يترقب أبناء شعبنا في قطاع غزة تطورات ملف مفاوضات وقف إطلاق النار، ويواصل جيش الاحتلال عدوانه وعملياته الموسعة في القطاع على كافة المستويات، في مسعى لإحكام سيطرته على أكبر مساحة منه قبل التوصل لأي اتفاق. وللبحث في آخر المستجدات، استضافت الإعلامية زينب أبو ضاهر أستاذ العلوم السياسية الدكتور الحارث الحلالمة.
بدايةً أكَّد الحلالمة، أنَّ الحديث حول العودة لملف المفاوضات مع التضارب بين ما هو هذا المقترح، يشير أنَّ هناك نوع من الحراك للوسطاء، على اعتبار إن ما يحدث الآن في قطاع غزة، يستدعي وقفة الضمير الإنساني. وتابع، أنَّ المجتمع الدولي أصبح يرى بعينه إنه لا بد من وقف هذه المجزرة الدموية، وشلال الدم.
وفي سياق متصل أكَّد الحلالمة، أنهذه الرؤية للمجتمع الدولي خلقة عامل ضغط على دول الوسطاء، وبخاصةٍ الولايات المتحدة الأميركية، التي أصبحن الآن تُرى كشريك، وليست كوسيط فعلي، على اعتبار أنها أرسلت السلاح، ووقفت بجانب الاحتلال، وغطت الاحتلال سياسيًا، ومنعت أي قرار بوقف إطلاق النار، وشدد على أنَّ الحراك حقيقي، يأتي من منطلق مصالح هذه الدول، وليس من منطلق إنساني بحت.
وتابع الحلالمة، أنَّ إسرائيل الآن تحاول أن تستثمر الوقت، وتحقق أكبر قدر ممكن من الأهداف الميدانية، لأن أي اتفاق لوقف إطلاق النار سيعني بالضرورة وقف العمليات البرية، ووقف الاجتياح، وبالتالي فإنها تستبق أي اتفاق بمحاولة السيطرة على أكبر مساحة ممكنة، وقتل أكبر عدد ممكن من شعبنا.
ورجح الحلالمة، أنَّ فلشت المفاوضات ستذهب الأمور باتجاه تصعيد أكبر، لأن إسرائيل لن تتراجع بسهولة، والفصائل الفلسطينية لن تقبل بالشروط الإسرائيلية، وبالتالي سنكون أمام مأزق جديد، ولكن هذه المرة قد يكون مأزقًا أخطر بكثير من المرات السابقة.
وأشار، إلى أنَّ إسرائيل الآن في حالة تخبط سياسي،في ظل الخلافات داخل المجلس الوزاري المصغر، والخلاف ما بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية، وحتى الولايات المتحدة أصبحت غير قادرة على كبح جماح نتنياهو، الذي بيحاول أن يهرب للأمام من أزمته الداخلية، الفساد والمحاكمات، وفقدان الائتلاف الحاكم لأي شرعية سياسية داخلية، حيث يراهن على كسب الوقت، وفرض أمر واقع، وخلق حالة جديدة في قطاع غزة.
وحول مدى نجاح تصريحات السعودية المسبقة بأنها لن تقبل التطبيع مع إسرائيل إلا في حال تم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، علق الحلالمة أنه في ظل الحكومة اليمينية الإسرائيلية الموجودة حاليًا، الأمر ليس سهلًا، لأنَّ هذه الحكومة، حتى لو قبل نتنياهو وكان براغماتيًا، لأن هناك تشريع قانوني استبق ذلك الموضوع في الكنيست الإسرائيلي، يتضمن بأنَّ الدولة الفلسطينية هي خطر وجودي على إسرائيل. وأعتقد أنَّ هناك نوع من التوافق الإسرائيلي بأنه لن تُسمح بأي شكل من الأشكال بإقامة الدولة الفلسطينية.
وأضاف، أننا الآن نحن نتحدث عن واقع جيوسياسي جديد مهم جدًا، باعتبار أن السعودية لن تقبل بأي شكل من الأشكال إذا لم يكن الحل وفقًا لمقررات الشرعية الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية كما ذكرتها الشرعية الدولية، وحتى لو قبلت إسرائيل بذلك، ربما لن تقبل في أن يكون هناك دولة فلسطينية كما هي على حدود السبعة وستين، وانسحاب من الضفة الغربية كاملة، وعاصمتها طبعًا القدس الشرقية.
وتابع، أن هناك قناعة تامة لدى بعض الشارع الإسرائيلي، أو الكثير منه، بأن هذه المقاربات الأمنية والعسكرية لن تحقق نجاح، ولا الأمن، ولا الاستقرار للإسرائيليين، خصوصًا أن الجيش الآن يعاني، من عدد من المشاكل. يعاني من قضية التجنيد، يعاني من قضية الاحتياط، يعاني من قضية الرفض في الدخول في السلك العسكري.
إضافة إلى ما سبق ذكره، هو صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي الآن، التي أصبحت تراها بوجهه الحقيقي القبيح، بأنها دولة مارقة، إرهابية، توسعية، إحلالية، استيطانية، لا ترى بالشريك الفلسطيني موجود على الأرض.
وفي حال وجد ترامب أنَّ نتنياهو وحكومته اليمينية تقف عائقًا أمام تنفيذ وتطبيق مصالحه، إن كان في الشرق الأوسط أو في العالم، أشار الحلالمة، أنَّ في حال حدث ذلك ترامب لن يرفع دعمه لاسرائيل بشكلٍ كامل، لأنه إسرائيل، تُعتبر عمق استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، ورفعه يده عن الحكومة هو رفع يد عن الشريك الأهم، وعن موطئ قدم الولايات المتحدة الأمريكية الحقيقي، الفعلي، في المنطقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها