واصلت القمة العربية في العاصمة السعودية الرياض، كافة ترتيباتها لتكون جاهزة للانعقاد في الدمام في الخامس عشر من الشهر الجاري ،ولكني أمل أن يكون عنوانها ومضمونها العميق هو نصرة القدس، فالقدس عاصمتنا الأبدية ومعها كلّ شعبنا الفلسطيني وصل إلى مستويات عالية من النضال المبدع ابتداء من الصيف الماضي، وكانت بداية النضال المبدع والذي مازال مستمراً هو القدس، الذي حاول نتنيناهو أن يحدث فيها إجراءات جديدة عدوانية وعنصرية بتأثير من تحالفه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقرر تركيب بوابات الكترونية وكاميرات هوية رغم التحذير الحازم من قبل الزعيم الفلسطيني أبو مازن، إلّا إنَّه ركب رأسه، فعبرت القدس عن رفضها بإبداع خارق، واحتشد حولها شعبها الفلسطيني العظيم، فاضطر نتنيناهو وقتها إلى التراجع، والنزول عن الشجرة التي تشعبط فوقها، ولكن حليفه المأزوم دونالد ترامب سرعان ما أعلن مفاجأته السوداء في السادس من ديسمبر نهاية العام الماضي، عبر إعلان القدس المشئوم، فهب شعبنا بقيادته الشرعية وعلى رأسها الزعيم أبو مازن ليعلن بالصوت الواضح القرار الحاسم برفض إعلان ترامب وإسقاطه كأن لم يكن ، ولقى ترامب وإدارته رفضًا عالميًا لم يلقاه أي رئيس أميركي قبله سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة ، ويبدو من سير الوقائع أن تحالف المأزومين بين نتنيناهو وترامب لم يكن يتصور حجم هذا الرفض وقدرته على المطاولة المستمرة حتى، ويبدو أنهما لم يكونوا على علم صحيح بالمدى الذي تجذرت فيه زعامة الرئيس أبو مازن لدي شعبه في كلّ ارض فلسطين وفي الشتات الواسع ،وكيف أنَّ هذا الزعيم انتشر بمستوى شعبه على امتداد العالم ،وإنَّ شعبنا قد تكثف وتوحد في مواقفه بمستوى زعيمه، ولذلك تنعقد القمة العربية في هذه الأجواء من التصاعد النضالي الفلسطيني ،ووسط هذه القدرة للقيادة الفلسطينية على قراءة المتغيرات وتوجيهها إلى طريق العدالة، فقد جاءت الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد لتعطي لوحة النضال لتواصل بعداً إضافيًا ،وتجعل الكيان الصهيوني ينكشف أكثر وينفضح بشدة أمام المسيرات السلمية على حدود قطاع غزة التي اثبت فيها نتنيناهو وتحالفه الحاكم في إسرائيل إنهم كذابون، و عنصريون إلى حد اللعنة، و إنَّهم لا يعرفون الخصم الذي يقاتلونه، وإنَّ إسرائيل بهذه الكيفية ليست سوى دولة افتراضية، يصاب جيشها بالذعر والحقد والكراهية السوداء ضد المظاهرات السلميّة، لأنَّ الخوف من الآتي مخبوء في الأعماق من مجرد نضال شعبي سلمي واضح أمام الجميع باستثناء تحالف نتنيناهو الذين يقولون على المكشوف إنَّ جنودهم الذين يقتلون متظاهرين سلميين يستحقون الأوسمة، بل إنَّ هذا المخبول أفيغدور ليبرمان يعلن شذوذه علنًا حين يقول لا أبرياء في غزة .

هذا الزخم النضالي المتصاعد للشَّعب الفلسطيني تتوقع أن نرى وجوده مؤثرًا بقوة في القمة العربية التي تستضيفها السعودية، من خلال تبنى خطة السَّلام الفلسطينية التي قدمها الزعيم أبو مازن أمام مجلس الأمن، والذي تتضمن مجمل الثوابت الفلسطينية والعربية ، حتّى إنّ هذه الخطة تسترد الهيبة والكرامة لمبادرة السَّلام العربية التي واجهها الإسرائيليون بالاستكبار الأميركي، وراحو يعلنون عبر التسريبات والادعاءات إنّ بعض العرب تخلو عنها بل وموافقين على القراءة الإسرائيلية لها المتمثلة بالتطبيع أولا، ثم نرى ما يمكن بعد ذلك، وبالتالي فإنّ النفي العربي القاطع لهذه الادعاءات أمر ضروري جدًا، فإنَّ للعرب سلام يسعون إليه، ولكن ليس سلامًا بأي ثمن، هذا ما نتوقعه من القمة العربية في الدمام، أن تصل رسالة قوية بأنَّ القدس وفلسطين هي عنوان مقدس ومضمون ثابت في ضمير الأمة العربية .