برغم دوي الصواريخ التي قادتها أميركا ضد سوريا عشية انعقاد القمة العربية التاسعة والعشرين في مدينة الظهران في المملكة العربية السعودية، والتي كان من ابرز أهدافها لفت الانتباه بعيداً عن الثوابت العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إلا أن القمة ومنذ اللحظات الأولى لافتتاحها على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ذهبت في اتجاه مغاير تماماً، كان الاتجاه الأقوى نحو القدس التي سميت القمة باسمها، والى التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، ودعم مبادرة الزعيم أبو مازن للسلام التي قدمها في مجلس الأمن، والتأكيد الواضح على مرجعية مبادرة السلام العربية بكل بنودها، ما يعني سقوط كل التسريبات الإسرائيلية الأميركية بهذا الخصوص، وإزالة كل الالتباسات، وبالإضافة إلى كل ما تضمنه إعلان مؤتمر القدس بخصوص قضايا الأمن العربي، والاصطفاف الحازم ضد التدخلات، والتأكيد القاطع على محاربة الإرهاب وقطع شرايينه كافة.
قمة القدس التي كان قد اعد لها إعدادا جيداً ومكثفاً من خلال الخبراء ومن خلال وزراء الخارجية العرب، وبتوجيهات شجاعة وحكيمة من القادة، وجهت رسالة قوية إلى العالم بأننا امة لها ثوابتها المقدسة، ولها مصالحها الكبيرة، ولها حضورها القوي وسط تطاحن الدول الكبرى، ولها أيضاً خطوطها الحمراء، وان ما تقوم به بعض الفئات الداخلية من اختراقات مجنونة أو عميلة مثل الحوثيين في اليمن أو حماس في قطاع غزة، أو الإرهابيين في سيناء أو في ليبيا، أو الدول التي تساعد هؤلاء سيلقون رداً حاسماً من امة لا تريد لأحد أن يعتدي على استقلال دولها أو يلعب مع الأعداء في ساحاتها الداخلية.
وبهذا، فإن قمة القدس ألقت بتأثيرها حتى على الصواريخ المائة وخمسة بقيادة أميركا على سوريا، والتي ثبت أن دوافعها مختلفة، وان تفسيراتها متعددة إلى حد التناقض، فبينما اعتبرتها المندوبة الأميركية الجواب الحاسم، اعتبرها الشركاء لا تغير دفة الصراع، ولا تستهدف ما ذهب إليه البعض من تطبيل وتزمير، وقد أكدت القمة بإيقاعها أن ما يجرى في شوارع وأزقة وحواري القدس هو الذي يصنع المصير.
التحية للزعيم أبو مازن، الذي أثبت أن ثوابتنا الفلسطينية هي نفسها ثوابت امتنا، وأكد المؤتمر على هذه الثوابت والحقوق ولن يفرط في واحد منها، وأننا مستمرون بثقة وعزيمة في السير على طريق الآلام والصمود والبناء من اجل تحسين هذه الحقوق بإقامة دولة فلسطين كاملة الاستقلال وعاصمتها القدس الشرقية، ولك المجد يا قدس حملت القمة العربية التاسعة والعشرين اسمك المتلألئ، والتي تهفو إليك كل القلوب، وتضيئه ذاكرة كل الأجيال، ومكتوب باسمك الانتصار الحتمي الكبير.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها