يجول في خاطري أن يلتقط قلمي أنفاسه الأخيرة وأن يتوقف لفترة، وأن لا أتابع الأحداث ولو لبعض الوقت، لكن الكلمات والتصريحات والأحداث تشدني، لأستعيد قواي وأعود للكتابة مرة أخرى. أكثر الأشياء التي تحثني على الكتابة هو هموم الناس، شقاؤهم، ألمهم، معاناتهم، جوعهم، عطشهم، مرضهم، وتقلبات الزمن عليهم. وتجرع همومهم الثقال، وما أثقلها وإن كان لا بد من عمل شيء فإن الكلمة أضعف الإيمان، لا بد أن نقولها في سبيل الحق والعدالة التي ضاعت، ولم يعد لها مكان على هذه الأرض.
إن شعبنا الفلسطيني اليوم، شاءت له الأقدار أن يهجر ويذبح بدم بارد، وأن يذوق أصناف العذابات والأهوال بسبب العدوان العسكري على أماكن تواجده في قطاع غزة والضفة الغربية. المذابح التي مرت على شعبنا عديدة منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني الامبريالي بغزو فلسطين. منذ النكبة الأولى سنة 1948 ونزوح ما يقارب تسعمئة ألف فلسطيني إلى دول الجوار، وارتكاب المجازر بحقهم، وفي عام 1956 في العدوان الثلاثي على مصر، وفي سنة 1967 بعد حرب الأيام الستة ونزوح آلاف العائلات إلى مصر والأردن. واليوم تعتبر الحرب على غزة والضفة الغربية أكبر جريمة عرفها التاريخ الحديث، بسبب حجم الخسائر في صفوف المدنيين والتدمير شبه الكامل لكل مقومات الحياة في غزة، والعدوان الحاصل على مخيمات النزوح في الضفة الغربية.
أن تسمع وتشاهد تلك الاستفزازات التي تقوم بها سلطات الاحتلال والمستوطنين ضد شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ترى أن تدون تلك الحقائق للتاريخ أولاً، فما نكتبه ما هو إلا جزء من عين الحقيقة، لتكون مرجعية لمن أراد أن يتتبع مجريات جريمة العصر ضد الفلسطينيين. لا يتوقف الساسة الإسرائيليون في الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو عن التحريض على حرب الإبادة، والتهجير، والتجويع، ومنع الغذاء والدواء والوقود عن شعبنا الفلسطيني.
فتصريح بن غفير الذي يقول فيه: "يجب أن لا نفوت الفرصة التي منحها الرئيس ترامب للحكومة الإسرائيلية وتنفيذ التهجير فورًا، ومنع الغذاء والماء والدواء عن الفلسطينيين"، أما سيمورتش فيهدد أن مدن الضفة الغربية ستؤول إلى الدمار كما حدث في مدن غزة.
كيف يمكن للبشرية أن تتعامل مع مثل هكذا عقلية. في صباحهم ومسائهم وأحلامهم تحويل حيرة الفلسطينيين إلى جحيم. ما يدور على الأرض هو استنساخ لنظام الأبرتهايد العنصري الذي يغلق على المدن الفلسطينية، حركتهم وتنقلهم وتجارتهم ويضيق عبر الحواجز التي يمر عليها الفلسطينيين ذهابهم وإيابهم لا لشيء فقط من أجل التنكيل بهم. قرصنة لأموال الضرائب الفلسطينية، واقتطاع كميات كبيرة وضخمة منها لأسباب إسرائيلية محضة. في حين أن هذه الأموال تجبى بموجب اتفاقية مقابل عوائد بدل تحصيلها لصالح الخزينة الإسرائيلية، ولكن الأطماع والتحكم في هذه الأموال سيد الموقف الإسرائيلي في عملية لا يمكن لنا أن نسميها إلا إذلالاً للشعب الفلسطيني. ما بين التهديد والوعيد وإجراءات تؤخذ لتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم تدرك أن هذا الواقع ينم عن عقلية مريضة لا سبيل إلى علاجها، وتدرك حينها، لماذا خلق الله جهنم مثوى للظالمين؟.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها