بكر ابو بكر لمجلة القدس:
استطاعت "فتح" ان تمسك مفاتيح الحل في كل مرحلة ضمن رؤية واضحة لعوامل القوى والمعسكرات
حوار/ أمل خليفة – رام الله- فلسطين
خطط بديلة واحتمالات عديدة من الجانب الفلسطيني في حال فشلت المفاوضات، وسيناريوهات مطروحة من الجانب الأخر ما بين الضم والطرد، إلى من يحلم بإقامة خلافة إسلامية في غزة مقابل هدنة مع العدو مفتوحة. الباب مفتوح على مصراعيه للاحتمالات قبل بدء جولة المفاوضات القادمة في الثاني من أيلول القادم في واشنطن، حول هذه القضايا وأخرى كان لنا هذا اللقاء مع الأخ بكر أبو بكر عضو المجلس الثوري لحركة فتح.
1- الأخ بكر هل حل السلطة خيار ما زال قائماً أم هو للضغط وبعثرة الأوراق و ما هي التداعيات؟
السلطة الفلسطينية نتاج اتفاقات ثنائية وبإرادة دولية وهي ما كانت لتصبح واقعا على الأرض الا بالتضحيات الجسام التي ضحى بها شعبنا منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 حتى الآن، وبمرور الثورة الفلسطينية وفتح تمر بمراحل عدة من صعود وهبوط وإخفاقات وإنجازات، (استطاعت فتح أن تمسك مفاتيح الحل في كل مرحلة ضمن رؤية واضحة لعوامل القوى والمعسكرات, وبقدرة على تحديد الأولويات والاشارة بوضوح للتناقض الرئيسي والتناقض الثانوي، وما استدارت فتح الى الخلف أبدا لتشير لتناقض ثانوي لتعتبره أساسياً كما فعل الظلاميون في غزة الذين تركوا الاسرائيليين يقهقهون عاليا عندما انقلبوا على السلطة والشعب ليلقوا بالسلاح جانبا،) ويقتلوا من يتفوه بكلمة ضد سلطتهم الهشة, او يرفع السلاح ضد العدو، اذن استطاعت فتح ان ترسم مسارات ارتبطت بالكفاح المسلح ثم بالمزاوجة بين العمل العسكري والعمل السياسي ثم باختيار النضال الشعبي ضمن رؤيتها الواقعية المرتبطة بالتغيرات، وفي هذا الصدد فان السلطة الوطنية انجاز وطني أتاح لشعبنا الصمود على أرضه, وجعل له جواز سفر ومؤسسات وصراعاً يومياً مع العدو ما كان ليكون لولاها، ورغم ذلك فإن هناك أصواتاً تنظر للتخلي عن السلطة لسبب التعنت الإسرائيلي وباعتبارها غطاء لممارساته سواء في غزة المحتلة التي يسيطر فيها الاسرائيليون الآن على ربع مساحتها سيطرة مباشرة عبر المنطقة الحدودية الفاصلة على امتداد الشريط بينها وبين دولة الكيان اضافة لسيطرتهم على البحر والجو والمعابر والطعام, وكل مفاصل الحياة وكذلك الأمر في الضفة ما يجب أن يدرس بعمق في ظل مفاوضات قد لا تصل لنتيجة.
2-هل يمكن البدء بالتصعيد العسكري ؟
الشارع الفلسطيني منقسم انقساما شاذا بين الضفة وغزة جغرافيا ونفسيا نتيجة الانقلاب ورفض حماس التام للمصالحة، وبين أولويات مختلفة للفرقاء تتراوح بين السعي لاقامة دولة فلسطينية مستقلة, و السعي المضاد لاقامة (الخلافة الاسلامية) الموهومة على أي شبر يتم تحريره؟! عبر اقامة هدنة مع العدو الى ما شاء الله، وبين إرادة ذاتية وعربية مشتركة رغم ضعفها وارادة مدعومة اقليميا لها مصالحها التي لا تتفق مع مصالح الأمة، وفي ظل هذا الانقسام الكبير ليس من المرجح أن ينشأ أي عمل عسكري داخلي خاصة وخيار فتح الحالي بالكفاح والمقاومة الشعبية, وخيار حماس بتجنيب غزة الويلات كما قال محمود الزهار ووقف اطلاق النار من هناك ضد العدو تحت طائلة العقاب الشديد ضد الجهاد الاسلامي, وكتائب المقاومة الشعبية وغيرها. اما في المنطقة حولنا فطبول الحرب تشنف آذان اليمين الاسرائيلي الذي يحاول التفلت من أي التزام تجاه الفلسطينيين اما بحرب جديدة أو بالالتفاف على المسار الفلسطيني والدخول في مسارات أخرى, فيستمر الاستيطان والجدار والحواجز والاحتلال دون أن يقدم (نتنياهو) أي شيء سواء على طاولة المفاوضات, أو على الأرض التي تقضم يوميا, وما حصل مؤخرا في مقبرة مأمن الله في القدس الا دليل يومي على الاصرار على سياسة تهويد القدس مع مئات الاجراءات التهويدية الأخرى.
(الممكن حاليا, والممكن فهم واقعي للأحداث والمستجدات, ولفارق القوة وامكاناتنا والمحيط وامكانات الخصم هو ان تضع الفصائل الوطنية الفلسطينية وحركة فتح خطة استراتيجية ذات بعد قومي تدعم المفاوض في ثباته على المبادىء, وتعارض أي نكوص أوتراجع،) والى جانبها الخطة (ب) التي تجترح الحلول منذ الآن حال فشل المفاوضات ما هو الاحتمال الأكبر برأيي، ولا بد في هذا الصدد التأكيد على تصعيد المقاومة والكفاح الشعبي بشتى الأشكال وغيره من الوسائل، وتقوية آليات صمود الشعب الفلسطيني في وطنه ضمن هذه الاستراتيجية، مع اعتبار الدور الاقتصادي العالمي الفاعل وهذا ما يعني ان من يريد حلا ملتزما بالأهداف فإنه يعمل لذلك فلا تقف الدول العربية-التي تقيم علاقات علنية أو سرية مع الاسرائيليين- متفرجة وتستمر بعلاقاتها القوية تلك الاقتصادية والسياحية والسياسية مع الاسرائيليين, وتحمل كل النتائج للفلسطيني في ظل أنها لا تريد أن تستخدم أيا من أسلحتها في هذه المعركة.
3- حل الدولة الواحدة ما إمكانية اتخاذ مثل هذا القرار و ما ردود الفعل المتوقعة؟
طرح بعض الفلسطينيين مؤخرا حل الدولة الواحدة وخاصة تجمع هام يطلق عليه اسم (تكامل) مكون من مجموعة من الأساتذة والمثقفين والنشطاء، وفي ظني أن هذا المقترح يأتي في ظل الشعور السائد بالاحباط من المفاوضات ومن امكانية موافقة الحكومة الاسرائيلية على اقامة دولة فلسطينية، وفي رغبة لتحقيق ايمان فتح بفلسطين الواحدة، وللعلم فان خيار الدولة الواحدة الديمقراطية على كل فلسطين هو خيار حركة فتح الاول منذ العام 1968 حيث طرحت الدولة الديمقراطية المدنية لكل الأديان، ونشير الى أن هذا المفهوم لقي قبولا عند الاخوان المسلمين في مصر بعد 40 عاما من طرح فتح حيث أعلن أحد قادتهم وهو عبد المنعم أبوالفتوح منذ عام أو عامين أن الحل في فلسطين هو الدولة الديمقراطية المدنية لكل الاديان، وفي الاتجاه الآخر فان اليمين الصهيوني يطالب بضم الضفة اليهم وكما قال (موشيه أرنس) أحد رموز (الليكود) و(تسيبي حوطوبلي) ورئيس الكنيست وعدد آخر من قيادات الاسرائيليين -الذين لا يشكلون تيارا عاما حتى الآن- في إطار استتباع يشبه الدولة الواحدة ما هو مختلف عن الطرح الفلسطيني, لأنه يتضمن حكما استبعاد قضية اللاجئين ما لا يقبل فلسطينيا تحت أي ظرف، (وباعتقادي فإن الشارع الاسرائيلي ليس ناضجا لتقبل الدولتين فكيف به يتقبل الدولة الواحدة وهو يتمسك بالمسلك العنصري المتمثل بالدعوة لابتزاز قرار فلسطيني وعربي وعالمي بيهودية كيانهم؟)
4- هل ستستمر القيادة الفلسطينية بتبني المقاومة الشعبية ؟
جاء قرار المؤتمر السادس لحركة فتح مؤكدا على الحق الأصيل للفلسطينيين بالكفاح المسلح والمقاومة والنضال وأتاح المجال لاختيار شكل النضال وفق كل مرحلة، وبحسب المستجدات وما يحقق المصلحة الوطنية، كما شدد على الكفاح الشعبي بكافة أشكاله من صمود وطني على الأرض وبناء المؤسسات ومقاطعة بضائع المستوطنات ومواجهات رفض سرقة الأراضي والجدار وتهويد القدس واستمرار الأعمال الاحتلالية المختلفة (والمطلوب الآن من حركتنا الاشارة بوضوح للآليات والوسائل القابلة للتطبيق والتي تزيد او تطور من وتيرة هذا الكفاح الشعبي الذي بدونه وبدون القطار العربي لا تستطيع القيادة الفلسطينية أن ترفع صوتها عاليا لتحقق الحصاد.)
5- ما هي الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
يعتقد البعض أن المفاوضات هي استراتيجية حركة فتح أو استراتيجية الاخ الرئيس أبومازن والقيادة الفلسطينية، ولمن يقرأ البرنامج السياسي للحركة ويرصد تصريحات وممارسات كوادر الحركة على الأرض يرى أن فتح تعتمد كافة الوسائل في معادلة الصراع العربي الصهيوني ودعيني أجمل ما يمكن أن يمثل استراتيجية الحركة المطلوبة بالنقاط التالية الواردة في أحد وثائقها الحديثة كالتالي: تطوير النضال والكفاح الوطني الفلسطيني في الوطن، وتفعيل دور الفلسطينيين خارج الوطن، وخلق قواسم مشتركة مع القيادات والأحزاب العربية في الوطن العربي وداخل الخط الأخضر، واستثمار القوى العربية الشعبية، وتوسيع نطاق النضال الفلسطيني الى إطاره القانوني الدولي وعبر البرلمانات والجامعات ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني لمحاصرة العدو واستمرار فضح ممارساته العدوانية، وبتحقيق المصالح العربية من خلال ادماج العرب في القضية الفلسطينية اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، وبالنضال داخل الخط الأخضر واختراق الجبهة الإسرائيلية داخل الكيان وفي الولايات المتحدة، وتحقيق المصالحة الفلسطينية التي طال أمدها لتعنت حماس، وبناء حالة واسعة من التضامن الدولي حول الموقف الفلسطيني العادل، وتوسيع حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية في الوطن وفي كافة دول العالم، وحسن إدارة المفاوضات مع الحكومة اليمينية والحكم بمقدار التمسك بالثوابت لا بالتشكيك الدائم، واحترام دور المعارضة الفلسطينية الوطنية وحقها في الرفض والتعبير الديمقراطي كما تشاء، بل واستثمار ذلك في الموقف الفلسطيني. (وهنا لا بد أن أشير أن على حركتنا حركة فتح وقيادتها الجديدة أن تقوم بتفعيل دورها الريادي ومن خلال بناء وتمتين وتنشيط الاطر الحركية في الأقاليم سواء في الخارج او الوطن لأنها يد الحركة على الأرض وعينها التي لا تنام الا على حلم الوطن، وماكينتها الاعلامية القوية وشعلتها النضالية التي لا تستكين. )
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها