من الواضح أن خروج أكثر من 100 الف في الدولة العبرية متظاهرين ضد الغلاء والحكومة وطلبا للعدالة الاجتماعية قد خلق رعبا في البلاد خاصة في أوساط الساسة والأحزاب، فالربيع العربي الذي دق أبواب معظم الدول العربية بدأ يتدفق سيله الى دول جوار كما حصل في كردستان وكما يحصل الآن في الدولة العبرية وان اختلفت المطالب وتعددت المصالح «الشعب يطلب عدالة اجتماعية»، صرخ المتظاهرون مرة بعد اخرى. يبدو أن هذا المصطلح وهو عام وغير ملزم كما هو، يمثل مشاعر اجزاء كبيرة جدا من الشعب كما يقول الكاتب ناحوم برنياع. ويقول (ماتي شموألوف) في صحيفة (اسرائيل اليوم) ان الاضراب من الوسائل الجديدة التي أدخلها تسفيكا بشور وهو نشيط اجتماعي، في النضال. فقد نجح بشور في أن يأتي عشرات الاف المؤيدين بفكرة الاضراب مشيرا الى ان الاضرابات فكرة منذ أيام غاندي دون أن يعرج على الربيع العربي وتأثيراته أبدا لكنه يعتقد ان هذه الحركة تمثل جرثومة سرعان ما ستنتشر. ان ما يحصل كما يقول جدعون ليفي في هآرتس (شعلة اجتماعية حقيقية اشعلت ههنا. وهي لا تزال بعيدة حتى الان عن ذروتها. ومن المحقق أنها بعيدة عن خمودها، فقد أصبح هذا الاحتجاج متلتلا وجارفا ومحولا وكاسحا) أي انها بهذا التوصيف ثورة حقيقية داخلية! وفي هذا الشأن قال عليان الهندي المدير في التوجيه السياسي والوطني والخبير في الشؤون الاسرائيلية: (ان ازمة الاحتجاجات التي تشهدها (اسرائيل) ستمتد الى داخل اروقة الحكومة الاسرائيلية، وهذه الاحتجاجات باعتقادي في نهاية المطاف ستؤدي الى اسقاط حكومة نتنياهو لكن من المؤكد انها ستؤدي الى ظهور معارضة شعبية قوية). مضيفا ان (الاضرار بدأت تتوالى على الحكومة الاسرائيلية، حيث تشير استطلاعات الرأي الى ان اكثر من 80% من مطالب المتظاهرين هي شرعية ومحقة وبالتالي سيؤدي ذلك مستقبلاً الى اضعاف الحكومة خاصة في قضية الانتخابات بينما يقول المحلل الفلسطيني فايز عباس انه (يجب على السلطة الفلسطينية أن تصدر بياناً بأن الثورة الاجتماعية في (إسرائيل) جاءت نتيجة لسياسة الاحتلال وسياسة الإستيطان، والتسلح الإسرائيلي). من جهة أخرى، يقول الصحفي الإسرائيلي (إران زنغر) من القدس على بي بي سي متوجسا في كلامه مرعوبا ان ( لا علاقة المظاهرات بالأوضاع السياسية وانها تتعلق بالطبقات الوسطى في إسرائيل) وانه مع ذلك (على الحكومة أن تواجه هذه المشاكل الصعبة التي تواجهها)، مقرا بوجود مشكلة اقتصادية اجتماعية في الدولة العبرية ليضيف (نحن أمام تغيير جذري في قوانين اللعبة في إسرائيل في ما يتعلق بتحدث الشعب مع الحكومة أو مع قوانين اللعبة). رغم ان بعض الكتاب الاسرائيليين كانوا قد أشاروا سابقا لامكانية امتداد الحريق العربي (أو الربيع) الى (اسرائيل) الا انه ومع وقوع الواقعة فعلا بدأ الصوت الانهزامي يكبر في محاولة للتحلل من امكانية تأثرهم أو تشابههم مع ما يحدث في امة العرب، حيث ينفي المحلل السياسي الاسرائيلي المحافظ برأينا (شاؤول منشي) الشهير بدفاعه عن الحكومة تأثير الربيع العربي فيقول: (ان تأثير الربيع العربي جزئي ويقتصر على شبكات الاتصالات كالفيس بوك، والآن المحتجون في اسرائيل فعلاً اجروا اتصالات وشجعوا بعضهم بعضا على الإحتجاج والتظاهر، وايضا لان المحتجين في اسرائيل يرون ما يجري في الدول المجاورة، ولكن طابع الاحتجاج يختلف)أي ان التأثير في الوسيلة فقط كما يرى منشي بينما في حقيقة الأمر أن الوضع لا يحتلف فالعدالة الاجتماعية والظلم والمطالبة بتغييرات سياسية والحراك الشبابي كان أحد أهم أسباب انطلاق الثورات العربية التي افترشت الساحات والميادين تماما كما يحصل الآن في الدولة العبرية. ان ما تسمى الديمقراطية الاسرائيلية تهتز، فالآن فقط يتحول الثقل في الدولة العبرية من الساسة والجيش الى الناس حقا كما يقول المحللون السياسيون الاسرائيليون، وهو ما كان أكثرية صامتة في ظل أحزاب يمينية يسارية تتقاتل وتتخذ عنهم القرارات بلا اكتراث بمصالحه بحيث تحول الناس في الدولة العبرية الى شياه تجلب الى صناديق الانتخابات، وفي ذلك يقول جدعون ليفي معلقا من (الان فصاعدا سيتصببون عرقا-الحكومة والاحزاب- قبل كل قرار ساخر يتخذونه. فسيخشون الشعب. نختم بما ختم به (ليفي) مقاله وبشكل مثير حقا حيث يدعو للتغيير في النظام حيث يحوصل قائلا:"يجب عليهم-اي المحتجين- ان ينتظروا بصبر عنيد حتى يستكمل المسار كله: لا خفض اجور الشقق فقط بل تغيير الجهاز السياسي والاجتماعي. ولا يحل نقض خيمة ولا طي علم حتى يتغير. ايها الرفاق الاعزاء قد صنعتم تاريخا حتى لو بقي جزء فقط من انجازاتكم. لهذا ابقوا في خيامكم (واخرجوا الى الشوارع) اما الفرصة القادمة فستكون بعد جيل
الربيع - الحريق العريب واسرائيل

02-08-2011
مشاهدة: 851
د.بكر أبو بكر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها