تنعقد القمة العربية في دورتها الـ29 اليوم في مدينة الظهران السعودية في ظلّ أجواء عربية وإقليمية ودولية مشحونة بالتوتر، الذي يمكن أن ينحرف في أي لحظة إلى اشتباك صاروخي روسي أميركي فوق البحر الأبيض المتوسط، وأجواء بعض الدول العربية وخاصة سوريا بعد الإدعاء باستخدام النظام السوري أسلحة كيماوية ضد المواطنين في الغوطة الشرقية في السابع من نيسان/ أبريل الحالي. وأيضا بعد اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاستعمار الإسرائيلية، ومحاولة تمرير صفقة القرن قبل الإعلان عنها، والتي ظهر جليًا تطابق مخرجاتها الترامبية مع أهداف إسرائيل الخارجة على القانون، والهادفة في نفس الوقت، لتقزيم المصالح والأهداف الوطنية، وبعد انكشاف مخطط حركة الانقلاب الحمساوية في ضرب المصالحة الوطنية في ال12 من آذار الماضي، وفي ظلّ اشتعال مسيرة العودة المتواصلة حتَّى الآن للأسبوع الثالث على التوالي، التي دشنها الشَّعب الفلسطيني في يوم الأرض الخالد في الـ30 من آذار/ مارس الماضي، وعشية انعقاد المجلس الوطني في دورته العادية الـ23، التي تعول عليها القيادة الشرعيّة كثيراً في تجاوز الكثير من العقبات والإرباكات الداخلية والخارجية.

ولهذا فإنَّ عقد القمة، التي أؤجل انعقادها من نهاية آذار/ مارس الماضي إلى منتصف نيسان الحالي يشكل فرصة جيدة للقيادة الفلسطينية لعرض همومها والتحديات المنتصبة أمامها، وأمام العرب في الشأن الفلسطيني، والإستقواء بالأشقاء في المضي قدمًا لتأكيد الحقوق والثوابت الوطنية، من خلال إقرار سلسلة من القرارات الواضحة والصريحة، والتي لا تقبل التأويل أو الغموض، ومنها:

أولاً: تثبيت مبادرة السَّلام العربية، كما أقرت بأولوياتها الأربعة في قمة بيروت عام 2002، وهي انسحاب إسرائيل الكامل من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران /يونيو 1967 بما في ذلك القدس العاصمة الأبدية؛ استقلال وسيادة دولة فلسطين على أراضيها بشكل كامل؛ ضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار الشرعيَّة الدولية 194، ومبادرة السَّلام العربية؛ ثم التطبيع مع دولة إسرائيل. وليس العكس، وهذا ما تم التأكيد عليه في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الخميس الماضي.

ثانيًا: رفض قرار الرئيس الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل الاستعمارية. وأيضا رفض صفقة القرن الترامبية أو غيرها من المشاريع والمخططات السياسية الهادفة للانتقاص من الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية.

ثالثًا: التأكيد على أولوية ومركزية القضية الفلسطينية مجددا، باعتبارها قضية العرب المركزية فعلا لا قولا. واحترام هذا المبدأ في السياسة العربية الجمعية، وعلى مستوى كل دولة على إنفراد.

رابعاً: تفعيل دور لجنة المتابعة العربية لدعم الأهداف والتوجهات الوطنية أمام الأقطاب والدول والمنابر الأممية. والعمل على تأمين الحماية الدولية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني، لاسيما وان دولة التطهير العرقي الإسرائيلي تمارس عمليات القتل عن سابق تصميم وإصرار للمواطنين الفلسطينيين الأبرياء المشاركين سلميا في مسيرة العودة، التي سقط فيها ما يزيد عن الثلاثين شهيدا وقرابة الأربعة آلاف جريح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، فضلا عن الانتهاكات المتواصلة خلال العقود الخمسة الماضية من الاحتلال، والعقود السبعة منذ النكبة في العام 1948.

خامسًا: التصدي لمحاولات الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاستعمار الإسرائيلية في تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وتقديم الدعم المطلوب لبقائها وتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم وخاصة: قطاع غزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان.

تحميل حركة حماس المسؤولية عما آلت إليه الأمور من انسداد أفق المصالحة الوطنية. ومطالبتها العودة عن سياساتها الفئوية وأجنداتها الإقليمية والدولية، والانضواء تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية لتعزيز الحقوق والمصالح الفلسطينية إقليميًا ودوليًا.

سادسًا: تقديم الدعم المالي والاقتصادي وعلى كلّ الصعد والمستويات لتعزيز صمود منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية، وتمكينها من مواجهة التحديات الإسرائيلية والأميركية.

ووفق ما أعتقد فإنَّ القمة ستكون على المستوى المأمول من الدعم والإسناد للقيادة الشرعية وللشَّعب العربي الفلسطيني. وهذا يعتبر نجاحًا لجهود القيادة مع الأشقاء العرب جميعًا وعلى رأسهم الدولة المضيفة للقمة، العربية السعودية. وستكون مدخلاً داعمًا لأعمال دورة المجلس الوطني القادمة في رام الله في الـ30 من نيسان/ إبريل القادم ومخرجاتها