خاص - مجلة القدس مع بداية الحرب الجديدة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد سبق جميع القادة الاسرائيليين وزعماء الاحزاب والقوى، بافتتاح بازار انتخابات الكنيست الجديد والمقرر مبدئياً في الثاني والعشرين من كانون الثاني القادم، بعدما توافقت القوى والاحزاب السياسية عليه كموعد لاجرائها مبكرة.
وقد استخدم رئيس الوزراء الاسرائيلي ورئيس أكبر تكتل داخل الكنيست الحالي "ليكود بيتنا"، وهو اختصار لتحالف حزبي الليكود. وحزب اسرائيل بيتنا الذي يتزعمه حليفه الارهابي الآخر وزير خارجيته ليبرمان استخدم الدم الفلسطيني مرة جديدة كجواز سفر له ولتكتله لاجتياز الامتحانات الانتخابية الصعبة، في محاولة لحصد الاغلبية التي تؤهله للبقاء على رأس الحكومة، وبالتالي الدعوة الصريحة والواضحة لحليفه ليبرمان للبقاء ضمن التحالف الحالي واقناعه بان هذا البقاء سيضمن له الصفوف المتقدمة في انضمام الكتل البرلمانية، مستبقاً تكرار التجربة الفاشلة التي كان يحاول انضاجها مع شاؤول موفاز، والذي وجه له طعنة في الظهر بتراجعه عن هذا الاتفاق والعودة للحديث عن تحالف مع الاحزاب الاخرى وخاصة حزب كاديما بعدما استطاع جر نتنياهو الى الموافقة على اجراء الانتخابات المبكرة قبل حوالي الـ 6 أشهر ليعود ليتنصل من هذا الاتفاق.
وقد ترافق هذا الموضوع مع اكتشاف نتنياهو ما يمكن ان يقال عنه اتفاقات أولية لكنها تتمتع بامكانية التحقيق في صفوف المعارضة الحالية وفي المقدمة حزب العمل الذي اعلن وزير الدفاع الحالي باراك العودة اليه مفتتحاً خطاً جديداً عن طريق مغازلة الثنائي يهودا اولمرت وتسبني ليفني لتشكيل تحالف جديد على اقصاء نتنياهو عن رئاسة الحكومة وسلبه الاغلبية داخل الكنيست الجديد.
ما أثار حفيظة نتنياهو ايضاً ما تحدثت عنه المعلومات حول اتفاق جديد ما بين شاؤول موفاز من جهة ويهودا اولمرت من جهة ثانية والاستعداد للعمل تحت قيادته من جديد على أساس ان جلسات المساءلة القانونية التي يتعرض لها اولمرت حول الكثير من التهم والفضائح سوف تنتهي قريباً دون ان تؤثر على سمعة اولمرت ومكانته السياسية.
ويضاف الى ذلك تأكد نتنياهو الى قيام خصومه السياسيين بالسعي الى تشكيل تكتل قوي فيما بينهم والخروج من حالة الضعف الحالية، وهي الحالة التي مكنت نتنياهو من التفوق على جميع الخصوم حتى الآن.
ان هذه التحركات والتحالفات الجديدة ستسعى وبالضرورة الى التضخم والتوسع على حساب قاعدته الانتخابية وهو ما سيفقده بالتالي السيطرة على الأغلبية والذي يؤدي بدوره الى فقدانه منصبه على رأس الحكومة الاسرائيلية ولهذا الأمر لجأ نتنياهو الى استباق خطوات خصومه مندفعاً الى شن الحرب العسكرية ضد قطاع غزة وهو اسلوب يلجأ اليه في العادة كل القادة الاسرائيليين الساعيين الى تحسين صورتهم ومواقعهم الانتخابية على حساب الدم الفلسطيني والمدن والقرى الفلسطينية، في محاولة لاضافة رصيد هذه الحرب الجديدة على القطاع الى رصيده السابق الذي راكمه نتيجة لاطلاقه عمليات الاستيطان الواسعة والسير قدماً وبخطى متسارعة وحثيثة لتهويد القدس والسيطرة على مقدساتها وتاريخها وحضارتها ولعل قضية كنيسة القيامة وأزمة مياهها الا واحدة من هذه "المعارك"، التي تعزز له مكانته وحضوره السياسي، اضافة الى المستوطنات وتوسيعها المضطرد والمتسارع.
وذلك بعدما نجح نتنياهو في ايقاف العملية السياسية مع الجانب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية والتنكر لها اضافة الى اعادة احتلال الضفة الغربية وان كان بطريقة غير معلنة من خلال تكثيف الحواجز العسكرية التي تقطع اوصال المدن والقرى والبلدات الفلسطينية بطريقة مكملة ومحكمة للجدار العازل العنصري بالاضافة الى ممارسة سياسة الخنق والضغط على الجانب الفلسطيني لاجباره على التنازل والتراجع في الميدان السياسي الاقليمي والدولي خصوصاً وان القيادة الفلسطينية اصرت ومازالت تصر على الذهاب الى الامم المتحدة وتقديم طلب العضوية المبدئية لدولة فلسطين وهو ما يعني وضعها ضمن صيغة الدولة المعترف بها والتي تقع تحت الاحتلال وهو ما يعني بالتالي تطبيق العديد من القوانين الدولية ذات الصلة والعلاقة وهو ما يؤدي ايضاً الى تأمين الارضية الصالحة لاعلان الدولتين الذي مازالت ترفضه الحكومة الاسرائيلية وعلى رأسها نتنياهو، الذي فقد الكثير من الدعم الدولي بما في ذلك الأميركي الذي يعتبر الأب الحقيقي لهذا الخيار وهو ما أكمله موقف نتنياهو في الانتخابات الاميركية الأخيرة والتي أنحاز فيها الى منافس باراك اوباما الذي نجح بدوره في الاحتفاظ في كرسي الرئاسة الأميركية لفترة جديدة قادمة.
ومن اجل كل ذلك سارع رئيس الحكومة الاسرائيلية وحلفه الحالي مع ليبرمان - باراك الى شن الحرب على قطاع غزة وبوحشية كبيرة سعياً وراء تراكم رصيد يؤهله فيما بعد لخوض الانتخابات على اعتبار ان الدم الفلسطيني وفي كل مرة اثبت انه الناخب الحقيقي والأكبر في ذهنية المجتمع الاسرائيلي وبالتالي فان نتنياهو يسعى الى تسديد فواتير الانتخابات القادمة من الرصيد والحساب الفلسطيني بغض النظر عن شكل الخاتمة التي ستنتهي بها الحرب الجديدة ضد قطاع غزة وبغض النظر عن طبيعة المرحلة القادمة التي ستؤول اليها دون ان ننسى التطورات الاقليمية القريبة والبعيدة والمحيطة بفلسطين وعلى رأسها التبدلات والتحولات في الخارطة السياسية المصرية على وجه الخصوص. لما لهذه التبدلات من تأثير مباشر واساسي على نظام الاوضاع وتحديداً على قطاع غزة المحاذي للحدود المصرية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها