجّه رسالة إلى العالم مفادها أن شعبنا الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة مستمرة، ليست وليدة العامين الأخيرين، بل منذ عام 1948 وما قبله، فنحن نواجه واحدة من أقوى القوى عبر التاريخ، قوة بلا رادع، تمتلك السلاح والميزانيات الضخمة لقتل أطفالنا وشعبنا".
وشددا، على أنَّ هذه المؤامرة ضد شعبنا يجب أن تنتهي، وعلى كل مجتمع أخلاقي ومتمدن أن يقف إلى جانب قضيتنا العادلة، دعمًا لحقنا في العودة، والاستقلال، وإقامة دولتنا وإنهاء معاناة اللاجئين. نحن لسنا كأي شعب آخر؛ فقضيتنا هي أكبر مأساة لجوء في التاريخ الحديث.
وأضاف، يكفي تجاهلًا، وعلى الجميع أن يعمل من أجل ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، لأن استقرار الشرق الأوسط مرهون بحلها. وكما قال الشهيد القائد ياسر عرفات: “الحرب تنتهي من فلسطين، والسلام يبدأ من فلسطين.”. ومن أراد السلام، عليه أن يعمل بجدّ لإعطائنا كامل حقوقنا، دون ذلك، لا سلام.
وختم حديثه مشددًا، رغم التضحيات والآلام، سيبقى شعبنا صامدًا، ولن يتراجع عن تقديم المزيد من التضحيات لتحقيق أحلامه وآماله.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها