خاص مجلة القدس العدد 327 حزيران 2016 - حـوار: وسام خليفة
ما زالَ العام 2016 يشهدُ العديدَ من المتغيّرات والأحداث المؤثّرة على واقع ومستقبل القضية الفلسطينية. وفي حين لم تأتِ اللقاءات التي عُقدت ما بين حركتَي "فتح" و"حماس" لتفعيل ملف الوحدة الوطنية بنتيجة إيجابية بفعل تعرقل حلّ بعض الملفات، فقد حدّد مجلس الوزراء موعد انتخابات الهيئات والمجالس المحلية في الثامن من تشرين الأول المقبل. غيرَ أن الخبر الأكثر جدلاً كان توقيع اتفاق بين تركيا وإسرائيل ما طرحَ العديد من التساؤلات عن تأثير ذلك على القضية الفلسطينية.كلُّ هذه الملفات وغيرها طرحناها في مقابلة أجرتها "القدس" مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، رئيس كتلتها البرلمانية، عزّام الأحمد.
إلى أين وصلَ ملف الوحدة الوطنية بعد لقاءات الدوحة الأخيرة؟ وما الذي يُعيق تفعيل اتفاق القاهرة؟
الانقسام هو أقسى ضربة وُجِّهت للشعب الفلسطيني منذُ بداية وجودِه، وقد أصبحت ذريعةً استغلَّها الاحتلال للتهرّب من قرارات الشرعية الدولية والاستحقاقات المطلوبة منهم، وعند كل عملية ضغط على إسرائيل لتنفذ أي اتفاق تقول مع اي جهة أتحدّث فتح أم حماس؟
القضية ليست قضيةَ مصالحة فقط، فقد جلسنا طويلاً، وتوصّلنا إلى اتفاق كما هو معروف أن "فتح" وقّعت عليه العام 2009، بينما وقّعت حماس على نفس الورقة وبنفس البنود العام 2011 وأُشهِر الاتفاق باحتفال كبير في القاهرة بحضور عربي ودولي، ولكن لماذا وقّعت حماس على الاتفاق بعد سنتين رغم أنه لم يتغيّر فيه أي شيء؟! هذا يدل على وجود إصرار على التّقسيم. ورغم التوقيع، لم يُنفّذ الاتفاق بعد ذلك، إذ احتجنا الى أكثر من سنة لنحلَّ عقدة من هو رئيس الوزراء، خاصةً أن حماس محترفة في ابتكار التبريرات للتهرُّب من تنفيذ الاستحقاقات. ومرّت الأيام ووُقّع اتفاق الدوحة بضغط من أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، وموُرِسَت ضغوط ليكون الرئيس محمود عبّاس رئيساً للحكومة وقتها باقتراح مني ومن الأخ خالد مشعل، لكنه رفض، وبعد 40 دقيقة من توقيع الاتفاق في الدوحة خرجَ بيان من حماس في غزة يرفضُ الاتفاق، وعندما زارَ مشعل الرئيس عباس في الفندق مساءً سألتُهُ كيف ستنفّذ الاتفاق وقيادة حماس في غزة رفضَتهُ؟ فقال: أنت تعلم أن هناك ثرثرات تخرج من هنا وهناك في مثل هكذا ظروف.. اطمئن. وبعد أسبوع في اجتماع لجنة تطوير وتفعيل "م.ت.ف" الذي يهدف الى جمع كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس لدمجها في المنظمة وتصحيح الأمور بما يتناسب مع الصالح الفلسطيني، طلبَ مشعل إلى الرئيس الاجتماع مع أعضاء حماس الحاضرين، والذين بلغَ عددهم 11 عضو مكتب سياسي، فرتبتُ اجتماعاً بدون حضور مشعل ليُقنِع الرئيس قيادةَ حماس بتنفيذ الاتفاق، لكنهم لم يقتنعوا، فطلبَ مشعل تأجيل تطبيق الاتفاق، والذي كان من أهمّ بنوده تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولم ينفَّذ ذلك حتى العام 2014، أيّ بعد ضياع عامَين من عمر الشعب الفلسطيني. واثر لقاء بين وفد من "م.ت.ف" وحماس في بيت الأخ اسماعيل هنية عُرِف باتفاق الشاطئ، شُكّلت حكومة الوفاق الوطني، وبعد خمسة أيام انتهى الاتفاق من طرف حماس بعد أن هاجمت مليشيات حماس البنوك بسبب أزمة الرواتب التي كانت تعصف بموظّفيها. فلماذا استخدموا العنف بدون إعطاء الحكومة وقتاً لحل الأزمة؟ من الواضح أنّ ذلك بهدف ضرب حكومة الوفاق الوطني. وبعد أيام قليلة شُنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولم تكن الظروف مناسبة لاستكمال ما بدأناه من حوار. وبعد العدوان حاولنا إنقاذ حكومة الوفاق الوطني رغم أزمة حماس مع مصر، فأقنعنا الاخوة المصريين واستجابوا بعقد لقاء في القاهرة بتاريخ 25/9/2014، ولكن الأمور لم تكتمل إذ حدثَت تفجيرات في غزة استهدفت المنصة التي جُهّزت لإحياء ذكرى الرئيس الشهيد ياسر عرفات، كما استُهدفت منازل قادةٍ من "فتح" بعبوات متفجّرة، وأيضاً كل ذلك جرى لتعطيل أي تقدُّم في إنهاء الانقسام، ولن ننسى حجز حماس لوزراء حكومة الوفاق الوطني في الفندق ومنعَهم من ممارسة أعمالهم في وزاراتهم. والآن هناك حكومة ظل هي نفس حكومة حماس السابقة وتطلق عليها حماس المكتب التنفيذي، وهي التي تدير غزة ليتبيّن أن الهدف استمرار حكومة الأمر الواقع، وأن تكون حكومة الوفاق مصدراً يدرُّ مالاً بعد وقف المساعدات عنهم من أطراف عديدة أهمها إيران، وكأنّ المصالحة أصبحت قضية مال وليست متعلّقة بوحدة وطن. وبقيت الأمور هكذا رغم لقاءاتنا في الدوحة بداية شباط وخلال الأشهر القليلة المنصرمة من العام الحالي، لأنّ الحوار كان يتمحور حول قضية الاعتراف بموظّفي غزة، الذين وظّفتهم حماس بعد سيطرتها بالقوة على القطاع، كموظّفين في السلطة الفلسطينية، أي أن الوطن فلسطين اختُصِر بالرواتب كشرط أول لحماس على الطاولة قبل مناقشة أي شيء خاص بالاتفاق، علماً أن اتفاق القاهرة العام 2011 الذي وقّعته حماس نصّ على أن مشكلة الموظفين تحلها لجنة إدارية وقانونية تُفرَز لدراسة الوضع وإيجاد الحلول المناسبة خلال 4 أشهر. أضف إلى أنه كيف لحماس أن تطلب الاعتراف بموظّفي الـ2007 من حكومة لم تُشكّل بعد؟! نحن معنيون بحلّ مشكلة موظّفي غزة، ولكن بطريقة منطقية إذ لا يوجد حكومة في العالم توظّف كل شعبها، وهذا خاضع لمقاييس دولية لأن حجم الموازنة خاضع لحجم الموظّفين، بالطبع نحن لن نتركهم ليموتوا جوعاً لكن اللّجنة الإدارية ستضع حلولاً مقبولة لاستيعاب الذين يمكن استيعابهم وايجاد حلول للآخرين، إذ لا توجد ميزانية كافية لجميع موظّفي غزة. صحيح أن قطر مشكورةً تكفّلت برواتبهم ولكن لمدة 4 أشهر فقط حتى تعمل اللجنة الإدارية القانونية على حلِّ المشكلة، أي أن المشكلة اذا لم تُحَل في 4 أشهر فعلينا دفع الرواتب كسُّلطة، ولا توجد مبالغ مثل هذه لتُدفَع. الاتفاق يقول إن المشكلة تُحَل وفق القانون وطاقة السُّلطة، نعم سيظلم أناس أكفاء ولكنها الظروف، والدول المانحة سبق أن اتهمت السُّلطة بالفساد لكثرة عدد الموظفين فيها وأزمة متفرّغي العام 2005، وحكومة سلام فياض أعانتهم آنذاك على أساس أن وضع البلد وعددَ السُّكان ومساحة الارض هي الأمور التي تعتمد عليها موازنة البنك الدولي، وفي فترة من الفترات اعتُرِضَ على أعداد أفراد الأجهزة الأمنية، ولكن بعد تصحيح الأمور باتَت الوضع أفضل في الضفة الآن وعدم التّصويب فساد إداري.
وبرأيي فحماس حتى الآن لا تمتلك إرادة سياسية لإنهاء الانقسام، ومع ذلك اتفقنا في الدوحة أن نعود خلال أيام، لكن حماس طلبت التأجيل، وقالت إنها ستحدِّد موعداً جديداً في وقت قريب، إلا أنني أقولها وبصراحة لقد مللنا اللقاءات والاجتماعات والاستدراكات كما تسميها حماس، وأنا لا ارى أيّ مبرر لاستمرار المماطلة. ففي لبنان مثلاً، حدثت حرب أهلية سقطَ خلالها آلاف القتلى والجرحى من كل أطراف النزاع ولكنّهم لم يقسِّموا البلد، ولم يشكّلوا حكومة ثانية بل بقي البرلمان يجتمع والحكومة تمارس عملها رغم الحرب الدائرة في الشوارع، وبالأمس قرأتُ عن حوار بين صحفي أمريكي وسياسي لبناني دار حول تمكّن لبنان من الصمود بدون أن يقسَّم مع أن الوضع فيه غير مستقر وتحده الحرب الأهلية السورية التي أثّرت على لبنان، وكان السبب أن اللبنانيين فضّلوا مصلحة الوطن على تقسيمه، في حين أن حماس تستغل الفصل الجغرافي الذي أوجده الاحتلال بين الضفة وغزة للسيطرة على غزة لنصبح حكومتَين وبرلمانَين ورئيسَين. إن مَن يستخدم مصطلح (طرفَي الانقسام) يشجّع الانقسام، فالانقسام ليس فتح وحماس، ولا غزة والضفة، وبعض الفصائل في المنظّمة تعزّز الانقسام باستخدام مصطلحات مثل حكومة رام الله وحكومة غزة، لذا على الجميع تحمُّل المسؤولية. كذلك اكتشفتُ للأسف أنّ هناك قادة فلسطينيين، ومنهم منِ حركة حماس، لم يقرؤوا الاتفاق ولا يعرفون ما فيه من بنود.
المواطن مُحبَطٌ من اللقاءات بدون اتفاقات جديدة فإلى متى سيستمر برأيكَ مسلسل الانقسام؟
بعضُ وسائل الإعلام الجاهلة وأعداء الشعب الفلسطيني يروّجون لهذا الكلام ويحاولون بثَّ الرعب والإشاعات في صفوف الشعب الفلسطيني. أولاً، أريدُ أن أشير الى أنه ليس هناك سوى اتفاق القاهرة ونحن لا نخرج باتفاق جديد في كل اجتماع، بل نجد آليات وتفاهمات لتطبيق الاتفاق، وفي العالم أجمع الأحزاب السياسية والدول تختلف في الآراء وتُعقد اجتماعات كثيرة حتى تحل المشكلة، كبريطانيا مثلاً التي واصل الاتحاد الاوروبي مفاوضتَها طيلة 43 عاماً للقبول بالتزاماته كافة، وخرجَت مؤخّراً من الاتحاد. لكننا للأسف مخترَقون وتؤثّر فينا الإشاعات ووسائل التواصل الاجتماعي وبعض الشخصيات، التي أدّت دوراً في بث الفتنة ومحاولة إحباط الفلسطينيين، وآسفُ لوجود جماعات تصدقهم، وقد شاهدنا مؤخّراً تداول صُوَر لوفد حركة "فتح" خلال سحور في قطر كان بدعوة شخصية للاخ جبريل الرجوب فلبينا الدعوة، إلا أنهم حرّفوا سياقها، وروّجوا أن الوفد يأكل بدلاً من العمل على المصالحة، وهذه المحاولات وغيرها تهدف لإحباط المواطن، وتعبئته على القيادة الفلسطينية، وبثّ فكرة أن الفصائل تتفاوض على أمور لا فائدة منها، وأنّ لا حلّ يلوح في الأفق، وأن الفلسطينيين شعبٌ لا يستحق الحرية والدولة، وأن الانتداب، وهو تحوير الاحتلال، هو الحل، بحيثُ تساعد الدول الشعب الذي احتلّته على التحرر وتحسين أوضاعه ليصبح دولة وكأنهم يقنعون العالم بأن يبقى الاحتلال وصيّاً على الفلسطينيين حتى يصبحوا قادرين على إقامة دولة. وهنا يجب أن أشير الى أهمية أن يتحرّى المواطنون المعلومات وبعدها يبنوا مواقفهم، خاصةً أن العديد من وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية عليها علامات استفهام والجميع يعلم أنّ انشاء وكالة أنباء أصبحَ عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجانياً وغاية في السهولة، بحيث يتم من خلالها التخريب والتضليل.
هل ستشارك حماس في الانتخابات البلدية الـمُقبِلة؟
لقد توجّه رئيس لجنة الانتخابات المركزية الدكتور حنا ناصر الى غزة منذُ ثلاثة اسابيع وتحدّث مع اسماعيل هنية في الموضوع، فوعده الأخير بالرد في وقت لاحق، وحتى اليوم لم يصلنا أي رد. وبرأيي فالجواب واضح، لأن الموضوع لا يحتاج ثلاثة أسابيع من التفكير، بل قد جاء الرد علنياً إذ ان أحد مسؤولي حماس صرّح انهم لا يريدون إجراء انتخابات. ولو أنّ كلّ فصيل أخذَ مدة 3 أسابيع للبتّ في أي أمر لما تحركت الحياة. ولكن ما الضرر من إيجاد لجنة موحدّة للانتخابات البلدية الهدف منها تنسيق انتخابات لخدمة المواطن؟ إن هذا شكل من أشكال التوحُّد، ومن خلال الاتفاق على هذه الأمور نؤكّد للناس أننا بلد وشعب واحد.
ما هو موقف المجلس التشريعي والحكومة من قانون الضمان الاجتماعي المثير للجدل؟
حصل تحرك من الفئات المتضررة التي وقفت ضدّ هذا القانون على مستوى الفصائل جميعها، وكذلك المجلس التشريعي، وقد اجتمعت كل الكتل والقوائم مع الجهات المعنية ومع الحكومة، وكان هناك تجاوب من الجميع، وعقدنا سلسلة جلسات استمرت منذ بروز الأزمة لمناقشة القانون، وأبدى الرئيس استعداده لإجراء أي تعديلات ضرورية مُتفَق عليها، وإلى ان يتم ذلك يبقى القانون مجمّدًا. وبالفعل حصلت اجتماعات ما بين التشريعي والحكومة وما بين التشريعي ومختلف الفئات الاجتماعية المعنية المهنية والاجتماعية بالإضافة للاجتماعات المشتركة، وكانت هناك اقتراحات عديدة وتعديلات هي الآن في اللّمسات الأخيرة، ونأمل أن ينتهي الموضوع خلال أسبوع او أسبوعين، ونخرج بتعديلات مُتفَق عليها، بحيث يكون لدينا قانون عصري، والجميع يؤيّد وجود قانون للضمان الاجتماعي بما فيهم الفئات التي أشرتُ اليها والتي تنتمي جميعها للقطاع الخاص او البنوك والجامعات والعُمّال وليس للقطاع الحكومي الذي لديه قنوات أخرى.
كيف تنظرون للاتفاق الإسرائيلي التركي الأخير؟ وما مدى تأثيره على مصالح الشعب الفلسطيني؟
برأيي هذا الاتفاق نحن لسنا طرفاً فيه، وتركيا في البداية كانت قد وضعت شروطاً عدة بعضها لصالح الشعب الفلسطيني كرفع الحصار، ولكن جزءاً منها لم يتحقّق، وكنا نتمنّى أن تتمكّن تركيا من تحقيقها، ولكنني منذ البداية كنتُ أدرك تماماً أن تركيا لا تستطيع أن تفرض على اسرائيل ذلك، لذا كلمة مصالحة تنطبق على هذا الاتفاق الذي حصل. فمثلاً عندما يتحدثون عن إعمار تركيا لغزة، فهي أصلاً بإمكانها المساعدة باتفاق مع اسرائيل أو بدونه، وهناك مساعدات تقدّمها تركيا للشعب الفلسطيني مشكورة بدون أي علاقة لإسرائيل، وحتى المنطقة الصناعية في جنين بدأ إنشاؤها بمساعدة ألمانية وتركية منذ أكثر من عشر سنوات، وبالتالي الأزمة أو المصالحة التركية الإسرائيلية ليس لها أي تأثير، ولكن تركيا كانت تطمح لتحقيق انجاز معنوي بتقديم المساعدات الغذائية عبر ميناء عائم في غزة، إلا أنها عادت الى الصيغة القديمة اي تقديم المساعدات عبر الموانئ الإسرائيلية. كذلك الحصار البحري باقٍ على حاله فإسرائيل لم تستمع الى العالم بأجمعه لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ولكننا نأمل أن يترك الاتفاق أثراً ايجابياً، علماً أن المصالح التركية الوطنية والأزمات التي تواجهها في سوريا بسبب روسيا هي التي أملَت على تركيا توقيع الاتفاق، ونحن أُطلِعنا عليه ولكنهم لم يشاورونا فيه، مع الإشارة إلى أن تركيا تقدِّم الدعم في غزة والضفة بالتنسيق مع السلطة وحتماً يتم التنسيق مع حماس أيضاً، والأتراك والأوروبيون وحتى الولايات المتحدة والعرب يطلعوننا أولاً بأول على كل مساعداتهم في غزة وينسّقون مع السلطة احتراماً لدورها ولأهمية الشراكة معها.
هل سيؤثّر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على القضية الفلسطينية؟
أولاً هذا قرار بريطاني ليس لنا علاقه به، نحن علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي قوية، وبريطانيا بلد قوي، وشخصيّاً كنت أتمنى بقاء بريطانيا جزءاً من الاتحاد الأوروبي لأنها حتماً ستتأثّر أكثر بالموقف السياسي للاتحاد، خاصةً أنها كانت قد غيّرت مواقفها التقليدية التي كانت معاديةً للشعب الفلسطيني في السنوات الاخيرة، وأول برلمان أوروبي صوّت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين هو البريطاني، وقد تحسّن موقف مجلس العموم البريطاني والحكومة البريطانية إذ يبدو أنّ البريطانيين شعروا بتأنيب الضمير وبمسؤوليتهم عن نكبة الشعب الفلسطيني، والاتحاد الأوروبي له موقف قوي جداً لصالح الشعب الفلسطيني أكثر وضوحًا من الموقف البريطاني، فقد دعم مؤخّراً عقد مؤتمر باريس الدولي للسّلام ونحن نعدُّه دعماً للشعب الفلسطيني، ونأمل بقاءَ الموقف البريطاني السياسي كما هو بدون تغيير وألّا يضعف الاتحاد الاوروبي علماً أننا متفائلون بأن الاتحاد الأوروبي قادرٌ على الحفاظ على تماسكه، وهذا غايةٌ في الأهمية نظراً لكونه إحدى الأدوات التي يمكن أن تؤدي دوراً مهمّاً لإنهاء هيمنة الولايات المتحدة على السياسة والقرار الدولي، وكذلك الأمر بالنسبة للصين ودول البريكس في وجود اتحاد أوروبي قوي يلبي طموحاتنا وتفكيرنا السياسي نحن وكل شعوب العالم.
إلى أين وصلت التحضيرات لعقد المؤتمر السّابع؟
اللجنة التحضيرية قطعَت شوطاً كبيراً في هذا الصدد، وهناك اجتماعٌ قريب للجنة المركزية، وهذا الموضوع على جدول الأعمال، ونأمل بالفعل أن ننتهي من كافة الخطوات المطلوبة وأن يكون الظرف السياسي مناسباً لعقدِ هذا المؤتمر.
برأيك هل "فتح" قادرة على الفوز بالانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية في حال حصلت؟
لقد تعلّمنا في النظام الأساسي لحركة "فتح" أن "فتح" وسيلة وليست غاية، ومصلحة الوطن الفلسطيني أن تجري انتخابات. صحيحٌ أننا خسرنا انتخابات العام 2006 ولكن ذلك كان بسبب تمزُّقنا وليس لأن حماس انتصرت، وفقط من باب التذكير كان لأبناء فتح أكثر من 75 مرشّحاً للمجلس التشريعي خارج الترشيح الرسمي منهم أعضاء مجلس ثوري، ما أدّى لتشتيت أصوات "فتح"، وكذلك ما سُميَت حينها بقائمة المستقبل مثّلت عاملاً سلبياً آخر شتّت أصوات "فتح"، ففازت حماس، في حين أننا لو جمعنا الأصوات سنكون متفوقين. لذا آملُ من كل كادر وكل عضو وكل نصير لفتح وكل وطني فلسطيني أن يلفظ ويتصدّى لأي محاولة لإحداث تقسيم ليس فقط في فتح بل كذلك في أي فصيل فلسطيني. كذلك فالانتخابات جزءٌ من اتفاق إنهاء الانقسام، فإذا لم يكن هناك إمكانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، الرئيس ابو مازن، ونحن معه، طرحَ على اردوغان وعلى امريكا بصفتهم أصدقاء لحماس اننا مستعدون لاجراء انتخابات حتى في ظلّ الانقسام، والذي يفوز فليقد البلد، لأننا نحب الوطن، ونعي أن الغاية هي الوطن، وأن "فتح" هي إحدى الأدوات للوصول إلى هذه الغاية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها