هناك كثيرون لا يميزون بين التضامن مع المعلمين وحقوقهم المطلبية، وبين من يحاول التصيد في الماء العكر، حتى ان البعض حاول عن سابق تصميم وإصرار إسقاط رؤيته الخاطئة على من يملك رأيا او معلومة ما بغض النظر إن اقتنع بها او لم يقتنع بشأن القوى العبثية، التي تحاول استغلال إضراب المعلمين لتصفية حسابات شخصية في النطاقين التنظيمي او الحكومي. حتى ان هذا البعض بات يشكك في كل ما تقوله المؤسسة الرسمية، وسقط في دائرة الخلط بين الممارسات الخاطئة وبين التصريحات او المواقف الصحيحة، حتى بات يرفض كل ما يصدر عنها، والتعامل معها كقوة غير مقبولة. ولا يريد المرء ان يعيد حرفية ما يقال، لانه معيب. وذهب اولئك بعيدا في عوالمهم السطحية حين شككوا في صحة ما ورد في مقالة "احذروا ما خلف الاضراب" من معلومات. وحاولوا عن سابق تصميم وإصرار الخلط المتعمد حين لم يميزوا بين تبني مطالب المعلمين المشروعة والمحقة وبين القوى المتربصة بالشرعية الوطنية. مرة اخرى وبمنتهى الوضوح، مطالب المدرسين محقة ومشروعة، وعلى الحكومة العمل بأعلى درجات المسؤولية لتنفيذها في اقرب الآجال دون تأجيل، ودون تهديد او وعيد لهم. والكف عن استخدام أية اساليب زجرية لا تتوافق والمعايير الديمقراطية. وبالمقابل على المعلمين الانتباه الجيد لما يفترض بالحكومة تنفيذه في الآجال المنظورة، وبين القضايا التي لا علاقة لها بها، مثلا موضوع الاتحاد العام للمعلمين، ليس للحكومة صلة به، واللجان، التي نصبت نفسها ممثلة للمعلمين، عليها ان تتعامل باحترام مع المؤسسة الشرعية لحين عقد المؤتمر العام وانتخاب قيادة بديلة؛ ومطالبة الجميع بالكف عن طرح المبادرات لحل الازمة، مع الاحترام لحرص كل من بادر لاخراج محافظات الشمال من دوامة ازمة المعلمين. لأن "الطبخة إذا كثروا طباخينها بطيش" وبتخرب. واذا كان هناك جدية لمساعدة المعلمين، على الجميع قوى سياسية واجتماعية التوقف عن طرح المبادرات، والتركيز على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وعودة المدرسين لمدارسهم، وحماية العملية التربوية من الضياع، ومتابعة النضال المطلبي لتحقيق اية مطالب جديدة وفق الأسس النقابية؛ والانتباه للقوى التي تدعي الحرص على مصالحهم، والحقيقة عكس ذلك. ولاولئك السذج، الذين اخطأوا اولا المقاربة بين ما يجري في الساحة الفلسطينية وساحات عربية، لأن المعلومات، التي تضمنها مقال "احذروا ما خلف الاضراب"، تم الحصول عليها من مصادر عليمة وموثوقة، ولو اتيحت الفرصة للقوى المتربصة بالشرعية تنفيذ مخططها، لكان المشهد غير ما نعيشه الآن. ثانيا من له علاقة بالصحافة، يدرك أن قيمة اي مقال تتمثل بما يتضمنه من معلومات وتشخيص للحالة والموضوع المثار على اساسها. ثالثا اضف إلى ضرورة التمييز بين المطبلين على الفاضي والمليان وبين من يبحث عن المعلومة، ويحرص على المصالح العليا للشعب. بالتالي ما جاء من تحريض في المقالة آنفة الذكر، كان على من يريد توريطهم في متاهة اغراضه وحساباته الشخصية. رابعا الحريص على المعلمين، عليه ان يكون حريصا بذات القدر على العملية التربوية وعلى حماية طلابنا وحقوقهم المشروعة، لان تعطل العام الدراسي، يصب مباشرة في مصلحة إسرائيل ومن يقف معها. وهذا لا يعني بحال من الاحوال التطاول على حقوق المعلمين تحت يافطة الترهيب باسم الاستغلال الاسرائيلي او الاساءة للمعلمين بالتهديد والوعيد بعظائم الامور، لان مثل السلوك الاخير يتناقض مع النظام الاساسي والديمقراطية الفلسطينية. فيا حبذا لو يكف اصحاب الخيال الضيق عن إسقاطاتهم الرغبوية المتناقضة مع مصالح المعلمين، حتى لو هتفوا بأعلى صوتهم، بانهم مع المعلمين. لأن من يقف إلى جانب مطالبهم، عليه ان يقرأ اللوحة الوطنية من كل الزوايا، لتكون قراءته واقعية ومنطقية وتخدم المعلم والطالب والعملية التربوية ومعركة الدفاع عن المشروع الوطني. لذا انقذوا المعلم من نار حبكم الزائد، وعلى الجهات الرسمية ان تبتعد عن سياسة التلويح بالتهديد للمعلمين، واحترام حقهم في الاضراب والتعبير عن مطالبهم وفق ما كفله القانون والنظام الاساسي.