زهرة التحرير: منال أيو

لم يكن بالسهولة أن تجري زهرة التحرير مع القنصل الفلسطينى بالإسكندرية ”محمود الأسدى” أول حوار صحفى ليقدم رؤيته فيما يحدث من صخب فى الساحة السياسية العربية عامة، والمصرى والفلسطيني خاصة.. فضلاً عن تزامن التوقيت مع مرور حدث عظيم.. ذكرى استشهاد الزعيم الكبير ياسر عرفات.. من هنا كانت البداية .. واستقبلنا الرجل بكرم معروف عن أهل فلسطين الأبية.. وقدم لنا شرحا بليغا لكل التناقضات التي تحكم المشهد السياسي العربي.. وحكي أسرار ربما تنشر لأول مرة حول الكثير من القضايا..ودلنا على أهم الخدمات التى تقدمها القنصلية لأبناء الجالية الفلسطينية بالإسكندرية.. وكان الحوار التالي

 

كيف تري الثورات العربية .. وما تقيمك لنتائجها حتي الآن .. ومامدي تأثيرها علي القضية الفلسطينية؟

للأسف الإعلام هو من صنع الدعايا لتهيئة الرأي العام العربي بأن هناك فى الطريق ربيع عربى، وزنه بالأمل فى التقدم والرخاء، وظن الجميع أن الفرج آت وأننا سنفوز بالحرية، ويتحرر القدس لكن يبدو أننا أخطأنا، وبدلا من التفاؤل أصبحنا نخاف أن نخسر البلاد العربية كما خسرنا فلسطين من قبل والمتأمل لما يحدث فى ليبيا وتونس ومصر يرى هذا بوضوح.

أما عن القضية الفلسطينية فقد أبعدتها الثورات العربية عن قائمة الاهتمامات وأصبحت أخبارنا تحتل المرتبة العاشرة فى نشرات أخبار العالم العربى بعد أن كانت لنا الصدارة فى الاهتمام والمتابعة، ولم يعد المواطن العربى مهتما بما نتعرض له من مآسى لأن لديه مأساة أكبر فى بلاده وأظن أن الخريف وليس الربيع الوصف الحقيقى لما يحدث، فقد عاد الوضع أسوأ مما كان .. وعادت القضية الفلسطينية 40 عاما إلى الوراء .

 

من المشهد المصري .. كيف تري محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي وماتأثيرها في نفوس أهل فلسطين جميعا.. وغزة تحديدا؟

نحن مع ما يقرره الشعب المصرى، ولن تؤثر أى أحداث على علاقتنا بمصر، وما يحدث الآن “سحابة صيف” ستنقشع قريبا بإذن الله وسيعود المصريون إلى الصدارة والريادة مرة أخرى

 

يروج الإخوان على صفحاتهم أن القضية الفلسطينية تتعرض للتصفية بعد خروجهم من الحكم.. والدليل هدم الأنفاق.. وغلق معبر رفح بشكل مستمر.. مارأيك فى ذلك؟

هذا أمر غير صحيح، فهدم الأنفاق كان فى يتم أيضا فى عهد الإخوان بشكل أوسع مما يحدث الآن، وعلى أية حال، ما يهمنا مصلحة مصر ولا نتدخل فى شئون حكمها الداخلى أبدا، وما نحتاجه فى الفترة الحالية هو تعزيز الثقة بين الطرفين المصرى والفلسطينى لتستمر علاقة الصداقة والود ويلتزم الجميع بالاتفاقات المبرمة.

 

كيف تري هدم الجيش المصري للأنفاق الحدودية.. وهل تختلف الرؤية الشعبية الفلسطينية عنها فى الرسمية بهذا الشأن؟

نحن مع ما تراه مصر فى صالحها طالما أن الأمر فى داخل نطاق وحدود مصر وطالما أن الأنفاق تضر بالمصالح المصرية، فمن حقها أن تأخذ الإجراء المناسب فى هذا الصدد، لكننا نتمنى أن يكون هناك بديل سواء بممر رسمى، ومقبول من الطرفين، فإذا ما توفر الطريق الشرعى لن يلجأ أحد إلى التهريب والطرق الملتوية.

 

هل لديكم رؤية محددة تستطيع نزع فتيل الأزمة المستمرة علي الحدود.. ومامستوي التعامل المصري في هذا الملف..؟

كل دولة تسعى لأن تكون حدودها آمنة ومصر كما يعلم الجميع لكى تتفرغ لنا لابد وأن تضمن سلامتها الداخلية وتطمئن على حدودها قبل أن نطلب منها التدخل لحل مشكلاتنا بعد إصلاح حالها أولا.

 

ولكن البعض يرى ضغوط من حماس.. سواء بشكل مباشر أو غير ” لشرعنة” الإنفاق.. أو على الأقل استمرا فتح معبر رفح بشكل دائم وفق رؤيتها .. كيف ترى ذلك؟

معبر رفح هو الرئة التى يتنفس بها الشعب الفلسطينى فى غزة ونحن نناشد إخواننا فى حماس أن تراعى متطلبات الشعب الفلسطينى ويحاولون تخفيف حدة الوضع السيئ الذى يتعرض له هذا الشعب لكن دون الجور على حق أحد، فمثلما نرفض تدخل أى طرف فى شئوننا علينا أن نراعى خصوصية الآخرين ولا ننكر أن هناك أخطاء كثيرة حدثت فى ها الصدد لكننا جميعا ننتظر عودة مصر إلى مكانتها وقوتها فمصر دولة قوية عزيزة علينا أن نقف بجوارها حتى تسترد عافيتها وإلا نكون أداة ضغط عليها.

 

ترددت بعض الشائعات أيام حكم الإخوان تفيد بتوافق الإخوان وحماس حول إقامة ” منطقة حرة ” علي الحدود بين مصر وغزة .. ماذا عن السلطة الفلسطينية .. وهل عرض الأمر عليكم أم لا؟

طالما أن الحوار والتوافق ثنائى بين الإخوان وحماس فإن الدولة ليس لها مكان فى هذا الصدد ولم يعرض عليها شيء، لكننا على أى حال مع أى مقترح يخدم الشعب الفلسطيني على أن يكون الاتفاق مع رئيس الدولة الفلسطينية الشرعى وللعلم فإن أى التزام مع أى جهة غير الحكومة الشرعية سيضر فلسطين على المدى البعيد حتى وإن بدا الأمر مفيد فى ظاهرة.

 

نذهب إلي الشأن الداخلي لديكم .. ما آخر المستجدات فى الشارع السياسي الفلسطيني؟

يهتم الشارع الفلسطيني بمتابعة التدخل الأمريكى والرباعية الدولية وبعض العرب وضغطهم للعودة إلى المفاوضات وأعطوا فرصة تسعة أشهر لأن تكون هناك نتائج لهذه المفاوضات والواضح من المواقف المختلفة ومما نشاهده على شاشات التلفاز فليس هناك شيء خفى أو غير معلن وكلنا يعلم أن الأمور تسير فى طريق مسدود وهذه الحكومة هى حكومة استيطان وجرف أراضى حكومة قتل لا تريد السلام أبدا وغير مستعدة له.

 

هناك سؤال عميق المغزي يُطرح فى الأوساط السياسية المصرية .. لماذا توقفت الصورايخ الحمساوية أيام مرسي.. في حين أنها نشطت مرة أخري بعد رحيله.. كيف تفسر ذلك ؟

الجميع يعلم بالاتفاق الذى تم تحت برعاية مرسى بين حماس وإسرائيل والذى ينص أحد بنوده على وقف الأعمال العدائية وقد وقعت حماس على هذا الاتفاق وأصدرت فتوى بأن هذا الأمر فى صالح الجماعة، فى حين أن الموقف كان سيختلف إذا وقعت عليه أى جهة أخرى غيرهم، لكنهم وافقوا ووقعوا على الاتفاق وامتثلوا له.

 

المصالحة بين فتح وحماس باتت كلمة مبهمة ولانعرف لها نهاية .. كيف تراها ومتي تحدث .. ومن السبب فى إجهاضها حتي الآن ؟

ملف المصالحة وما تضمنه من عقد لقاءات تم معظمها على أرض مصر، وبعد توقيع اتفاقيات بآليات محددة كان أهمها الموافقة على إجراء تشريعات رئاسية محددة على أن تكون بداية العام الحالى هى بداية الانتخابات والتى تعد الحل الديموقراطى الوحيد والمنطقى لحل الأزمة، وإذا ما اتفقت الأغلبية على تسمية من يتولى الرئاسة، فلن يكون هناك مجال للتشكيك فى الأمر أو للتدخل من ِقبل أى طرف آخر، لكن للأسف، أصبح هناك شروط مضادة لما يحدث وابتعدت المفاوضات عن حيز التنفيذ، وكما قال الرئيس أبو مازن، استمرار الاختلاف والعداء بين الأحزاب الفلسطينية نفسها لن يصيب أحد بالأذى سوى الشعب الفلسطينى نفسه، فضلا عن كونه ” سلاح ” فى يد العدو الحقيقى لنا، وكأننا نعطيه الفرصة للمماطلة ورفض مبادرات السلام بدعوى عدم اتفاقنا على وجود جهة موحدة يتفاوض معها.

 

أناشد كلا من فتح وحماس للإسراع فى تنفيذ خطوات المصالحة، لأن اتفاقهما سيخفف من معاناة الشعب الفلسطينى الذى سيقف بجانب حكومته الشرعية برغم كل الشائعات والأقاويل وأذكر منها ماقالته قناة الجزيرة منذ فترة أن هناك مفاوضات بين محمود عباس وإسرائيل مقابل التنازل عن القدس، رفض الشعب كل هذه الشائعات ولم يصدق أن مسؤوليه يعملوا لاستمرار الاحتلال الذى يعد وصمة عار على جبين كل فلسطينى،

 

المتحدث الرسمي لحكومة حماس إيهاب الغصين أكد على حسابه علي الفيس بوك .. أن الكرة في ملعب فتح .. وهي من تؤجل المصالحة .. ماردك؟

كما قلت من قبل، الحل الوحيد هو إجراء الانتخابات باعتبارها البوابة الديموقراطية للسلام، وحينما يفوز أى طرف فعلينا جميعا الرضوخ لهذا الأمر وإن جاءت الانتخابات لصالح حماس، فهنيئا لهم .. و”مبروك عليهم” السلطة .

 

افيخاي ادرعي .. المتحدث باسم جيش الكيان الصهيوني أشار أيضا على صفحته الشخصية إلي أن الهجوم الذى شنوه يأتي بسبب الهجوم المستمر من الأنفاق التى اُكتشفت أخيرا فى قطاع غزة لإطلاق الصورايخ عليهم .. مامدي صحة ذلك؟

 

استحضر معكي مقولة أبو مازن عندما قال ” العمل ضد إسرائيل لابد وأن يكون ضار للعدو وليس متلف لنا ” فعندما نضربهم بصواريخنا ” العبثية ” على حد قول أبو مازن فان رد فعلهم يكون أقوى بكثير مما نتوقع، وحتى وإن مات منهم فرد أو اثنان فإنهم فى المقابل يقضون على العشرات من الفلسطينيين، أى انه لابد وان يختار الفلسطينى عمله النضالى، وأن يتوخى الحذر فيما يفعل على أن يكون عمله فى صالح إخوانه لا ضدهم.

 

إذا كيف تري مايرد فى وسائل الإعلام الصهيونية حول إصدار نتنياهو قرارا البدء فى إقامة جدار عازل أخر ولكن هذه المرة.. بطول الحدود الفلسطينية.. تعقيبك؟

الحكومة الإسرائيلية لا تريد السلام أبدا، وتأبى الدخول فى أى محاولة لحل الأزمة وبالرغم من أن هناك إدانة عربية بشكل عام لما يحدث، إلا أن الأمر باق كما هو ومازال الإسرائيليون ماضين فيما يريدون، وهذا ليس بأمر جديد فماذا تنتظر من حكومة بها نتنياهو وهذا الطاقم المعدى للسلام ، ماذا ننتظر من حكومة قتلت البشر وقطعت الشجر وهدمت الحجر حتى المسجد الأقصى لم يسلم من إيذائهم ليخرجوا علينا كل يوم بذريعة جديدة للتدخل فى أمره، وقد وصل الأمر إلى الحفر بجواره مما قد يعرض بنيته للخطر والسقوط ، فهؤلاء لا نتوقع منهم أى عمل سلمى على الإطلاق، وعلى الرغم من توافق مطالبنا مع اقتراحات أمريكا لبدء مفاوضات السلام والتى تقتضى وقف الاستيطان والذى يحول استمراره بيننا وبين أى سلام إلا أنهم لم يستجيبوا لأحد فنحن أمام عدو لا ولن يفكر فى المسالمة أبدا.

 

هل ترى أن هناك نية لانسحاب إسرائيل من الأغوار ؟

لا أظن هذا لأن هذه الحكومة ذات التفكير المتطرف ليس لديها أى نية للخروج من الأغوار وحتى وقت قريب أعلنوا وجود 1500 وحدة استيطانية فى القدس فهم ماضون فى مشروعهم للاستيلاء على الأرض الفلسطينية والعالم كله يقف فى دور المتفرج أمام ما يحدث فى فلسطين

 

وماذا عن اللاجئين فى المخيم السورى فى ظل الأحداث الدائرة والمشتعلة هناك ؟

المخيم كان يسكنه ” 200000 ” مائتي ألف فلسطينى، ويضم المخيم أكثر من مليون نسمة من الجنسيات الأخرى، ومع بداية الأحداث فى سوريا أدخلوا بعض المسلحين إليه وبدا الصراع، ومات المئات من قاطنيه فانسحب الكثيرين منه ولجأوا إلى دول الجوار والمخيم حاليا شبه مدمر .

 

ماذا عن الخدمات التى تقدمها القنصلية لأبناء الجالية الفلسطينية بالإسكندرية ؟

من المعروف أن القنصلية بمثابة سفارة دولة، ونحن فى مصر لدينا جالية نتابع أوضاعها ونراعى شئون أبنائها فعلى سبيل المثال نقدم المستندات المطلوبة للطلاب وللعمال فى البلد المضيفة، وكذلك نهتم ببعض المتطلبات الميدانية وعلاقات الطلاب بأساتذتهم، وعلاقة العمال بأصحاب العمل فضلاً عن تيسير إجراءات جوازات السفر ومراقبة كافة الإجراءات القانونية والخاصة بالفلسطينيين فى مصر وعندما تواجههم أى مشكلة فعلينا حلها ومتابعتها .

وبالرغم توليتى المنصب منذ شهرين فقط، لكنى تعرفت بصفة عامة على الظروف التى تعمل السفارة وفقا لها فى مصر، وحاولت التعاون مع زملائى القدامى هنا وبمعاونة إخواننا فى الجالية سنتمكن من تحقيق هدفنا الأول والأخير وهو مساعدة الشباب الفلسطينى والفلسطينين بصفة عامة من أبناء الجالية فى مصر على ترتيب أوضاعهم وتيسير حياتهم .

 

هل هناك معوقات رسمية أو شعبية تتعرضون لها كـ ” قنصلية ” ؟

لا يوجد أى خلاف بينا وبين الجهات المصرية، فالجميع متعاونون ونلتقى دائما بالمحافظ هنا، وحريصون على حل أى مشكلة حتى وان بدت بسيطة حتى لا يتفاقم الأمر، والأجهزة الأمنية تساعدنا ولا تواجهننا أى عقبة تعترض طريقنا والحمد لله.

 

11 نوفمبر الحالى ذكرى استشهاد الزعيم ” أبو عمار “.. ماذا تريد أن تقوله له فى ظل مثل هذه الظروف ؟

أبو عمار يسكن قلوبنا وما زالت كلماته هى القول المأثور والمحبب لنا، ومازلنا نردد قوله “على القدس رايحين .. شهداء بالملايين ” وسنحقق أمنيته، وسنرفع علم فلسطين فق مآذن القدس، أبو مازن يسير على الدرب، وملتزم بثوابتك وحريص على هذه الثوابت، وليس منا من سيتنازل عن تراب أرضنا الحبيبة فلسطين.

 

إذا أردت توجيه كلمة ماذا تقول ..ولمن ؟

أوجه كلمة إلى الشعب المصرى وأقول له : نحن جميعا بجواركم ونتمنى عودة مصرنا الغالية إلى سابق مجدها، وأناشده للالتفاف حول جيشه القوى فهو الحامى الحقيقي ليس لمصر وحدها لمصر بل للعرب بشكل عام، هم مصدر الأمان الذى يحمينا وإذا ما عادت مصر إلى قوتها السابقة فستكون القضية الفلسطينية فى طريقها للحل، وأود أن أذكر أنى التقيت بالقادة العسكريين الذين أكدوا أن فلسطين فى القلب وأنها قضيتهم الأولى التى سيبذلون أقصى ما لديهم لتحريرها، وأنا على ثقة بما يقولون ولا أشك للحظة فى صدق توجهاتهم، ونظرتهم الثاقبة للأمور ونتمنى أن تعود مصر إلى مكانتها الإقليمية وحضورها بكل المحافل العربية والدولية .