كما ذهبت صفقة القرن إلى مزبلة التاريخ بفضل الإبداع الفلسطيني والإرادة الفلسطينية سيكون أيضًا مصير الصفقة الجديدة التي جَاهَرَ بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أول أيام ولايته الثانية بصفقة تهجير الغزيين أو بمعنى تطهيرهم عرقيًا من أجل شراء المكان الذي يأويهم وذلك من أجل تحقيق أهداف بعضها معلن، إرضاءً للصهيونية ممثلة بضيفه نتنياهو وأخرى غير معلنة وهي مصالح يغلب عليها الطابع الشخصي لترمب ونتيباهو وذلك على حساب 2.3 مليون فلسطيني من سكان غزة وهو الأمر الذي يجعلني أُقر بأنني أخطأت جدًا عندما اعتقدت بأن كره ترمب للحروب سببه إنساني لأن هذه الخطة هي خارج حدود الإنسانية وأصبحت صفة أصيلة بالرئيس ترمب الذي يقول بأنه لا يهمه من يموت على حلبة المصارعة ولكن يهمه الربح لمن يراهن عليه وهكذا الحال مع صفقة غزة.

وفي نفس السياق أعتقد بأن حرص نتنياهو على تنفيذ صفقة التطهير العرقي على اعتبار أنها هدية لا ترد من أقوى رئيس في العالم سببه أنها وسيلة لو لا سمح الله نجحت فسوف تمكنه من التخلص مما علق به من جرائم ومن محاكم بلاده موزعة ما بين خيانة الأمانة والرشاوى والفساد والبقاء في الحكم وذلك بعد أن نجح في تحويل معظم آراء الشعب في كيانه الفاشي والمتطرف، حيث أن الجريمة في مفهومهم تُمحى بجريمة أكبر منها بدليل ما يظهره صهاينة إسرائيل من فرح في إبادة الشعب الفلسطيني دون تمييز وتطهيرهم عرقيًا وبدون أي شعور إنساني على الرغم من أنهم أولاد وأحفاد الناجين من محرقة هتلر.

إلى ما سبق أُضيف بما يخفيه ترمب وراء الغبار الذي أثارته خطته/صفقته حولها وأولها سداد ديون المتبرعين الأشخاص اليهود لحملته الانتخابية من أمثال ميريام أدلسون المليارديرة الأرملة الإسرائيلية الأميركية التي غطت معظم تكاليف حملته الانتخابية الأخيرة، إضافةً إلى أن هذا الغبارالذي أثارته هذه الصفقة ومنذ لحظة الإعلان عنها نجح في أشغال كل وسائل الإعلام المرئي والمقروء ووسائل التواصل الاجتماعي بحرف الأنظار عن ما يفعله ترمب في الخفاء مع إيلون ماسك الذي أصبح أقوى شخص في إدارته وأصبح يعيد ترتيب البيت الأميركي بما يتماهى مع أحلامه من خلال تفكيك منهجي وسريع للحكومة الفيدرالية ولأجهزة الاستخبارات الأميركية وذلك بحسب ما ذكره الكاتب الإسرائيلي أورييل داسكال في مقال بموقع واللاه العبري.

ولو أضفنا إلى ما سبق إعلان ترمب عن نيته في شراء غرينلاند وضم كندا وقناة بنما وابتزاز كل أنظمة المنطقة ماليًا ووجوديًا لصالح كيان نتياهو الفاشي لاتضح أكثر كم أصبح عالم اليوم في خطر في ظل وجود هذا الثنائي ترمبياهو بتحديهما السافر للقوانين الدولية وتحديدًا الدولي الإنساني منها فيما يريدانه وبخطوات استباقية بقرارات الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان وتهديد المحكمة الدولية ومحاولة بناء ريفييرا الشرق الأوسط على حساب شعب بأكمله ومصادرة حقه في تقرير المصير دون أي اعتبار لهيبة المنظمة الأممية الحاضنة لكل القوانين الدولية وهيبة كافة دول العالم الأعضاء فيها الذين يحترمون ويلتزمون بكافة القوانين الدولية وكل ما يتعلق فيها وهو ما يعني أن ما يفعله ثنائي الشر هذا هو رسالة لهذه الدول على أنها دول فاشلة وعاجزة عن وضعها حد لهذا الاستهتار في مصائر الشعوب من قبل هذا الثنائي المشكوك أصلاً في قدراتهم العقلية وهو ما يعني أيضًا وبحسب لغتي المنطق والعقل بأن المكان الطبيعي لهذا الثنائي هو مستشفى الأمراض النفسية إن أردنا فعلاً حماية الأمن والسلم الدوليين من شرهما خصوصًا وأن ما يفعلانه هو بمباركة أميركا الدولة العميقة والحركة الصهيونية المسيطرة على العديد من مفاصل الحياة في الغرب.

أميركا تبتز المنظمة الأممية وتتحكم في تطبيق القوانين الدولية بقوة الفيتو والسبب هو ما تدفعه من أموال تجاه ميزانية هذه المنظمة مع أنها تجني أضعاف ما تدفعه من خلال تنصيب نفسها شرطي على هذا العالم وفي نفس الوقت تنصب نفسها قاضي وجلاد بصولاتها وجولاتها وحروبها التدميرية وسيطرتها على معظم دول العالم من خلال قواعدها العسكرية المتناثرة وبدون أي تكلفة والأهم تربعها على عرش الاقتصاد العالمي مع العلم أن الدولار الأميركي لا قيمة له ولا يساوي أكثر من ثمن الورق المطبوع عليه مقارنة مع العملات الأخرى.

أميركا وبسطوة الدولة العميقة مكنت إدارتها من سلب إرادة معظم شعوب العالم بحرمانها من أبسط حقوق العضوية بدليل أن هناك 140 دولة تعترف بدولة فلسطين ومع ذلك ما زالت عضو مراقب وما زالت محتلة من قبل كيان عضو في هذه المنظمة وهو كيان نتنياهو والمعروف بأنه صهيوني عنصري ومارق ومنذ قيامه على أرض فلسطين لم يسبق له مراعاة أي من مئات قرارت الأمم المتحدة التي صدرت بحقه بدأ بالقرار الذي أقام هذا الكيان وهو قرار التقسيم الذي يحمل رقم 181 وقرار العودة ويحمل رقم 194 علمًا بأن ضرورة احترامه لهذين القرارين هو شرط قبوله عضو في المنظمة الأممية وذلك بسبب العلاقة العضوية ما بين هذا الكيان وأميركا الدولة العميقة.

قيام منظمة الامم المتحدة في سنة 1945 لتحل مكان عصبة الأمم التي كانت تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا ومن أجل أن تكون المنظمة الأممية أكثر تجسيدًا حقيقيًا لأحلام كل شعوب الأرض في حفظ الأمن والسلم الدوليين بحضانتها لكافة القوانين الدولية الملزمة ولكافة الدول الأعضاء وبدون تمييز وأساسها حقوق الإنسان ولتكون أم بيولوجية للمحاكم الدولية والوكالات الإنسانية مثل اليونسكو والأونروا ومجلس حقوق الإنسان وغيرها وهو ما يجعل من قيام المنظمة الأممية إنجاز عظيم وثمرة إنسانية من ثمار الانتصار الذي حققته البشرية على النازية وحلفائها في الحرب العالمية الثانية.

هذه الانجازات لم تعد ذات قيمة إزاء ما يفعله هذا الثنائي ترمبياهو وأمام مرأى ومسمع العالم سواء بتحديهم للقوانين الدولية وضربها بعرض الحائط، والدليل على ذلك كما أسلفت هو انسحابهم من مجلس حقوق الإنسان بهدف شيطنته وتدميره ومعاقبة وكالة الأونروا الأممية كونها الراعي الحصري للاجئين الفلسطينيين من ضحايا الصهيونية في سنة 1948 والتهديد بفرض عقوبات على محكمة الجرائم الدولية بسبب إصدارها مذكرة اعتقال بحق المجرم نتنياهو ووزير حربه على ما ارتكبوه من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني في غزة، إضافة إلى ما نحن بصدده وهو خطة ترمب بممارسة التطهير العرقي لمن بقي من هؤلاء الضحايا بتهجيرهم من مخيمات لجوئهم وهو ما يعني وببساطة احلالهم لقانون الغاب بدلاً من القانون الدولي والسبب في كل ذلك هو جهل الأول المدقع في السياسة والتاريخ وعنصرية الثاني وكرهه لكل من هو غير يهودي.

ممارسات هذا الثنائي ترمبياهو تؤسس لبيئة شهدها العالم قبل الحرب العالمية الثانية والسؤال لكل عقلاء العالم هل الواجب الانتظار إلى حين اشتعال الحرب العالمية الثالثة التي لن تبقي ولن تذر وبعدها نعيد قيام منظمة أممية جديدة أم أن نستبق ذلك كله وهذا هو الحل الأفضل بإعادة تدوير المنظمة الأممية القائمة وتنظيفها من كل ما علق بها بسبب سطوة الفيتو الأميركي والعضوية غير الشرعية وغير المشروعة لإسرائيل الأمر الذي سيعيد الهيبة لهذه المنظمة الأممية وتمكينها لتصبح أكثر عدلاً وأكثر إنسانية وقدرة على إنفاذ قراراتها لأنه من غير الممكن أن يكون هناك عدل في عالم يتحكم في قوانينه ويضع قواعده مجرمين.