حوار أمـل خليفة/ رام الله - فلسطين
تشن حركة فتح هجوم مصالحة على حماس من أجل عودة الوحدة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام وطي هذه الصفحة من تاريخ قضيتنا خصوصا في الفترة التي تتصاعد فيها الهجمة الإسرائيلية على شعبنا في الضفة وفي غزة، حيث تحاول حركة فتح خلق الأجواء المناسبة لإتمام المصالحة بالسرعة الممكنة ولإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية واستغلال المناخ الدولي الذي بدأ بالضغط على إسرائيل لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية....حول هذه المحاولات وتحفظات حركتي فتح وحماس على ورقة المصالحة المصرية كان لنا هذا اللقاء مع الأخ صخر بسيسو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح.
س: الأخ صخر بسيسو أين وصلت الجهود المصرية في المصالحة بين حركتي فتح وحماس خصوصا بعد مرور ثلاث سنوات على الانقلاب؟
أقيمت الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 25 يناير من العام 2006 وفي شهر حزيران من العام2007 أي بعدها بعام تم الانقلاب ، ومنذ البداية أخذ الإخوة في جمهورية مصر العربية الأمور بجدية تامة و رموا بكل ثقلهم من أجل أن تتم المصالحة الفلسطينية بعد الانقلاب الذي قادته حماس على الشرعية الفلسطينية فموضوع المصالحة والعلاقة مع مصر علاقة قديمة وطويلة بدأت من منذ العام 1999 عندما بدأ حوار فتح وحماس وانتقلنا فيما بعد من عام 2002 إلى العام 2005 إلى أن تمكنا من صياغة إعلان القاهرة بناء عليه انتقلت حماس من مرحلة الصراع ضد السلطة الفلسطينية وضد منظمة التحرير الفلسطينية إلى الصراع على السلطة الفلسطينية وعلى م.ت.ف وكانت هذه بداية دخول حماس إلى الانتخابات التشريعية وبالتالي تشكيل الحكومة التي رفضت في البداية أن يكون أي طرف فلسطيني مشارك فيها وفشلت كل عمليات الحوار والمناقشة لتشكيل حكومة وحدة وطنية إلى أن حدث الانقلاب فدخلت مصر مرة أخرى على خط المصالحة ودعت الفصائل من أجل اللقاء والتشاور الذي استمر لأكثر من عام انقسم المشاركون إلى عدة لجان ناقشت كل لجنة القضايا المطروحة عليها وتوصلنا إلى صياغات واتفاقيات قام على أثرها الإخوة المصريون بصياغة رؤيا على ضوء هذه التفاهمات والصياغات وقدموا لنا ورقة في شهر أكتوبر عام 2009 قالوا انه هذه هي الورقة النهائية التي تم صياغتها بناء على كل الاستطلاعات وكل المناقشات التي جرت بين الفصائل وهذه الورقة غير قابلة للنقاش أو التعديل وتفضلوا للتوقيع على هذه الورقة ككل لنبدأ بعد ذلك عملية التنفيذ وتطبيق هذا الاتفاق .
س: ما الأسباب التي أدت إلى توقيع حركة فتح على الورقة المصرية رغم تحفظاتها العديدة على الورقة؟
وقعت حركة فتح على الورقة رغم الاعتراضات والتحفظات وكل الملاحظات التي كانت لنا على الورقة ورغم أن الاخوة في مصر قد أخذوا بالكثير من التعديلات التي تتوافق مع رؤية حماس فيما يتعلق بالعديد من القضايا المطروحة ورغم ذلك ولأننا نعي تماما مدى تأثير هذا الانقسام على الشعب الفلسطيني وعلى القضية الوطنية الفلسطينية فهذا الانقسام يعني أن الشعب الفلسطيني غير قادر على قيادة نفسه بنفسه ويتسبب بضياع كل الانجازات التي حققها الشعب في نضاله على مر العقود الماضية والى أن ينظر العالم له الآن بأنه ليس بالشعب المناضل الذي يسعى لتحقيق الحرية والاستقلال وأنه غير جدير بأن يكون له دولة مستقلة وبالتالي هذا الانقسام أدى إلى تغيير صورة الشعب الفلسطيني المقاتل من أجل الحرية والاستقلال إلى أناس تتنازع على سلطة غير قائمة وغير مكتملة في ظل الاحتلال، لذا نحن في حركة فتح نحن من بدأ بالمشروع الوطني وغرس فكرة المقاومة والكفاح المسلح في الوقت الذي هزمت فيها الجيوش العربية أمام إسرائيل وفتح هي من نقل الفلسطيني من حالة اللجوء والانتظار من هذا النظام العربي أو ذاك من أجل أن يضع خطة لتحرير فلسطين ، فتح هي التي قالت أن الكفاح المسلح هو طريق تحرير فلسطين ومارست ذلك على الأرض ومن خلال الكفاح المسلح استطعنا أن نعيد الشعب الفلسطيني إلى خارطة العالم والى الوجود من جديد وبعد ذلك مارسنا كل أشكال النضال السياسي والدبلوماسي والإعلامي ثم بعد ذلك دخلنا في عملية المفاوضات والسلام كوسيلة، لذلك نحن لدينا الحرص والوعي على وحدة الشعب وبالتالي تجاوزنا كل الملاحظات وقفزنا عن كل التناقضات من أجل إتمام المصالحة ووقعنا على الورقة المصرية وطالبنا بقية الفصائل بالتوقيع ورفضت حماس التوقيع على الورقة بالرغم من الضغوط الكثيرة التي مورست عليها إلى أن جاءت قضية جولد ستون ولأن حماس لا تريد التوقيع على الورقة استغلوا قضية تأجيل طرح التصويت على مشروع قرار جولد ستون أمام جمعية حقوق الإنسان وبدأوا بشن حملة شعواء على الأخ أبو مازن وعلى حركة فتح ورفضوا التوقيع على الورقة.
س: بين فترة وأخرى نسمع عن لقاء بين فتح وحماس وأحيانا تأجيل أو إلغاء للقاء ما حقيقة ما يجري؟
بدأت حركة فتح الهجوم للمصالحة والتقينا مع حماس عدة مرات في قطاع غزة وفي الخارج وفي نابلس وتم طرح كل القضايا وقلنا أن بداية المصالحة تكمن في التوقيع على الورقة المصرية ومن ثم التنفيذ وسيتم الأخذ بأية ملاحظات لكم على الورقة عند بدء تنفيذ بنودها وكذلك عندما انعقدت القمة العربية في ليبيا واختصرت الكثير من الملاحظات التي قدمتها حماس بورقة قدمت إلى رئيس القمة على أساس أنها ورقة الملاحظات من حماس على الورقة المصرية طلبت أنا منهم هذه الملاحظات بناء على تكليف من الأخ الرئيس وبدأنا في النقاش حول هذه الملاحظات وقلنا لهم بأنه ليس من الممكن أن تكون هذه الملاحظات سببا منطقيا وواقعيا في تأجيل التوقيع على المصالحة فقدمنا لهم اقتراحاً بالذهاب إلى القاهرة للتوقيع على الورقة المصرية ومن ثم القيام باحتفال رسمي في القاهرة يتم خلاله الحديث من قبل الأخ أبو مازن بالالتزام بكافة الملاحظات التي طرحتها كافة الفصائل على الورقة المصرية عند البدء في التنفيذ من قبل اللجنة التي تم التوافق عليها في اتفاق القاهرة ويكون الأخ أبو مازن بصفته رئيساً لـ م.ت.ف ورئيساً لدولة فلسطين ورئيس السلطة الوطنية بضمان الأخذ بهذه الملاحظات إلا أن حماس رفضت ذلك الاقتراح، وحقيقة أغلب هذه الملاحظات لا تستحق أن تؤجل المصالحة بسببها فعلى سبيل المثال عندما وقعنا اتفاق القاهرة في العام 2005 اتفقنا على تعديل النظام وقانون انتخاب البلديات للتمثيل النسبي 100% وان يكون النظام النسبي 50% في الانتخابات التشريعية وللدوائر 50% وعندما تم الاتفاق والتوقيع وبتكليف من الأخ أبو مازن اتصلت بهم في غزة وطلبت منهم أسماء الأشخاص الذين ترغب حماس أن يكونوا في لجنة الانتخابات المركزية وفعلا صدر مرسوم رئاسي بذلك، فالقضية لا تحتاج إلى كل هذا الوقت للمناقشة ويجب أن لا نضيع الوقت في النقاش في أمور مفروغ منها ويمكن الأخذ بها عند التنفيذ .
س: ما الملاحظات التي طرحتها حماس كشروط للتوقيع على ورقة المصالح المصرية؟
هناك ثلاث قضايا أولها لجنة الانتخابات المركزية التي ستشرف على الانتخابات القادمة تريد حماس أن يتم التوافق على تشكيل هذه اللجنة بيننا وبينهم وأن يتم طرح الأسماء على الطاولة والاسم الذي يتم الاعتراض عليه لا تشكل اللجنة بسببه مع العلم أن تشكيل لجنة الانتخابات المركزية هي من صلاحيات رئيس السلطة بمعنى انتزاع جزء من صلاحيات الرئيس فقلنا لهم بأن اللجنة تتشكل بالتشاور وبالتعاطي مع الأسماء المطروحة ثم يشكل الرئيس هذه اللجنة وهذا ما تم في السابق عام 2006 أما القضية الأخرى فهي محكمة الانتخابات التي يشكلها مجلس القضاء الأعلى وحسب القانون، لتقدم الأسماء بعدها للرئيس للمصادقة عليها إلا أن حماس تريد أيضا أن يتم تشكيل هذه المحكمة بالتوافق والقضية الثالثة هي موعد الانتخابات وقلنا لهم أن في المرة السابقة تم الاتفاق على موعد الانتخابات التشريعية وبالتشاور مع بقية الفصائل ثم طلب من الأخ روحي فتوح بإصدار مرسوم بالموعد المحدد كونه رئيساً للسلطة في وقتها وتم تأجيل الموعد لان الوقت كان غير كافٍ في حينه وتم الاتفاق على الموعد الجديد وهو 25-1-2006 وأجريت الانتخابات فهذه القضية لا تحتاج إلى أن تكون سبباً في تأجيل المصالحة فمتى ما نكون جاهزين لإجراء الانتخابات وتكون لجنة الانتخابات المركزية جاهزة يتم الاتفاق على الموعد المحدد بمرسوم رئاسي فالقضية جد بسيطة ولا تحتاج إلى النقاش ، أما الأمور الأخرى التي لحماس اعتراض عليها هي قضية منظمة التحرير حيث توافقنا في العام 2005 على أن يتم تشكيل لجنة لتطوير وتفعيل المنظمة وتتشكل اللجنة من رئيس المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية للمنظمة والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية وعدد من الشخصيات الاعتبارية الفلسطينية يتم التوافق عليها وهذه اللجنة كان من المفترض أن تشكل في العام 2006 ولكن نظرا للتطورات التي حصلت بعد انتخابات المجلس التشريعي 2006 وصعوبة تشكل الحكومة والاقتتال الذي حصل خلال العام 2006 والعام 2007 والذي انتهى بالانقلاب لم تشكل اللجنة، وحاولنا قبل الانقلاب عندما التقينا بالأخ خالد مشعل في دمشق بالتوافق على الأسماء لنقر ونشكل اللجنة إلا أن الانقلاب سبق التوافق وانتهى العمل في ذلك الشأن وفي الحوارات التي جرت في القاهرة في العام الماضي ناقشنا هذا الموضوع واتفقنا في موضوع المنظمة على مجمل القضايا وعلى أن يعاد تشكيل المجلس الوطني بالانتخابات النسبية الكاملة للمجلسين التشريعي والوطني و أن تجرى انتخابات المجلس الوطني حيث أمكن ذلك والأماكن التي يتعذر فيها الانتخاب يتم التوافق على الأسماء بين الفصائل.
س: تشكك حماس في مرجعية وشرعية منظمة التحرير وحقها في تمثيل الشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت تريد دخول المنظمة وتعديل وتفعيل أطرها، كيف ترى هذا التناقض؟
تسعى حماس منذ الثمانينات إلى دخول المنظمة أو أن تكون البديل عن منظمة التحرير و لديهم جملة متمسكون بها ويسعون إلى تحقيقها منذ سنوات ألا وهي المرجعية حيث حاولوا في العام 2005 تغيير مرجعية المنظمة والان مرة أخرى يحاولون التشكيك بشرعية ومرجعية المنظمة التي اعترف بها أغلب دول العالم نتيجة شلال من دماء الشهداء ومن التضحيات ومجرد التشكيك من قبلنا في هذه الشرعية ووحدانية التمثيل لهذه المنظمة للشعب الفلسطيني يعني أن الشعب الفلسطيني غير موافق على أن تقوده هذه المنظمة وأن تتفاوض باسمه لاسترجاع حقوقه وإقامة دولته فكيف سنطلب من الآخرين الاعتراف بنا، وتطلب حماس أن تكون اللجنة التي تم التوافق عليها في القاهرة عام 2005 والتي سبق الحديث عنها أن تكون هذه اللجنة هي المسؤولة عن الشعب الفلسطيني وعن المنظمة والسلطة وان تكون كقيادة مؤقتة للشعب الفلسطيني ومن اللحظة التي يتم التوقيع فيها على الورقة المصرية فكيف يمكن استبدال اللجنة التنفيذية للمنظمة التي اعترف العالم كله بها بلجنة يتم التوافق على أسمائها بالرغم من أننا اتفقنا في القاهرة على أن تكون اللجنة المشكلة لها صلاحيات واسعة للإشراف على تنفيذ الاتفاق والمصالحة بدون المساس بمهام وصلاحيات الأطر الموجودة في منظمة التحرير لأننا لا نستطيع تجاوز هذه الأطر وهذه القضية لا يمكن المساس بها ، أما القضية الأخرى فهي قضية المعتقلين لكلا الطرفين وهي ليست ذات شأن كبير ويمكن تنفيذها بسهولة وسرعة، والاتفاق أن يتم الإفراج عن جميع المعتقلين لدى السلطة ولدى حماس بمجرد التوقيع على الورقة المصرية ولو كان الإخوة في حماس جادين في قضية المعتقلين لاغتنموا الفرصة حين انعقد المؤتمر العام لحركة فتح في 2009 حين توسطت أربع دول عربية من أجل إخراج أعضاء مؤتمر فتح من غزة للمشاركة في المؤتمر في الضفة الغربية مقابل خروج كل معتقلين حماس لدى السلطة في الضفة الغربية ولكن حماس أبت إلا أن تعطل الاتفاق وتتسبب في منع إطلاق معتقلي وحضور وفد المؤتمر من غزة على الرغم من أن معتقلي حماس لدى السلطة عليهم قضايا أمنية وتهريب أموال وتجارة سلاح في حين أن معتقلي فتح لدى حماس في غزة هم معتقلون سياسيون وشتان بين الجهتين. وفيما يخص الأجهزة الأمنية حماس قامت بإنشاء أجهزة أمنية جديدة خاصة بها وكل من كان يعمل بالأجهزة الأمنية قبل الانقلاب جلس في بيته هذه القضية مهمة لان الأجهزة الأمنية يجب أن تستوعب الكل الذين كانوا يعملون قبل الانقلاب ونقطة الخلاف هنا أن حماس تريد إعادة هيكلة وتشكيل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وتشكيل هيئة جديدة لإعادة تشكيل هذه الأجهزة بالتوافق بين حماس وفتح وهذا تعدي على سلطة رئيس الوزراء وعلى الرئيس .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها