شناعة: الرئيس أبو مازن سيثبت للجميع بأنه الأقدر على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وهذا ما أثبته عبر خمس سنوات سابقة.

أجرى التلفزيون الفلسطيني في برنامج دائرة الحدث مقابلة مع الحاج رفعت الذي أرسل قبل بداية الأسئلة الكلمات التالية إلى الشعب الفلسطيني:"تحياتي إلى أهلي وشعبي في الداخل والخارج. تحياتي لأهل القدس لأهلنا في سلوان لتصديهم للعصابات الصهيونية".

س: مطالبة (م.ت.ف) توفير قوى دولية لحماية الفلسطينيين من المستوطنين. ما هي واقعية هذه الدعوة؟

ج: هذه الدعوة لتأمين الحماية للشعب الفلسطيني من خلال الامم المتحدة ليست جديدة. الرئيس الراحل ياسر عرفات أكثر من مرة أعلن أن الشعب الفلسطيني يتعرض إلى هجمات متواصلة من المستوطنين والمستعربين، وقوات الاحتلال. هذه الاطراف تضرب بعرض الحائط القرارات الدولية، واتفاقيات جنيف، وغيرها من حقوق الانسان.

وبتقديرنا هذا المطلب مطلب مهم جداً لأنه يضمن أمن الشعب الفلسطيني من العصابات الصهيونية (ثانياً) يضمن تنفيذ القرارات الدولية لأن الامم المتحدة معنية بتنفيذ قراراتها التي ترفضها اسرائيل بشكل مطلق.

س: لكن ما أهمية هذه الدعوة إذا ما قال المجتمع الدولي أن عملية تحقيق السلام في المنطقة هي كفيلة بوقف إعتداءات المستوطنين على الشعب الفلسطين؟

ج: أثبتت التجربة أن الشعب الفلسطيني وقيادة الشعب الفلسطيني قدمت العديد من المبادرات ووافقت على ما تم التوصل إليه من اتفاقات، ونفّذت ما عليها سواء كان في أوسلو أو في خطة خارطة الطريق وغيرها من الالتزامات للأسف الجانب الاسرائيلي لم ينفذ ما هو مطلوب منه إطلاقاً.

الجانب الفلسطيني نفذ ما هو مطلوب منه، أما الجانب الاسرائيلي فما زال يعتدي أمنياً على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة أو حتى في السجون ويقتل يومياً، ورغم ذلك فإن اسرائيل تتذرَّع بأنها مهددة أمنياً.

س: سيد رفعت أسألك عن عنوان آخر ورد على صحيفة الحياة التي تصدر في لندن- يقول العنوان تفاؤل حذر في إسرائيل بأنباء تراجع الرئيس عباس عن تهديده بالانسحاب من المفاوضات. هل يعني أن إسرائيل تريد إستمرار الاستيطان بموافقة فلسطينية ولا تَمْثُل إلى المطالب الدولية بهذا الخصوص؟

ج: أولاً الرئيس ابو مازن لم يتراجع. ثانياً الرئيس أبو مازن لم يُهدِّد. الرئيس من موقعه كرئيس الشعب الفلسطيني ويقود هذه المفاوضات حدد موقفاً واضحاً. هذا الموقف بإجماع المؤسسات الفلسطينية سواء كانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أو اللجنة المركزية لحركة فتح، وقال الاستيطان والمفاوضات خطان متوازيان لا يلتقيان، الرئيس لا يستطيع أن يواصل المفاوضات كرئيس للشعب الفلسطيني إذا ما استمرت عملية الاستيطان، وهذا موقف حاسم بالنسبة للقيادة الفلسطينية ولا تستطيع القيادة الفلسطينية تجاوزه أو التهاون به.

س: هل تعتقد بأن الادارة الاميركية كما قال جورج ميتشل قادرة على خلق صيغة توافقية بين الجانبين في سياق وقف الاستيطان؟

ج: الادارة الاميركية حريصة أن تجد مخارج للموضوع لكن بتقديري أن أي مخرج لا يتضمن وقف الاستيطان بشكل واضح، الطرف الفلسطيني لن يقبل به إطلاقاً.

الوضع الفلسطيني الداخلي مهم جداً بالنسبة للرئيس الفلسطيني، ورفض الاستيطان هو الذي يشكل اللحمة الداخلية للوضع الفلسطيني بعد خطوات المعارضة والاحتجاجات،و الشيء الطبيعي أن يعبِّر الشعب الفلسطيني عن رأيه. لكن إذا فكرت إسرائيل بأنها حريصة على وحدتها الداخلية وإئتلاف الحكومة لديها، وأن الرئيس الفلسطيني أبو مازن يمكن أن يُقْدِمَ على أي تنازل في هذا المجال فهي مخطئة جداً. فالشعب الفلسطيني أعطى الثقة للرئيس أبو مازن بأن يقود هذه المفاوضات لكن على أرضية الالتزام بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وتحديداً وقف الاستيطان. لأن الرئيس أبو مازن كان واضحاً ويجب علينا أولاً أن نتحدث عن حدود الدولة الفلسطينية، ولا نقبل أبداً بأي طرح آخر لأننا عندما نتفق على حدود الدولة الفلسطينية من هنا تبدأ عملية السلام.

س:  سيد رفعت عنوان آخر على صحيفة المستقبل اللبنانية تعلن فيه فرنسا ترحيبها باستضافة أي مؤتمر دولي يدعم إقامة الدولة الفلسطينية. هل لهذا المؤتمر أي أهمية في ظل ما تشهده المفاوضات المباشرة الآن؟

ج: الموقف الاوروبي متقدم عن الموقف الاميركي. نحن كشعب فلسطيني نثمِّن البيانات التي صدرت عن الاتحاد الاوروبي، لكن ندرك جيداً أن إسرائيل ترفض أي تدخل أوروبي في الموضوع السياسي المتعلق بعملية السلام، لأنها تعرف أن هناك نقاطاً مشتركة مع الفلسطينيين بالنسبة لعملية السلام.

الفلسطينيون أكثر من أي طرف آخر تهمه عملية إحلال السلام، حتى في إنطلاق عملية التفاوض لم تدعُ إسرائيل الاتحاد الاروبي في 2 أيلول، وعدم تقبل الاسرائيليين للوجود الاوروبي في أية مفاوضات ليس أمراً مستجداً، و لكن الاتحاد الاوروبي جزء من اللجنة الرباعية التي دعت إلى إقامة دولة فلسطينية وحضت اسرائيل على وقف الاستيطان.

نعم هذا الموقف للاتحاد الاوروبي فرضه على الرباعية واضطرت الولايات المتحدة أن تلبي هذه الوجهة. من طرف الامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي خضعت للأمر الواقع.

هذا الواقع الذي عبّرت عنه الرباعية بوجود هذه الاطراف نعتبره موقفاً متقدماً جداً وهو الذي استند إليه الطرف الفلسطيني عندما وافق على الدخول في المفاوضات المباشرة.

س: نتوقف مع عنوان آخر وهو من صحيفة الأيام الفلسطينية: وفد من حركة فتح يزور دمشق يوم الخميس لاستكمال المباحثات حول توقيع ورقة المصالحة المصرية. أريد منك تفسيراً لماذا هذا الملف عاد من جديد ليطفو على السطح مع أن حركة فتح قالت بأن الوقت ربما لم يكن ملائماً للمصالحة؟

ج: أنا أعتقد أن هذا اللقاء في دمشق وفي هذه الآونة بالتحديد له أهمية خاصة، خاصة أن المعارضة الفلسطينية التي تتزعمها حماس يجب أن نتذكر أن المشكلة الفلسطينية ليست بالمفاوضات، إنما في حالة الانقسام الداخلي التي تشكل نقطة ضعف عند المفاوض الفلسطيني شئنا أم أبينا، لذلك وفد فتح يُذكِّر حركة حماس ويقول لها تفضلي وقِّعي على وثيقة المصالحة المصرية، واليوم عندما يتم الاجتماع في سوريا هذا إعتراف منا أن للأخوة السوريين أهمية في توجيهاتهم بإلزام حماس أو الضغط على حماس من أجل أن تنهي هذا الفصل المأساوي من الانقلاب الذي حصل، والانقسام الذي دمَّر الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقسَّم الشعب وقسَّم القضية.

نحن نراهن على نجاح هذه الخطوة، ونأمل أن يكون هناك معطيات جديدة تدفع إلى الأمام بالوحدة الوطنية الفلسطينية، وسوريا لها دور مميز في إمكانية الضغط على المعارضة الفلسطينية.

س: الكاتب الصحفي الاردني لصحيفة الشرق الأوسط صالح القلاّب الذي أشار لعدم إغفال العامل الايراني عزز إستمرار حماس تنفيذ المهمة التي أُنشئ من أجلها الحركة وهي تدمير منظمة التحرير، والتقليل من الممثل الشرعي والوحيد. لذلك إنَّ ما يجب إدراكه منذ الآن ليصبح الحل المنشود حلاً إقليمياً يجب أن يشمل المسار السوري، وما تبقى من المسار اللبناني، وعلى نحو يرضي ايران وإلاَّ فإن حركة المقاومة الاسلامية ستبقى خارج إطار الدولة، وتزداد تمسكاً بدويلة غزة المغتصبة، وستواصل السعي لتنفيذ إنقلاب في الضفة الغربية على غرار ما حصل في غزة- ما رأيك في ما جاء بهذا المقال؟

ج: في الواقع أنا أنطلق في التحليل من التصريح الاخير لحركة حماس بانها تدعو الإادارة الاميركية للحوار معها، وأنها تقبل بدولة فلسطينية مستقلة العام 1967 من الاراضي المحتلة، والقدس عاصمة وحق اللاجئين بالعودة، وبالتالي هي تعلن برنامجاً سياسياً هو أدنى من البرنامج الذي طرحته منظمة التحرير، لأن حماس من خلال وثيقة الدكتور أحمد يوسف أعلنت الموافقة على دولة مؤقتة، لذلك إذا كانت حماس أصدرت هذا التصريح بعد محاولة الولايات المتحدة التواصل مع دمشق من أجل إحياء المسار التفاوضي السوري الاسرائيلي عبر الوسيط التركي ربما تكون هناك بادرة خير. نحن نراهن على أي بادرة خير من أجل أن ينجح المفاوض الفلسطيني في فرض ما يريد.

س: كيف لإتفاق سلام يجري بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني أن يُرضي ايران كما يقول صالح القلاّب؟

ج: ليس من السهل أن يرضي الحل الأخوة في ايران، لأن للجميع حساباته وإيران دولة إقليمية لها نفوذها وحساباتها ولها أوراقُها، لكن على الصعيد الفلسطيني الداخلي، فهذا بيت فلسطيني يجب أن يسعى الجميع وكل من يحترم الشعب الفلسطيني، ويقدّر ظروف القضية الفلسطينية، ويعرف بأنها قضية مركزية للأمة العربية والاسلامية يجب أن يبذل الجهد المخلص لتجميع قوى الشعب الفلسطيني حتى تكون هناك وحدة موقف، ووحدة قضية، ووحدة شعب قادر على مواجهة الاحتلال بالمفاوضات أو بالمقاومة.

س: سيدي هناك من يراهن بأن إسرائيل أرادت من هذه المفاوضات أن تجر الفلسطينيين لحرب أهلية جديدة من هؤلاء خالد القنطيني الذي كتب في الشرق الأوسط تحت عنوان شطرنج نتنياهو؟

ج: تقديري بأن القيادة الفلسطينية وأمام الخيارات المرّة عندما قررت أن تشارك في المفاوضات المباشرة هي تدخل معركة سياسية بامتياز، وعندما يكون المعني بالأمر الرئيس أبو مازن الخبير بالحركة الصهيونية والحاصل على دكتوراة في الحركة الصهيونية فهو قادر على أن يتعاطى مع الاسرائيليين بقدرة مميزة في معرفة ما يحضِّرون وما يريدون، وما يخططون.

الرئيس يدرك تماماً بأن اسرائيل لا تريد السلام، وكل ما تريده أن تبرز نفسها بأنها تريد السلام. إسرائيل العنصرية الصهيونية التي ترتكب يومياً مجازر بحق شعبنا الفلسطيني ومقدساتنا تريد أن تسوِّق موقفها وكأنها هي التي تسعى من أجل السلام، وأن الطرف الفلسطيني لا يريد السلام.

الوفد الفلسطيني حتى الآن أبدى قدرة مميزة على التعاطي والتعامل مع الاسرائيليين رغم كل ما يمتلكون من وسائل إعلام ومن قدرات! وهذا موقع إحترام وتقدير، وتقديري بأن الموقف الفلسطيني يمتلك الجرأة لأنه صاحب الحق . القرارات والمواقف الدولية تؤيد مواقف الشعب الفلسطيني وحقوقه. عندما يرفض الجميع الاستيطان ويعتبره غير شرعي، والجميع يرفض يهودية دولة إسرائيل لأن ذلك يعني شطب حق العودة للشعب الفلسطيني، فهذه مؤشرات خيِِّرة يرتكز الرئيس عليها في المفاوضات، هناك بعض التعقيدات على المستوى الاقليمي، هناك نوع من المعارضة الفلسطينية لا نعترض عليها، ولكن ليس من المنطق أن تخرج عن سقف الصف الفلسطيني.

الرئيس أبو مازن سيثبت للجميع بأنه الأقدر على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وهذا ما أثبته عبر خمس سنوات سابقة