حوار/امل خليفة - رام الله - فلسطين


ضمانات أمريكية قدمها المبعوث الأمريكي السيد ميتشل وأكدها الرئيس الأمريكي للأخ الرئيس أبو مازن قابلتها إسرائيل بالتنصل منها والتعنت والاستمرار في الاعتداءات على شعبنا الذي خرج بالآلاف ليحيي الذكرى الثانية والستين للنكبة الفلسطينية في الوطن وكافة مناطق الشتات ليؤكد للعالم بأنه ما زال غير راض عن أي بديل لأرضه ووطنه المسلوب متحديا آلة البطش الإسرائيلية، وهمجية قطعان المستوطنين في تعديهم المستمر على القرى والممتلكات الفلسطينية في ذكرى النكبة، واستعدادات حركة فتح وخططها لحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين، ومواجهة التحديات المطروحة. كان لنا هذا اللقاء مع الأخ سلطان أبو العينين ( أبو رياض)  عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومستشار الرئيس لشؤون اللاجئين.

س: الأخ سلطان أبو العينين مر اثنان وستون عاما على نكبة الشعب الفلسطيني ما الجديد في الذي نقوله في هذا الصدد ؟
القاصي والداني يعلم أن ثلثي الشعب الفلسطيني هم من اللاجئين سواء في الوطن أو في الشتات وتصر منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية على أن يكون الإطار القانوني والمسؤولية السياسية للاجئين هي للمنظمة رغم الشراكة السياسية بينهما. والأمر  الآخر هو أن أي وطن سيكون للشعب الفلسطيني بدون هؤلاء اللاجئين الذين يعيشون خارج الوطن  لن يكون لأن من مقومات أي وطن هو الشعب وأكثر من نصف الشعب الفلسطيني منفي في الخارج فسيظل الوطن والدولة منقوصي السيادة  اذا لم تحل قضية اللاجئين حلاً سياسياً واقعياً ومنطقياً، وأي حل يفرض على الشعب الفلسطيني لن يكتب له النجاح وإن تم، بل سيتفجر الاتفاق في المستقبل عند أول فرصة سانحة لذا نحن ندرك خطورة قضية اللاجئين فكل القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبالأخص اللاجئين هي محور الصراع مع العدو فبدون حل خلَّاق وحل مرضٍ للاجئين لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة، بل سيكون الموضوع أشبه بمن يلقي قنابل وألغاماً هنا وهناك، و في كل مكان يتواجد فيه اللاجئون لتنفجر في وجه كل من يفرض حلاً غير عادل وغير مرضٍ لشعبنا .


وعندما نتحدث عن القرارات الدولية نتذكر القرار 181 الذي نص على وجود دولتين لشعبين الشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني بحيث يتعايشان جنبا إلى جنب، للأسف تم تنفيذ الشق المتعلق بالإسرائيليين، وأما الشق المتعلق بالفلسطينيين ومصيرهم ودولتهم لم يطبق، وتعامل المجتمع الدولي بمكيالين مع القرار نفسه وكان من شروط تنفيذ القرار الصادر عام 1949 هو عودة اللاجئين الفلسطينيين وقيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، ولكن ذلك لم يتم، من حق أي شعب في العالم أن يتنقل بحرية على وجه الأرض دون أي اعتراض، وأن يعيش في المكان الذي يريد وخصوصا اذا كان هذا الإنسان فلسطينياً فحقه أن يعيش في وطنه وعلى أرضه، للأسف هنا أيضا نرى الازدواجية في المعايير الدولية التي تطبق لصالح الإسرائيلي وتحرم الإنسان الفلسطيني، فأي حل لا يكون شموليا لحل القضية الفلسطينية بما فيها القدس التي تعتبر قضية إسلامية مسيحية وعربية فلسطينية، وكذلك قضية الحدود واللاجئين وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين بدون ذلك لن يكون هناك حل.


س: معاناة اللاجئين من شعبنا في مختلف مناطق الشتات وخصوصا لبنان تزداد يوما بعد يوم ماذا يمكن لحركة فتح بلجنتها المركزية والسلطة الوطنية أن تقدماهُ لإنهاء هذه المأساة أو التخفيف من حدتها؟
ما تقدمه السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية للاجئين عموما و في لبنان بالأخص بسبب الظروف التي يعيشونها في لبنان من حرمان لأبسط الحقوق الإنسانية والمدنية بصراحة غير كافية، وأعتقد بأن هناك تقصيرا قد لا يكون متعمدا بسبب الوضع الاقتصادي للمنظمة، ولكن رغم كل ذلك فهذا لا يعفينا من تحمل المسؤولية تجاه اللاجئين، وفي الشهور القادمة سنلاحظ تغيراً في أوضاع اللاجئين وستكون هناك التفاتة لهم نحن نعلم أن الأخ أبو مازن قد زاد مخصصات أسر الشهداء بـ30% في ساحة لبنان، فكما هو معلوم فإن أهلنا في لبنان قدموا 17 ألف شهيد وأنهم مازالوا صامدين هناك رغم الظروف الصعبة التي يعيشوها فجزء منهم يعيش بدون أوراق ثبوتية لأنهم فقدوها خلال الحروب المتكررة على المخيمات هناك،  ونحن في الطريق لحل هذه القضية بالتحديد حلاً منطقياً وجذرياً وبالاتفاق مع الدولة اللبنانية، أنا أعلم جيدا كيف هي أوضاع اللاجئين في لبنان لأني واحد منهم وآمل في القريب العاجل أن تتحسن الأوضاع هناك، فمن حق الجميع أن توفر له مقومات الحياة الأساسية من مسكن وملبس ومأوى وتعليم وغير ذلك، يعني دفع اللاجئين إلى الهجرة إلى خارج لبنان وباتجاه أوروبا والغرب، وهذا يشكل خطورة على قضية اللاجئين، ومن موقعي كمستشار للرئيس لشؤون اللاجئين بدأنا في إعداد دراسة لحل وتسهيل أوضاعهم وإعطاء الأولية لهم عند أي حل لقضية اللاجئين، وعما قريب سيلمس كل مخيم من مخيمات اللجوء تحسناً ملموساً في الظروف المعيشية وهذا أقل ما يمكننا أن نقدمه لشعبنا، وإذا لم يتم ذلك أعدهم بالتنحي عن هذه المسؤولية، وهذا الأمر ينطبق على اللاجئين في كل مكان داخل الوطن وفي الشتات، وإن تحدثنا عن لبنان بشكل أكبر لخصوصية وضعه كما أسلفت، ولن نقبل بأن يظل اللاجئون وقودا لهذه الثورة دون أن نقدم لهم ما يحتاجون، إن لهؤلاء اللاجئين أن يقطفوا ثمار ما قدموه من تضحيات، ولم نقدم هذه التضحيات على مر نصف قرن من الزمان ليكون لنا وطن غير فلسطين، لبنان جميل لأهله، وسوريا رائعة لأهلها وفي فلسطين بالرغم من الحصار والأماكن المظلمة من الجدار والاستيطان فأنه من أروع الأماكن كوطن للفلسطينيين، وبالرغم من أن مشوارنا قد طال، ونحن نعلم بأن مشوار العودة صعب وشاق وأنه مفروش بالشوك والآلام ولم يكن يوما ممهدا بالورود، وليكن في علم الجميع بأن الشعب الفلسطيني غير عقيم ومعطاء وأنه لديه من الخيارات الكثير وأن التفاوض ليس الخيار الوحيد عندنا، وأننا لم نسقط بقية الخيارات، وأنْ كنا الآن نسير في المقاومة الشعبية والتفاوض كخيار.

 

س: بين فترة وأخرى تثار قضية توطين اللاجئين في لبنان، ما حقيقة الموقف في هذا السياق؟
نحن نرفض التوطين جملة وتفصيلا والكل يعلم بأن الفلسطيني في لبنان ورغم المعاناة يرفض التوطين، وما شاهدناه من مسيرات لإحياء ذكرى النكبة في مخيمات لبنان وفي الوطن وفي كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني لهو الدليل الجلي والواضح لرفض شعبنا لفكرة التوطين جملة وتفصيلا، نحن ضيوف على لبنان، وأن طالت المدة، ودائما مع الدولة اللبنانية لفرض القانون وبسط سيادتها، ولن تكون غير الأرض الفلسطينية وطنا للفلسطينيين مهما طالت الغيبة، ولن يكون هناك حل سياسي دون عودة اللاجئين إلى أرضهم وممتلكاتهم.

       
س: ما هو موقف اللجنة المركزية لفتح من المفاوضات غير المباشرة التي تجري الان وما هي الضمانات التي أعطيت للأخ الرئيس؟ 
اتخذت اللجنة المركزية قرارا بأن تكون  الحدود من أول القضايا التي يجب حسمها في التفاوض وعلى أساس المرجعية الدولية وحدود العام 1967 وإلزام الجانب الإسرائيلي بذلك، وهذه فحوى الضمانات التي أعطيت  للأخ الرئيس أبو مازن من قبل الطرف الأمريكي، إضافة إلى عدم قيام أي من الطرفين المتفاوضين بأي أعمال استفزازية للطرف الآخر، ولكن في اللحظة التي أعطيت لنا هذه الضمانات كان الجانب الإسرائيلي يقوم بمصادرة الأراضي وبالإعلان وبشكل يومي بأن الاستيطان سيستمر، وفي القدس تحديدا إضافة إلى التهديد بهدم المنازل وتسليم الإخطارات بذلك فهذا مؤشر واضح على أن الطرف الإسرائيلي يقول شيئا وينفذ شيئاً آخر، حتى وصلت العنجهية والوقاحة الإسرائيلية إلى التنكر  للضمانات التي أعطاها للمبعوث الأمريكي، وتم تأكيدها لنا من قبل الرئيس الأمريكي بارك اوباما، هذا كله ينسف العملية التفاوضية ويفرغها من جدواها، فالجانب الإسرائيلي يريد اغتيال الأربعة أشهر التي أعطيت كفرصة للتفاوض و اذا استمرت إسرائيل في ذلك برأيي فإن المفاوضات لن تنتقل إلى مرحلة التفاوض المباشر، بل من الممكن أن تتوقف العملية التفاوضية كلها فناتنياهو قام باغتيال العملية التفاوضية قبل أن تنطلق وما زال متصلباً ومطلقاً العنان للجيش وللمستوطنين بالاعتداء على شعبنا، فلا بد من أن يدفع نتانياهو ثمن هذا التعنت والأخ الرئيس أبو مازن ابلغ المبعوث الأمريكي السيد ميتشل بذلك وبرزمة من التجاوزات والاختراقات التي قام بها الجانب الإسرائيلي والجانب الأمريكي تعهد بالإعلان عن الطرف الذي يعرقل التفاوض واتخاذ إجراء بحقه فهل سيفي الجانب الأمريكي بتعهداته، خصوصا مع تزايد الفجوة بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وهنا يأتي الدور العربي لاستغلال الفرصة، ومحاولة الضغط واستخدام الدبلوماسية للضغط على المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على الوفاء بتعهداتها وتنفيذ الاستحقاقات التي عليها وتطبيقها حسب ما تم الاتفاق عليه، فالولايات المتحدة الأمريكية أدركت بأن مصالحها في الشرق الأوسط بدأت تتعرض للأذى الكبير بسبب التعنت الإسرائيلي، هذا ما أعلن عنه رئيس هيئة الأركان للقوات الأمريكية في أفغانستان والعراق بأن التعنت الإسرائيلي يؤدي حتما إلى قتل المزيد من الجنود الأمريكيين في العراق، وأفغانستان، فالحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية أصبح مفتاح السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، فلا يمكن بقاء نزف وتهديد المصالح الأمريكية نتيجة لمواقف الإدارة الأمريكية من عملية السلام في المنطقة والتعامل بمكيالين مع دول المنطقة، وغض الطرف عن الجانب الإسرائيلي، أدركت الإدارة الأمريكية بأن ذلك لا يمكن أن يستمر طويلا وأن الانحياز الدائم لإسرائيل لن يجلب إلا الأذى والمزيد من التعرض لمصالحها في المنطقة.